ما زال ترشيح الشيخ حماد القباج، أحد أقطاب ما يسمى ب"السلفية التقليدية" بالمغرب، على رأس لائحة حزب العدالة والتنمية بدائرة جليز بمراكش برسم الاستحقاقات التشريعية المرتقبة ليوم ال07 من أكتوبر المقبل، يثير الكثير من المواقف المتباينة وسط عدد من المحللين والمتابعين للشأن السياسي، كما وسط ناشطين في مجال حقوق الإنسان. وفيما ذهب حقوقيون إلى حد اعتبار أن ترشيح القباج في الانتخابات التشريعية سيكون "خطرا" على الديمقراطية المغربية، بالنظر إلى "أفكاره المتشددة"؛ يرى آخرون أن ترشيح هذا الفاعل في صفوف "السلفية التقليدية" حق مكفول بمقتضى الدستور، وأن محاولة التأثير لمنعه من ذلك الحق تشي بكثير من الكراهية والتمييز. حق دستوري "ترشح القباج للانتخابات المقبلة تحت يافطة حزب العدالة والتنمية، أو أي حزب آخر، هو حق مكفول بقوة الدستور والقوانين الجاري بها العمل، والاحتكام لصندوق الاقتراع"، يؤكد عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، معتبرا أن "تسميات السلفية التقليدية أو الوهابية مفعمة بروح الكراهية". وأورد الخضري أن "القباج وغيره، حين يقدر له الولوج إلى قبة البرلمان، إنما يعكس تصورات تيار سلفي يعيش بين ظهرانينا. ومن حق هذا التيار أن يقدم أحد وجوهه لخوض غمار المنافسة داخل الحلبة السياسية؛ وهو ما يؤكد إيمان أتباع هذا التيار باللعبة الديمقراطية، وانضباطهم لمقتضيات الدستور وثوابت الأمة". وانتقد الناشط الحقوقي، في تصريح لهسبريس، أصوات إعلاميين وحقوقيين قال إنهم "ينفثون سموم الحقد في جسم المجتمع المغربي، بعقلية تطغى عليها روح الإقصاء والعدوانية في وجه من لا يشاطرونهم نمط الحياة والتفكير، إذ يزرعون بذور الكراهية والضغينة والحقد بين أفراد المجتمع". وتابع المتحدث بأنه لا يرى في الإنسان تدينه من عدمه؛ لأن "ما يهم المواطن هو مصداقية المرشح في أداء مهمته تحت قبة البرلمان، أو حين يضطلع بواجب سياسي آخر، وهل سيدافع على مصالح الوطن والمواطنين على حد سواء، ويفضح الفساد والمفسدين، ويكرس جهده لخدمة الصالح العام". وخلص الناشط إلى أنه "إذا كان بعض الناخبين يرون في ليبرالي أو يساري، قد تكون له سوابق في الفساد بكل تجلياته، الأهلية في تمثيلهم؛ فإن ناخبين آخرين يرون في الإسلاميين الأهلية في تمثليهم، وقد لا يقلون فسادا عن غيرهم، وبالتالي لا يحق لأحد إقصاء آخر بمعيار القناعات ونمط الحياة". فكر متطرف وبالمقابل، أكد الدكتور خالد الشرقاوي السموني، الناشط الحقوقي ممثل المنظمة الدولية للدفاع والنهوض بحقوق الإنسان بالمغرب، أن ترشيح الشيخ السلفي حماد القباج بمراكش يعتبر "خطرا على الديمقراطية"، موردا أن "عبد الإله بنكيران، أمين عام "البيجيدي"، عندما قرر تزكية القباج وكيلا للائحة الحزب بدائرة جليز بمراكش، يكون قد ارتكب خطأ فادحا". ويشرح الشرقاوي السموني، في تصريحات لهسبريس، أن مواقف القباج متشددة ومتطرفة، وتتعارض مع سماحة الدين الإسلامي والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان بصفة عامة"، مضيفا أنه "إلى حد الساعة، لم نعلم بأي موقف صريح صادر عنه يتعلق بمراجعة أفكاره، فما زال هناك غموض يلف أفكاره". واستطرد الحقوقي ذاته بالقول إن مثل هؤلاء، الذين يصبحون ممثلين للأمة عن طريق البرلمان، قد يشكلون خطرا على الديمقراطية وعلى المسار الذي عرفه المغرب في مجال حقوق الإنسان، وبالخصوص حقوق المرأة والطفل، مشيرا إلى أن القباج كان اليد اليمنى للشيخ محمد بن عبد الرحمن المغراوي المشهور بفتوى تزويج البنت القاصر ذات التسع سنوات". وسجّل الشرقاوي السموني أنه "في الوقت الذي صرح فيه المغراوي بفتواه الشهيرة تلك، كان القباج معه في جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة؛ وهو ما يدل على أنهما يقتسمان الأفكار نفسها"، مشددا على ضرورة احترام ثوابت الدولة؛ ومن بينها الدين الإسلامي السمح والاختيار الديمقراطي، وأن أي فكر متطرف لا مجال له داخل المؤسسات".