وجه منتخبون ونشطاء جمعويون انتقادات لاذعة للمكتب المسير لمقاطعة الحي الحسني بالدارالبيضاء، بسبب ما أسموه تبذيرا للمال العام، عقب تعميم ميزانية المقاطعة، التي اعتبروها تتضمن مخصصات مالية لمجموعة من الصفقات، تستدعي تدخل المجلس الجهوي الأعلى للحسابات. ولخص المنتقدون مؤاخذاتهم في مجموعة من النقاط، تتعلق برفع مخصصات البنزين المخصص لأعضاء المقاطعة وبعض موظفيها إلى ما يزيد عن 180 مليون سنتيم، ورصد 80 مليونا لاقتناء ميداليات، يتراوح سعرها في سوق الجملة ما بين 5 و9 دراهم على أبعد تقدير، وتوزيع هبات لجمعيات دون أخرى. وتضمنت محاضر مناقشة الميزانية ذاتها انتقادات وجهها أعضاء من مجلس المقاطعة، ويتعلق الأمر بكل من محمد خيدومي ومصطفى منضور، للطريقة المعتمدة في تدبير مجموعة من بنودها، إذ أشار خيدومي إلى "تبذير الاعتمادات المقترحة في إطار الفصول المتعلقة بشراء عتاد التزيين من الحجم الصغير، الذي خصص له ما يزيد عن 25 مليون سنتيم". مصطفى منضور، العضو المعارض بمقاطعة الحي الحسني، قال إن المكتب المسير "بالغ كثيرا في مجموعة من البنود، وخصص مبالغ خيالية لتسديد حاجيات المقاطعة من البنزين، الذي رصد له مبلغ 180 مليون سنتيم، بدعوى أن حاجيات المنتخبين من المحروقات والزيوت تتزايد؛ علما أن القانون يمنع استفادة الأعضاء المسيرين من تعويضات مادية وعينية في الوقت نفسه"، حسب تعبيره. وأوضح منضور: "في وقت كنا ننتظر تقليص اعتمادات البنزين والمحروقات، وتوجيه جزء منها لأبواب تخدم ساكنة الحي الحسني، نجد أن المكتب المسير، الذي يشرف عليه حزب العدالة والتنمية، عمد في ميزانية 2017 إلى رفع الاعتمادات من 150 مليونا إلى 180 مليون سنتيم دفعة واحدة، أي بزيادة تقدر بنسبة 20 في المائة". المتحدث ذاته أشار في السياق نفسه إلى أن "هناك نوعا من اللامبالاة في الطريقة التي يصرف بها مجلس مقاطعة الحي الحسني ميزانيتها السنوية، التي تقدر بنحو 24.8 ملايين درهم تقريبا"، وزاد: "كيف يعقل أن يقدم مسؤولو المقاطعات على اقتناء ميداليات بقيمة إجمالية تبلغ 80 مليون سنتيم، علما أن سعرها يتراوح ما بين 6 و9 دراهم للميدالية الواحدة؟.. أي إن المجلس خصص هذا المبلغ لاقتناء 90 ألف ميدالية لتوزيعها على رياضيي الحي الحسني، فهل هذه المنطقة تتوفر فعلا على هذا العدد الكبير من الأبطال دون أن نأخذ علما بذلك؟". محمد شكري، الناشط الجمعوي في منطقة الحي الحسني، قال إن الطريقة التي تصرف بها ميزانية المقاطعة، والتي تقارب 24.8 ملايين درهم، "تعكس التجاهل الكبير الذي يجابه أعضاء المكتب المسير به حاجيات ومتطلبات ساكنة المنطقة، خاصة سكان ضواحي الحي الحسني المحرومون من مجموعة من الخدمات الأساسية، كالصرف الصحي والماء الصالح للشرب والمسالك الطرقية الحضرية والمؤسسات الاجتماعية، كدور الشباب والمدارس العمومية". ونفى رئيس مقاطعة الحي الحسني، احمد جودار، وجود أي نوع من أنواع التبذير في صرف المنحة التي يقدمها مجلس مدينة الدارالبيضاء للحي الحسني، قائلا إن "المنطقة تشكل 20 في المائة من إجمالي مساحة الدارالبيضاء، عكس مولاي رشيد وبنمسيك، اللتين لا تمثلان سوى 4 في المائة"، ومعتبرا أن الجانب المتعلق بتأهيل الأحياء الهامشية والدواوير تشرف عليه جماعة الدارالبيضاء. واعتبر جودار أن ارتفاع حجم استهلاك مقاطعة الحي الحسني من المحروقات، التي تبلغ 180 مليون سنتيم في العام القادم، "يعود إلى تهالك حظيرة السيارات"، مضيفا أن "المقاطعة تحرص على توفير النقل للأندية المنضوية تحت العصبة نحو باقي المدن المغربية، وهو ما يفسر ارتفاع قيمة استهلاك الغازوال". وقال رئيس مقاطعة الحي الحسني: "المنحة التي تحصل عليها المقاطعة وجه منها هذا العام نحو 60 في المائة للتدبير المحلي، و40 في المائة للتنشيط المحلي.. كما خصصت مبالغ مالية مهمة لتشجيع الجمعيات، وهو ما يفسر مبلغ 80 مليون، الذي لا يشمل الميداليات فقط، بل يضم أيضا كلا من التحف الفنية والهدايا، وهو مبلغ ليس بالكثير على الجمعيات، سواء الرياضية أو الاجتماعية أو الفنية".