مراكش.. توقيف أربعة أشخاص بينهم صيدلي وحجز 6934 قرصا طبيا مخدرا    إسكوبار الصحراء... رئيس جماعة سابق يقول إن تهريب المخدرات عبر الحدود المغربية الجزائرية ليس بالأمر الهين    قادما من الشمال.. المجلس الحكومي يصادق على تعيين محمد عواج مديرا للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة    مجلس جماعة تزطوطين يرصد أزيد من 270 مليون سنتيم لتزفيت الطرق خلال دورة فبراير    رئيس النيابة العامة يتباحث مع رئيس ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية    إسرائيل تدعو لتسهيل مغادرة سكان غزة وحماس تطالب بقمة عربية عاجلة    التهراوي يكشف الخطة المعتمدة للحد من انتشار "بوحمرون"    فوزي لقجع يتفقد ورش تأهيل مركب محمد الخامس ويعلن موعد إعادة فتحه (صور وفيديو)    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية    بايتاس يكشف الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة بشأن لقاح التهاب السحايا    تخفيضات تصل إلى 5%.. تفاصيل امتيازات "جواز الشباب" في السكن    تقرير يدق ناقوس الخطر إزاء الوضعية الحرجة للأمن المائي والغذائي والطاقي بالمغرب ويدعو لتوحيد الجهود    الأرصاد الجوية تكشف استقرار الأجواء وتترقب تساقطات محدودة بالشمال    مقاولات: مناخ الأعمال "غير ملائم"    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب وسط استمرار المخاوف من حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة    ريال مدريد يحجز بطاقته لنصف نهاية كأس ملك إسبانيا على حساب ليغانيس (ملخص)    شركة الطيران تطلق خطين جويين جديدين نحو المغرب الاقتصاد والمال    عرض الفيلم المغربي "طاكسي بيض 2" في لييج    نقابي بالناظور يتوعد حزب أخنوش بالهزيمة في الانتخابات: العمال سيحاسبون الحكومة في صناديق الاقتراع    مجلس المستشارين يعقد جلسة عامة لمناقشة عرض السيدة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات    نورا فتحي بخطى ثابتة نحو العالمية    وزير الداخلية الإسباني يكشف مستجدات فتح الجمارك في سبتة ومليلية    إنتاجات جديدة تهتم بالموروث الثقافي المغربي.. القناة الأولى تقدم برمجة استثنائية في رمضان (صور)    رونالدو يطفئ شمعته الأربعين..ماذا عن فكرة الاعتزال؟    افتتاح معرض اليوتيس 2025 بأكادير    اخشيشين يؤكد دور الدبلوماسية البرلمانية في توطيد التعاون بين الدول الإفريقية المنتمية للفضاء الأطلسي    السلطات تمنع جماهير اتحاد طنجة من التنقل إلى القنيطرة لدواعٍ أمنية    البرازيلي مارسيلو يعتزل كرة القدم بعد مسار حافل    إشاعة إلغاء عيد الأضحى تخفض أسعار الأغنام    بدر هاي يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل اعتقاله    "جواز الشباب" يخدم شراء السكن    عجلة الدوري الاحترافي تعود للدوران بمواجهات قوية لا تقبل القسمة على اثنين    برامج رمضان على "الأولى": عرض استثنائي وإنتاجات درامية وكوميدية بحلة جديدة    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    مرصد أوروبي يكشف أن "يناير" الماضي الأعلى حرارة على الإطلاق    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    تفاصيل المصادقة على اتفاقية لتهيئة حديقة عين السبع    مصدر خاص ل"الأول": "طاقم تونسي لمساعدة الشابي في تدريب الرجاء"    مواجهات عنيفة بين الجيش الجزائري وعصابة البوليساريو بتندوف (فيديو)    عضو في الكونغريس الأمريكي يضغط على قيس سعيّد ويقترح قانونًا لمعاقبة نظامه    المغرب يعزز قدراته الدفاعية بتسلم طائرات "بيرقدار أكينجي" التركية المتطورة    الاتحاد الأوروبي: "غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية"    فيديو: توافد المئات من المعتمرين والحجاج على معهد باستور بالدار البيضاء للتلقيح ضد التهاب السحايا    شرطة ألمانيا تتجنب "هجوم طعن"    "قناة بنما" تكذب الخارجية الأمريكية    القوات الإسرائيلية تخرب 226 موقعا أثريا في قطاع غزة    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بالتخطيط ل"هجرة طوعية" من غزة بعد مقترح ترامب للسيطرة على القطاع    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    7 أطعمة غنية بالعناصر الغذائية للحصول على قلب صحي    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تفريخ الأحزاب إلى الترحال السياسي .. هي فوضى؟
نشر في هسبريس يوم 07 - 09 - 2016

مما لا شك فيه أن التعددية الحزبية في الدول الديمقراطية أو حتى السائرة في ذلك الطريق هي ظاهرة صحية تعكس الأطياف الموجودة على صعيد تلك الدول باختلاف ألوانها و انتماءاتها و إيديولوجياتها المتناغمة حينا و المتنافرة أحيانا، و من الظواهر الصحية سياسيا –إن جاز التعبير- كذلك ظاهرة وجود حزبين أو ثلاثة أحزاب قوية تضمن تنافسا سياسيا يمكن القول أنه قد ينعكس بشكل أو بآخر لفائدة المجتمعات، مثلا الحزب الديمقراطي و الجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية، و كذلك في فرنسا أو إسبانيا... حزبين قويين أو حتى ثلاثة تتصدر المشهد و تتنافس على ثقة المواطن و على خدمتهم بالدرجة الأولى.
