التونسيون يصوتون في انتخابات الرئاسة وأبرز منافسي سعيد في السجن    ترامب يعود لمكان محاولة اغتياله: "لن أستسلم أبداً"    23 قتيلا في غارات اسرائيلية على لبنان    جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    معرض الفرس الدولي في نسخته 15.. غاب عن فعالياته رواق وعروض ال DGSN    الريال: كارفاخال يعاني 3 إصابات خطيرة    انطلاق برنامج الحملات الطبية المصغرة لفائدة الساكنة القروية بإقليم إفران    مغاربة يحيون الذكرى الأولى ل"طوفان الأقصى" بمسيرة وطنية حاشدة    البرتغال تؤكد على الشراكة الاستراتيجية "الأساسية" بين الاتحاد الأوروبي والمغرب    جمعية هيئات المحامين بالمغرب تدين بشدة العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان    أمن طنجة يحقق مع سيدة هددت شابة بنشر فيديوهات جنسية لها    نحو عشرة ملايين تونسي يصوتون في انتخابات رئاسية تبدو نتائجها محسومة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد بالمغرب    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    مضيان يقود لائحة كبار المغادرين لقيادة حزب الاستقلال وأدمينو أبرز الملتحقين    مغاربة ينعوون وفاة الفنانة نعيمة المشرقي: فنانة محترمة وماخذات حقها فالساحة الفنية (فيديو)    التعادل يحسم مباراة الحسنية والوداد    أخنوش: المغرب يعزز قيم الفرنكوفونية    عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    هكذا علقت هولندا على قرار المحكمة الأوروبية وعلاقتها بالمغرب    رغم تراجعه عن مطالبته بوقف تسليح إسرائيل.. نتنياهو يهاجم ماكرون: سننتصر معك أو من دونك وعارك سيستمر لوقت طويل (فيديو)    منتخب U20 يواجه فرنسا وديا استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    "أندلسيات طنجة" يراهن على تعزيز التقارب الحضاري والثقافي بين الضفتين في أفق مونديال 2030    ENSAH.. الباحث إلياس أشوخي يناقش أطروحته للدكتوراه حول التلوث في البيئة البحرية        إنزال كبير لطلبة كليات الطب بالرباط في سياق الإضرابات المتواصلة -فيديو-    حزب الله: التواصل مع صفي الدين "مقطوع"    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    مصدر ل"برلمان.كوم": المغرب يواصل تنويع شراكاته ويمدد اتفاقية الصيد مع روسيا.. وقرار العدل الأوروبية عزلها دوليا    الفنانة المغربية نعيمة المشرقي تغادرنا إلى دار البقاء    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة        "احذروا".. زخات رعدية قوية مصحوبة ب"التبروري" وبهبات رياح غدا الأحد بعدد من المناطق        وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)        البكوري: عملنا يستند على إعمال مبدأ القانون في معالجة كل القضايا مع الحرص على المال العمومي    الجامعة تحدد أسعار تذاكر مباراة الأسود وإفريقيا الوسطى    من قرية تامري شمال أكادير.. موطن "الموز البلدي" الذي يتميز بحلاوته وبسعره المنخفض نسبيا (صور)    استجواب وزيرة الانتقال الطاقي أمام البرلمان عن الفجوة بين أسعار المحروقات في السوقين الدولية والوطنية        السكوري يُطلق منصة رقمية لخدمة التشغيل    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    قافلة المقاول الذاتي تصل الى اقليم الحسيمة    وزير الإعلام الفلسطيني يزور مقر الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالدار البيضاء    محكمة التحكيم الرياضي تخفف عقوبة توقيف بوغبا    "ميتا" تعلن عن إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي جديد    طقس السبت ممطر في بعض المناطق    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة الشعبية وولادة المجتمع
نشر في هسبريس يوم 25 - 05 - 2011

" إن البشر ليسوا كتل حجارة صلبة ينهون مشوارهم كما بدؤوه بل هم كائنات حية تتفاعل مع الكون لذلك تراهم وهم يقومون بفعل تغيير الكون يتغيرون هم أيضا، فالثورة هي ولادة إنسان جديد ومجتمع جديد"
لن نتحدث عن سيكولوجيا الثورة، لا متى ستشتعل ولا كيف ستتأجج في غفلة من أعين الأنظمة المتلصصة وأجهزتها المخابراتية التي تحصي الأنفاس ولا تكاد تخفى عليها خافية، فهذا غيب لن يستطيع نظام بوليسي طاغي التكهن بها مهما امتلك من حاسة سادسة ومهما جمع حوله من كلاب الحراسة من منجمين وعرافين وكهان، فالثورة زئبقية أشبه ما تكون بزلزال أو تسونامي لا أحد يعرف في أية ساعة ستشتعل ولا في أي مكان ستتوقد، لكنها الثورة لابد أن تتفجر لتغير من شروط اللعبة القذرة والأنساق الاستبدادية بالشكل الذي يسمح بتجاوز حالة الثبات والاستمرارية وهذا لن يتم إلا من خلال سياقين مختلفين: أولهما نهاية الخرافات و التعزيمات التي تنسجها السلطة التوتاليتارية حول نفسها باعتبارها ضمانة الاستقرار والسلم الاجتماعي ولو بقوة الإكراه البدني والمعنوي، وبهيمنة المخططات الطبقية التي تغذي كل أشكال الجوع والتخلف والتبعية، وثانيهما التجسيد الحقيقي للإرادة الشعبية التواقة إلى الحرية والكرامة وللوعي التاريخي الذي يرى أن التغيير هو صيرورة مجتمعية طبيعية تعبر عن حركية المجتمع ودرجة حيويته، ولهذا فإن المجتمع الذي لا يطالب بالتغيير هو مجتمع ميت، وأيضا المجتمع الذي لايتفاعل مع المتغيرات ولا يساهم في تغيير نفسه بنفسه هو مجتمع محنط بالتعزيمات، و أنه لا محالة سينقرض.
