من على منبر الاتحاد الأفريقي: الرئيس الفلسطيني يوجه ضربة موجعة للجزائر وصنيعتها بوليساريو    عاجل.. جيبوتي تفوز برئاسة المفوضية الإفريقية    أحوال جوية مضطربة: تساقطات ثلجية وأمطار ورياح قوية (نشرة إنذارية)    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    أسبوع إيجابي في بورصة البيضاء    البطولة العربية للريكبي السباعي بمصر … المنتخب المغربي يتأهل للمباراة النهائية    بولعجول : الشباب فاعل محوري في التغيير    الحسيمة .. توقيف مرشحين للهجرة السرية قرب شاطئ ثيقيث    اللوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية‬ تنتظر الطعون    الأسرى الفلسطينيون يحرقون "ملابس الإفراج"    "الكونفدرالية" تدعو لمسيرة وطنية احتجاجية ضد استمرار الغلاء وتدهور القدرة الشرائية    بنعلي: المغرب من بين الدول ذات التنافسية العالية في مجال الطاقات المتجددة    انقطاع أدوية الاكتئاب بالصيدليات يجر وزير الصحة للمساءلة البرلمانية    تطوان: إجهاض محاولة لتهريب 12 ألف قرص مخدر وتوقيف شخصين، للاشتباه في ارتباطهما بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية. العلم الإلكترونية :عبدالقادر خولاني. تمكنت عناصر الشرطة بولاية أمن تطوان بناءً على معلومات دقيقة وفرتها مصالح ال    أمطار رعدية وثلوج ورياح قوية مرتقبة بالمغرب يوم غد الأحد    تافراوت: الثانوية التأهيلية الجديدة تحتفي بالمتفوقين في أمسية ثقافية متميزة (+صور)    "ليلة شعبانة" تمتع جمهور طنجة    قلة الماشية تهدد عيد الأضحى .. و"حماة المستهلك" يطالبون بحلول ناجعة    الصدارة تشعل الصراع بين فرق المقدمة ومواجهات متكافئة بين أصحاب المراكز الأخيرة    لاعب التنس سينر يعاقب بالإيقاف    المغرب ضيف شرف الدورة ال23 لمعرض إيميكس بمدريد    شركة رائدة في الذكاء الاصطناعي ترفض ملايير إيلون ماسك    ديشامب يرشح زيدان لخلافته في تدريب منتخب فرنسا    إحباط تهريب "مخدر الشيرا" من مطار طنجة    موسيالا يمدد عقده مع بايرن ميونيخ إلى غاية 2030    فرنسا ترحل مستشار تبون من مطار أورلي في باريس وتمنعه من دخول أراضيها    طارق تيسودالي يتألق في ظهوره الأول مع خورفكان ويُتوّج بجائزة أفضل لاعب    الأسرى الإسرائيليون الثلاثة المفرج عنهم يدعون لإتمام صفقة التبادل    مجلس إدارة أوبن إيه آي يرفض عرض إيلون ماسك شراء الشركة    في محاولة للإنتقام الإعلامي.. إسرائيل تنشر صور لأسرى فلسطينيين مكبلين داخل سجونها قبل الإفراج عنهم    المغرب يدعو أمام مجلس السلم والأمن إلى إيجاد حل عبر الحوار يضمن استقرار والوحدة الترابية لجمهورية الكونغو الديمقراطية    صحيفة إسبانية: المغرب قوة صاعدة في صناعة السيارات    "إعلام الجهة" محط نقاش بالعيون    الجزائر وسياسة شراء الدبلوماسيين وأثرها على مصداقية الاتحاد الإفريقي    الجزائر تحتل المرتبة الرابعة بين الدول العربية في صادراتها إلى إسرائيل    "حماس" تسلم 3 رهائن إسرائيليين    لشكر: اللذين يطالبون بوقف التطبيع مٌبتزون ويفتقرون إلى الرؤية الاستراتيجية    شاعر يتألق بثنائية بالدوري الإنجليزي    بعد ساعات من محاولة إنقاذها.. وفاة أم مختنقة بالغاز في طنجة ونجاة رضيعها    مستقبل غامض لخط طنجة – طريفة: نزاع قضائي يعرقل خطط "باليريا"    "يونيفيل" تندّد ب"جريمة حرب" بلبنان    تعديلات محتملة على نظام دوري أبطال إفريقيا ابتداءً