على بُعد أيام من الانطلاق الفعلي للدراسة بالمؤسسات التعليمية عبر مختلف أرجاء المغرب، اختار نشطاء فيسبوكيون مغاربة أن يطلقوا نداء على مواقع التواصل الاجتماعي يروم المطالبة ب"مدرسة عمومية موحدة ومجانية لجميع أطفال الشعب المغربي وبجودة تعليم عالية"، في ظل تقارير ومؤشرات عالمية بوأت المغرب آخر قوائم الترتيب في ما يخص جودة التعليم. النداء، الذي تناقله نشطاء بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يقول: "أحلم بمدرسة عمومية مجانية وموحدة وبجودة عالية لكل الأطفال المغاربة.. أريد أن يكون لأبناء المغاربة، أغنياء كانوا أو فقراء، في المدن وفي البوادي وفي الصحراء وفي الجبال..، الحق في نفس التعليم وبنفس الجودة". ولاقت الحملة تجاوبا واسعا، وكانت فرصة لتجديد الانتقادات الموجهة إلى مستوى التعليم بالمغرب وإلى المعاناة التي يكابدها رجال التعليم بالمناطق النائية، فضلا عن معاودة الحديث عن مشكل الاكتظاظ وكثرة الدروس النظرية بالمناهج الدراسية؛ وهي إشكاليات يتجدد الحديث عنها كل موسم دراسي جديد. وناشد الناشطون الواقفون وراء المبادرة "المسؤولين الغيورين على الأجيال الحالية والمقبلة من أجل إعادة الاعتبار لمؤسسات التعليم العمومي"، داعين إلى "تجويد المناهج التربوية ومُحتواها، والاعتناء بأسرة التعليم وتوفير شروط الإبداع والتميز ومراقبتها ومحاسبتها، مع ضمان تكوين مستمر لنساء ورجال التعليم طيلة المسار المهني لمواكبة المستجدات التربوية". وطالب الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، ضمن الحملة ذاتها التي رفعت شعار "نعم لمدرسة عمومية ذات جودة"، بتوفير الظروف الملائمة للتلاميذ و"تخصيص الوقت الكافي للتطوع والمبادرة وممارسة مختلف الفنون الإبداعية، والابتعاد عن المعرفة الكمية، مع الاعتناء بجمالية القسم والمؤسسة وتوفير المرافق الصحية للذكور والإناث والاعتناء بنظافتها وزرع روح الانتماء للوطن لدى الناشئة بمنهجية إبداعية". حنافي جواد، الباحث في الشأن التربوي، اعتبر أن لجوء مجموعة من المغاربة إلى مواقع التواصل الاجتماعي من أجل توجيه رسائل افتراضية إلى المسؤولين عن قطاع التربية الوطنية يعود إلى ما أسماه "تعذُّر الاتصال بمخاطبيهم المسؤولين الذين يوجدون خارج التغطية، أو ربما ما بيدهم حيلة"، لافتا إلى أن "مطالب سكان الفيسبوك مشروعة ودستورية ومنطقية ومعقولة، عسى أن تجد لها آذانا صاغية، تفعلُ وتنفذ". وأفاد حنافي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن المدرسةُ المغربية تعاني في صمت من التهميش والإقصاء، متسائلا إن كان "هذا التهميش مُمنهجا تخفيه المذكرات والبلاغات والمقررات الوزارية"، وفق تعبيره، متابعا أن "الأزمة تأبى إلا أن تطفو على السطح". ويرى الباحث التربوي ذاته أن الحملة نابعة بالأساس عن مشكل الاكتظاظ، وتقليص البنايات وزيادة أعداد الأساتذة الفائضين وتكديس المتعلمين في الأقسام؛ في حين أن المدرسة التي ينشدها المغاربة هي مدرسة عمومية مجانية لا تعاني من الاكتظاظ ولا من نقص في الأطر والموارد والوسائل والتجهيزات.