غير أنه و بالرجوع للحالة المغربية، و رغم ما تقتضيه الضرورة من القول بأن الانفتاح السياسي و قواعد اللعبة الديمقراطية، إضافة لكون القوانين تسمح بحرية تأسيس الأحزاب لا سيما عندما تتم الاستجابة للمعايير و المقتضيات المنصوص عليها في القانون 29.11 لسنة 2011 و المتعلق بالأحزاب السياسية. لكن واقع الحال أن هذه الممارسة الديمقراطية ساهمت في خلق واقع شاذ يتجلى في تفريخ و تشرذم و تشظي الأحزاب السياسية في المغرب (33 حزبا على ما أعتقد)، و هو رقم مهول بصراحة، إذا ما علمنا أن المجتمع المغربي، و بأخص الخصوص فئة الشباب عازفة بشكل كبير جدا عن المشاركة و الانفتاح على المجال السياسي عامة و الحزبي خاصة.
فبغض النظر عن الأحزاب التي تعد مرجعية -في تقديري- بالنظر لحجم قواعدها و تمثيليتها في مجلس النواب و نشاط شبيبتها، حيث نجد في التصنيف الأول أحزابا مثل العدالة و التنمية و الأصالة و المعاصرة و الاستقلال و الاتحاد الاشتراكي بشكل أقل، و نجد في التصنيف الثاني أحزابا مثل التقدم و الاشتراكية و الحركة الشعبية و الاتحاد الدستوري و التجمع الوطني للأحرار، فإن باقي الأحزاب مع كل احتراماتي لها تبدو شكلية بل و لن أجد أية غضاضة إن قلت أنها شبه وهمية على غرار جمهورية البوليساريو الوهمية مع الفارق طبعا في التشبيه، حيث أن وجه الشبه أن كلا من الأحزاب الصغيرة خارج التصنيفين المشار إليهما أعلاه تبقى دون فاعلية تذكر باستثناء بعض الأنشطة و المؤتمرات هنا و هناك مما يجعلها أقرب للجمعيات أو مراكز البحث أو صنفوها كما تشاءون، شأنها شأن جبهة البوليساريو التي تقول أنها الصحراء جمهورية و هي لا تسيطر على الأرض !!!
السؤال المطروح و المنتظر إجابته، ما معنى أو ما فائدة تأسيس حزب لا يتعدى عدد أعضائه عدد سكان مجمع سكني من الحجم المتوسط؟ و ما الغاية المتوخاة من تأسيس حزب لا يستطيع الحصول في الانتخابات (جماعية أو برلمانية) على عدد أصوات يساوي عدد أصابع اليد الواحدة؟ بل ما الفائدة من تأسيس حزب فلان أو حزب علان (حزب شخصي) على غرار شركة الفرد الواحد الذي يكون رئيسا و مديرا عاما و أمين صندوق و الناطق الرسمي و و و ....
أعتقد أنه آن الأوان للقطع مع ظاهرة تفريخ الأحزاب نهائيا، و ذلك إما من خلال الرفع من عدد الأعضاء المسموح لهم بتكوين حزب مثلا، أو من خلال إلزامية تغطية الحزب المراد إنشائه لكافة أو لجل التراب الوطني، أو بتشديد شروط انفصال جناح ما داخل الحزب لتكوين حزب مستقل، على غرار شروط الطلاق الصعبة جدا، أو بالشطب على أي حزب لا يحصل على معدل أدنى من الأصوات أو من المقاعد في الانتخابات....
لست هنا بوارد الدخول في جدل و متاهات النقاشات عن الحد من ممارسة الديمقراطية، فعدد الأحزاب ليس مؤشرا و لا دليلا على الديمقراطية، فهذه الأخيرة –كما أزعم- لا تكون بتأسيس عشرات الأحزاب، بل تكون بالفاعلية في الميدان و بالقدرة على التأثير في الواقع، و في العمل الدءوب على خدمة المواطن. و للاستئناس يكفي الاطلاع على تجارب الدول الديمقراطية التي سقتها في بداية المقال مثل أمريكا و غيرها، أحزاب قليلة (حزبين أو ثلاثة) مع فاعلية كبيرة و خدمة للمواطن، أفضل من 50 حزب و 20 نقابة مثلا و في الأخير تكون الحصيلة صفرا كبيرا على الشمال.
