تُثار بين أفراد بعض العائلات المغربية، وخاصة التي تُوصف ب"المحافظة"، نقاشات حادة حول ضرورة الامتثال لتعاليم الدين الإسلامي المرتبطة ب"العيد الكبير"، وبالتالي أكل ثلث الأضحية، وادخار ثلثها، والتصدق بالثلث المتبقي؛ في حين لا يجد ذلك النقاش أي أرضية في أوساط عائلات عديدة، نظرا لاقتصارها على الأكل والادخار فقط، مع التصدّق بكميات قليلة من اللحم في أحسن الأحوال. فاطمة. ن، ربة بيت وأمّ لخمسة أبناء، أجابت بالنفي عند سؤالها عن مدى حرصها على التصدق بثلث الأضحية، مشيرة، في تصريح لهسبريس، إلى أنها تتصدق سنويا بجزء يسير من الأضحية، نظرا لاعتبارات عديدة، ذكرت في مقدمتها حاجة أسرتها إلى تلك اللحوم من أجل استقبال وإكرام الضيوف وباقي أفراد العائلة، خاصة في الأيام الموالية لعيد الأضحى، إذ يغلق الجزارون محلاتهم التجارية. وأضافت المتحدثة ذاتها أن "من غير المنطقي التصدق بثلث الأضحية عند تقطيعها، واللجوء بعد ذلك إلى شراء اللحم، إن توفّر أصلا، من أجل التوسعة على العيال، وضيافة الأقارب، وصلة الأرحام"، حسب تصورها، مستدركة بأن ذلك لا يمنعها من تخصيص كمية معينة من اللحم للفقراء والمساكين، "لكنها لا تصل بالتأكيد إلى ثلث الأضحية". محسن بنزاكور، الأستاذ في علم النفس الاجتماعي، أوضح أن "تكلفة الأضحية تجعل المرء يُفكر في أن التصدق ببعضها يجوز فيه أوّلا"، مضيفا أن "المنتمين إلى الطبقة الفقيرة هم أول من يقبلون على شراء الأضحية التي لم تعُد شعيرة دينية فقط، بل تحولت بشكل جذري إلى عادة اجتماعية، تتحكم فيها عوامل عديدة، من بينها ضغط الزوجات على أزواجهن من أجل شراء أكباش كبيرة، حتى لو اضطروا إلى بيع بعض متاع البيت"، حسب تعبيره. وأكّد بنزاكور، في تصريح لهسبريس، أن "كل المغاربة على اطلاع بالتعاليم الإسلامية في باب الاحتفال بعيد الأضحى، سواء عبر وسائل الإعلام أو منابر خطباء الجمعة والدروس الدينية، لكن العوامل المشار إليها تجعل المناسبة ضمن الظواهر الاجتماعية". وأورد المتحدث ذاته أن "الزوج يضطر إلى إرضاء زوجته وأبنائه عوض الامتثال إلى التعاليم الدينية"، مشيرا إلى أنه "كلما توطدت العلاقة مع الأضحية غاب الدين"، ومضيفا أن "الواقع المادي يفرض وجوده، ويدفع الأسرة إلى التفكير في مدى تكلّفها لاقتناء أضحية فوق طاقتها، ما يدفعها إلى عدم التصدّق بلحمها، مخافة تعميق وضعيتها الهشة". وعن المصنفين ضمن الطبقات الاجتماعية المتوسطة، أوضح بنزاكور أن "عدم تصدقهم بلحم أضاحيهم راجع إلى بخلهم"، مضيفا أن "أغلبهم يُفضلون استهلاك جزء من تلك اللحوم وادخار أجزاء أخرى من أجل إكرام الضيوف والأقارب، عوض التصدق على الفقراء والمحتاجين". "أما الطبقات الاجتماعية الميسور فتختار عدم شراء أضحية العيد بالمرة، وتعويضها بقضاء أيام عطلة العيد في السفر وارتياد الفنادق"، يضيف المتحدث ذاته، خاتما تصريحه للجريدة بالتأكيد أن دراسة سوسيولوجية أجريت حول الموضوع، ومن بين ما أشارت إليه أنه "كلما ارتفع الدخل والمستوى الثقافي للأسر المغربية انخفضت نسبة احتفالها بعيد الأضحى".