لم يمهل انطلاق الحملة الانتخابية في الساعات الأولى من يوم السبت الماضي، كثيرا جداريات رسمها مجموعة من التلاميذ رفقة أساتذتهم على جدران الثانوية الإعدادية "ابن بطوطة" بمدينة المضيق، بعدما تم مسحها بالكامل، وتعويضها بخانات خاصة بالدعاية الانتخابية. وأقدم "مجهولون" على إخفاء معالم لوحة فنية جماعية أنجزها الفنان التشكيلي يوسف سعدون، رفقة الأستاذ سعيد لكبير، وبمساهمة مجموعة من تلاميذ المؤسسة التعليمية، خلال الموسم الدراسي 2014-2015؛ وذلك بغية وضع خانات خاصة بالدعاية الانتخابية الحالية. وأدان سعدون ما أسماه الإجهاز على الجداريات الفنية، وقال "في الوقت الذي كنت أنتظر من المسؤولين أن يقتدوا بهذه المبادرة الفنية ويعمموها على فضاءات مدينة المضيق الجميلة، أجهزوا على هذه الجداريات، وكأن المكان ضاق ولا توجد به جدران أخرى يمكن أن تستوعب هذه الخانات". وانتقد سعدون، باعتباره مساهما في هذه المبادرات الفنية، ما وصفه ب"الفعل الهمجي والمعادي لكل القيم الجمالية"، مستغربا لمن "سمح لتلك الفرشاة العمياء بمسح عمل فني جماعي، وأعطى بعدا جماليا لمدخل المؤسسة ومحيطها"، داعيا كل الفعاليات بالمدينة إلى شجب هذا الفعل المقيت". وعبر الفنان التشكيلي، في تصريحات لهسبريس، عن أسفه لتلامذته الذين لم يذخروا جهدا في تزيين حوالي 300 متر من جدران الثانوية برسومات تشكيلية جميلة، بكل شغف وفخر واعتزاز، أخذت صدى واسعا على المستوى المحلي"، مضيفا أنه "كان بالإمكان تفادي ذلك الجزء من الجدار واستغلال أطراف أخرى". وأضاف المتحدث ذاته قائلا "إذا كانت الحملة الانتخابية تستهدف قيم الجمال، فإن النتائج تظهر بالمقدمات، كما أن الطريقة التي تم التعامل بها مع الجداريات ليس فيها الحد الأدنى من الاحترام للفن، ولا للمؤسسة التعليمية التي لم تتم استشارة إدارتها نهائيا"، على حد تعبيره. ومن جهته، انتقد يوسف بندوزان، الفاعل الجمعوي ببوجنيبة، ما لحق جدران المؤسسة التعليمية بالمضيق، بعد أن جرى "توسيخ" الجدار بخانات للإعلانات الانتخابية، عقب شهور قليلة من قيام جمعيات مدنية وجمعية آباء وأولياء التلاميذ بصبغ وتزيين الجدار محاولين جعل المدرسة فضاء صحيا لمتابعة الأطفال لدراستهم. وبدورهم، استنكر نشطاء فيسبوكيون مغاربة ما قالوا إنه "تعويض لكل ما هو جميل وراق بما هو فاسد"، ورفضهم ل"رسم شعارات سياسية على جدران مؤسسات تربوية"، فيما سار آخرون إلى اعتبار هذه الخطوات "جريمة في حق الإبداع"، وأن "المجهودات الفنية التي يشتغل عليها مبدعون لسنوات يتم الإجهاز عليها في دقائق معدودة". وأعرب عددٌ من الجمعويين والفنانين عن رفضهم إقدام مسؤولي وزارة الداخلية على محو رسوم فنية من جدران مؤسسات تعليمية عمومية واستبدالها بخانات الإعلانات الانتخابية، مستنكرين ما اعتبروه "تشويه" أعمال فنية قضى خلالها فنانون ومتطوعون ساعات وأياما طويلة في تزيين جدران مؤسسات تعليمية. وأصدرت وزارة الداخلية، قبل قرابة شهر، مرسوما يسمح للأحزاب السياسية بتعليق الإعلانات الانتخابية على أسوار المؤسسات التعليمية وأعمدة الإنارة الكهربائية بالشوارع العمومية، مع إلزام المرشحين بإزالة الملصقات الانتخابية بعد يوم الاقتراع، تحت طائلة التهديد بغرامات مالية. كما ينص المرسوم ذاته على منع تعليق الإعلانات الانتخابية بأماكن العبادة وملحقاتها، والأضرحة والزوايا وأسوار المقابر، والمباني الحكومية والمرافق العمومية، والفضاءات الداخلية للجامعات والكليات ومرافقها والمعاهد، والمآثر التاريخية والأسوار العتيقة، ومحطات الربط بشبكة الهاتف النقال وأعمدة التشوير الطرقي واللوحات الإشهارية التجارية والأشجار.