و في الحقيقة، توجد ظاهرة أخرى لا تقل بشاعة و غرابة عن ظاهرة تفريخ الأحزاب السياسية، إنها يا سادة يا كرام ظاهرة الترحال السياسي !!!
لطالما سمعنا عن ظاهرة ترحال البدو من بادية إلى أخرى بحثا عن الماء و الكلأ للمواشي، أو خوفا من غارات القبائل المجاورة التي تسبي أموالهم و نسائهم... و لكننا اليوم بصدد الحديث عن ظاهرة ليست بذلك القدم، إذ تعتبر ظاهرة معاصرة نسبيا.
فلا تكاد تقترب أية انتخابات- البرلمانية بالخصوص- و مع تصاعد الحمى المصاحبة لها، إلا و نسمع عن انشقاق زيد من الحزب أ، و انضمام عمرو إلى الحزب ب، و العجيب الغريب المضحك المبكي، هو أن السيد المنشق المحترم يمضي سنوات و هو "غافل"، ليستيقظ فجأة و يؤنبه ضميره، عندما يكتشف أن الحزب الذي انتمى إليه كل تلك السنوات حزب "فاشي" أو "فاشل" أو "دكتاتوري" أو أو أو ..... و لكن لما تكلف نفسك عناء البحث تجد و بالضرورة، أن السادة المنشقين المبجلين لم يحصلوا على تزكية حزبهم السابق في الانتخابات، فالتحقوا بمعسكرات أحد المنافسين، و غالبا ما يكون الحزب المنضم إليه هو الغريم اللدود للحزب المنشق عنه، من باب المكايدة و من باب "الشو"، و أحيانا لمآرب أخرى لا يعلمها إلا الله و السيد المنشق.
في تقديري أن هذا النوع من الفعل السياسي أو الممارسة السياسية الغريبة و الغبية لا يجب أن تستمر طويلا، إذ تعكس نوعا من الاحتقار للمواطن و التلاعب به، و ذلك أن السيد المنشق يبين مباشرة للشعب أنه شخص مصلحي و انتهازي من الدرجة الممتازة، و كأن لسان حاله يقول: "اعذروني فقد اخترت أن أنوركم متأخرا، فبعد سنوات من الارتماء في أحضان حزبي، اكتشفت فجأة أنه ليس جيدا، و أن مسيريه ذئابا، اعذروني فأنا لم أنفصل عن حزبي حرصا على حقوقكم مثلا، أو رغبة في خدمتكم و في ضمان الأفضل لكم، بل قمت بالانشقاق بداعي المصلحة الشخصية، أو بدافع الحقد و التشفي و الانتقام تجاه من أقصوني سواء كانوا محقين في ذلك أو مخطئين". المهم أنه في كل الحالات و بكل الحسابات لا تعدو هذه الظاهرة إما أن تكون تصفية لحسابات سياسوية أو انتخابوية ضيقة، أو بكل بساطة مصلحية بحتة، أو هما معا، و بالقطع ليس لهذه الظاهرة المشينة المنبوذة أدنى علاقة بالرغبة في تحسين عيش المواطنين أو صون كرامتهم أو خدمتهم، مهما اتخذت هذه الأسباب كمطايا و تبريرات لفعل الانشقاق، و بالتالي فليس لها إلا الإدانة و الرفض.
أخيرا، و خارج قوس ظاهرتي التفريخ و الترحال السياسيين، أود التأكيد على أن تمثيلية المرأة و الشباب داخل الأحزاب السياسية، في دول شقيقة مثل تونس –بالطبع لن أقارن بأوربا أو أمريكا-، تجعلني كمغربي أحس بنوع من الغبن، نظرا لكون الأحزاب السياسية في بلدنا ما زالت متأخرة جدا، بل متخلفة عن الركب. حيث لا تعدو تمثيلية المرأة و الشباب أن تكون فعلا مسألة شعاراتية لا أقل و لا أكثر، يتم ترديدها و استهلاكها بطريقة ببغاوية، من باب الحرص على المظهر و الشكل الذي يوجبه القانون فقط، و الذي يلزم الأحزاب بتواجد نسبة تمثيلية للنساء و الشباب. في حين أن واقع الأمر، و بالخصوص في المناصب القيادية و التأثير على القرار داخل الأحزاب، يعكس أن النساء و الشباب داخل الأحزاب السياسية في المغرب مجرد "ديكور"، و أنهم لا زالوا خارج إطار الصورة، اللهم إلا إذا كان المقصود هم شباب ثورة الملك و الشعب مثلا و الذين هم الآن في أرذل العمر و هم من يملك كل السلطات و الصلاحيات داخل الأحزاب بشكل فعلي.
*باحث في الإعلام و القانون و مقاربة النوع الاجتماعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.