من 2026    حملة مغاربة ضد المصرية سرحان    حقيقة تصفية الكلاب الضالة بالمغرب    السينما الصينية تنافس هوليود.. فيلم "نزهة 2" الصيني يحقق إيرادات تتجاوز 10 مليارات يوان ويصنع تاريخاً في عالم الرسوم المتحركة    نجم "الكواسر والبواسل".. رحيل الكاتب السوري هاني السعدي    مكرمو لمجرد يسحبون إعلانات الجائزة    إطلاق موقع أرشيف السينمائي المغربي الراحل بوعناني أكثر من 12 ألف وثيقة تؤرخ للسينما المغربية    زهير بهاوي وسعيدة شرف يلغيان حفل لفائدة الجالية في بروكسيل بسبب محاولات نصب    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    "بوحمرون" يصل الى مليلية المحتلة ويستنفر سلطات المدينة    بنسعيد يبرز بجدة دور الملك محمد السادس في الدعم الدائم للقضية والشعب الفلسطينيين    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    









عن سمو المواثيق الدولية وحكم الناسخ والمنسوخ!
نشر في هسبريس يوم 25 - 05 - 2011

مع قرب انتهاء عمل اللجنة المكلفة بالتعديلات الدستورية، اشتد النقاش حول دسترة سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية من عدمه، وتباينت مواقف الأحزاب السياسية بهذا الصدد في المقترحات التي قدمتها للجنة المعنية، وفي حالة ما إذا تبنت اللجنة سمو المواثيق الدولية دون تحفظ، فإن هذا من شأنه أن يضع فقهاء القانون الدستوري أمام إشكالية التناقض بين بعض بنود الدستور، أعني إسلامية الدولة وسمو المواثيق الدولية، ولهذا يبدو غريبا صمت المجلس العلمي الأعلى في هذا السياق.
إن نسخ بعض الأحكام الشرعية بالقانون الدولي ( الوضعي) سابقة لم يتطرق إليها الأصوليون، الذين يعرّفون النسخ برفع الحكم الثابت بخطاب متقدم، بخطاب متأخر متراخ عنه، ويكون في الأحكام دون الأخبار والعقائد أو القيم لأن هذه لا تتبدل ولا تتغير.وكان الهدف منه غالبا التدرج في تنزيل الأحكام على قوم حديثي العهد بالكفر.
قالت عائشة رضي الله عنها: "إنما نزل أول ما نزل من القرآن سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام.
ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر؛ لقالوا: لا ندع الخمر أبدا..
ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا..
لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، ". رواه البخاري في فضائل القرآن.

وبما أن الناسخ قاض على المنسوخ ومهيمن عليه، فلا يجوز أن يكون إلا مثله أو أفضل منه، لقوله تعالى : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها).
ولهذا أجازوا نسخ القرآن بالقرآن، واختلفوا في نسخ القرآن بالسنة، فمنعه الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه وأهل الظاهر، بينما ذهب جمهور المتكلمين والحنفية والمالكية إلى جوازه، لأن السنة وحي بالمعنى دون اللفظ.
وذهب الجمهور إلى منع نسخ الحكم الثابت في القرآن عن طريق الإجماع، بينما أجازت طائفة قليلة وقوع ذلك، يقول ابن تيمية : " ولا يجوز لأحد أن يظن بالصحابة أنهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أجمعوا على خلاف شريعته، بل هذا من أقوال أهل الإلحاد، ولا يجوز دعوى مخالفة ما شرعه الرسول بإجماع أحد بعده كما يظن طائفة من الغالطين، بل كل ما أجمع المسلمون عليه، فلا يكون إلا موافقا لما جاء به الرسول لا مخالفا له، بل كل نص منسوخ بإجماع الأمة فمع الأمة النص الناسخ له..."