و تأسيسا على هذا فإن المجتمعات الحية هي تلك المجتمعات التي تواظب على التغيير لإيمانها أن الثبات يكرس الجمود وأن الاستمرارية تجسد التكلس، وأنهما، أي الثبات والتكلس هما العنوان الصريح على شهادة موت المجتمع، وما دام موت المجتمع من الناحية الرمزية إعلان عن جريمة قتل غادرة ارتكبتها الأنظمة الرجعية ببرودة دم لتستمر في رعاية مصالحها والاستفراد بامتيازاتها، ولايهم إن فني المجتمع برمته، وكأن هذه الأنظمة الشمولية تمثل أحسن تمثيل مقولة الدكتاتور جوزيف ستالين الذي كان يقول بأن موت مليون هو إحصاء لكن موت إنسان واحد
هو مأساة، وبالفعل فإن موت المجتمع بأكمله في نظر الأنظمة الشمولية لا معنى له و لا قيمة له في مقابل موت النظام الذي لا يتوانى في قتل و تشريد وتجويع المجتمع لكي يظل هو السيد والمجتمع برمته هو العبد المطيع، ولأن المجتمع مهما ذاق من ألوان الاستبداد والظلم والتهميش لابد وأن تهزه النخوة والشهامة للكفاح من أجل حريته، هذه الحرية التي يعتبرها فريديريك هيجل الوسيلة الوحيدة للازدهار والتقدم، وأنه لابد من الصراع من أجلها بالغالي والنفيس لأنها هي الجوهر الإنساني الوحيد الذي يضمن للإنسان الحق في التقدير والاحترام، و لهذا فالمجتمعات الحرة هي دوما تلك المناضلة من أجل إنسانية الإنسان وحقه في الاختيار الحر، وهي أيضا المكافحة والمستعدة للموت من أجل أن يحيا الجميع أحرارا في وطن حر، فالإرادة في الحياة لا يمكن أن تتحقق إلا بمجابهة الموت لتحطيم معادلة العبد والسيد، ولتغيير هذه الجدلية التاريخية التي استأصلت في النفوس والعقول وأصبحت مسلمة لا فكاك منها، ولئن كان الغرب قد قام بثورات متلاحقة حطمت معادلة العبد والسيد ونظمت و عقلنت المجال السياسي، فإن العالم العربي والإسلامي لا زال يرزح تحت نير الاستبداد الشرقي، ولازالت العقلية المستحكمة لدى النظام العربي والإسلامي الرسمي هي مزيد من الإمعان في التضييق على الحريات، ومزيد من التبخيس من قدرات الإنسان العربي والمسلم واعتباره غير مؤهل للحياة، وحتى إذا ما هب الشعب على الشارع ليعبر عن رغبته في التغيير والإصلاح فإن الأنظمة الرسمية لا تحتمل ذلك الحراك الاجتماعي فتعتبره مؤامرة خارجية محبوكة تستهدف أمن واستقرار الوطن، وأن من يقوم بتأجيجها هم حفنة من العملاء المأجورين، هناك من أفسد عقولهم وهو من يحرضهم على إثارة القلاقل والفتنة، وما دامت الأنظمة العربية والإسلامية قد ألغت من أجندتها مسألة التغيير وسؤال الإصلاح واستحلت الثبات لاعتقادها الغبي أن اديولوجيتها الرسمية ومليشياتها الأمنية لن تقهر أو تهزم، وأن الجماهير الشعبية المغلوب على أمرها لن تستطيع حراكا، لكن الواقع يثبت أن هذه التمثلات والقناعات قد سقطت مع ربيع الثورات العربية التي أكدت على أن الشعب هو من سينتصر في الأخير، وأن إرادة الشعب لايمكن أن تقهر ما دامت تكافح من أجل الحرية والكرامة، وأن الطغاة لامكان لهم إلا في مزبلة التاريخ..
* كاتب مغربي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.