ويقول في موضع آخر : " فليس في الصحابة من يسوغ لنفسه تغيير الحكم الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن اعتقد أن الصحابة قصدوا الإجماع على ما يخالف نص الرسول فيجب أن يستتاب، لأن هذا طعن في الصحابة. وغاية ما يمكن أن يقع من أحدهم هو أن يجتهد في بعض المسائل فينازعه غيره في ذلك الاجتهاد، كما اجتهد عمر في منع المؤلفة قلوبهم من حقهم في الزكاة الثابت بالكتاب والسنة، باعتبار أنه رأى أن الله أغنى المسلمين عن تألف غيرهم بعد أن أعزهم الله بإظهار دينه. فترك عمر إعطاء هؤلاء من الزكاة كان لعدم الحاجة إلى تألفهم، وليس ذلك من قبيل نسخ النص بالاجتهاد".
ومن المعاصرين اليوم من يرى أن الأحكام المدنية في القرآن هي أحكام دنيوية مرتبطة بظروف التنزيل، وبالتالي هي قابلة للاجتهاد،ولكن ليست هناك أقلام راسخة تناولت هذا الموضوع الخطير بالبحث المعمق، وهذا من آثار إقصاء العلماء عن الخوض في الشأن العام، وإشغالهم بإصدار الفتاوى حول "البوكيمون" و"إرضاع الكبير" و"زواج الصغيرة" و"وجماع الجثة"!!...
أما أن يقال إن بعض أحكام الشريعة تخالف المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كقطع يد السارق وجلد الزاني وحد اللواط وحد الخمر وحكم المرتد، باعتبارها أحكام قاسية، أو عدم التسوية بين الذكر والأنثى في الميراث، وأن الدول الموقعة على تلك المواثيق ملزمة بإلغائها، وهذا معنى سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية، فهذا لا يعدو أن يكون وجها من أوجه الاستعمار الحديث، الذي ألغى عمليا هذه الأحكام واستبدلها بالقوانين الفرنسية أو البريطانية بعد أن وطئت أقدامه أرض الإسلام، وسعى لإنشاء محاكم مدنية خاصة بالأمازيغ يتحاكمون فيها إلى ما عرف بالألواح السوسية، رغم قساوتها إذا ما قورنت بأحكام الشريعة.وهذا كله من أوجه نسخ حكم النص دون نسخ تلاوته بالباطل !!
وقد حصل مثل هذا في القرن السابع الهجري مع دخول التتار بلاد المسلمين وسقوط الخلافة في بغداد، فكانوا يحتكمون لقانون " الياسة" في الشؤون المدنية، وكانت أحكام قاسية إذ معظمها أحكام بالقتل، وأفتى الأئمة، كالحافظ ابن كثير الذي عاصر فتنة التتار ببطلانها، ولكن القوي يفرض دائما منظومته التشريعية لأنها أساس ربح معركة القيم، وهي اليوم على أشدها بين الغرب والإسلام.
إن ما أنتجته البشرية اليوم من مواثيق خاصة بحقوق الإنسان، في معظمه موافق للفطرة البشرية،وبالتالي لا يتناقض مع مبادئ الشريعة ومقاصدها العامة، إلا في بعض الجزئيات كما يقول الدكتور أحمد الريسوني، وهذه الجزئيات تمثل خصوصيات من شأنها أن تحتفظ للأمة بهويتها، أما دسترة سمو المواثيق الدولية فهو بمثابة توقيع على بياض في ما يتعلق بمستقبل هوية الأمة، وهي التي لم تشرك في صياغة تلك المواثيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.