ارتدى الملك محمد السادس جُبته أميرا للمؤمنين، وفق ما ينص عليه دستور البلاد، وهو يتطرق في أحد محاور خطابه، الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الثالثة والستين ل"ثورة الملك والشعب"، إلى فهمه للجهاد في الإسلام، وانتقاده الشديد لعدد من الأفكار التي يروجها المتطرفون. وكان لافتا كيف أن العاهل المغربي سمى بعض معتقدات "الجهاديين"، من قبيل الزواج بأكبر عدد من الحور العين في الجنة عند القيام بعمليات جهادية، بالأكاذيب؛ حيث تساءل: "هل يقبل العقل السليم أن يكون جزاء الجهاد هو الحصول على عدد من الحور العين؟ وهل يقبل المنطق بأن من يستمع إلى الموسيقى ستبلعه الأرض، وغيرها من الأكاذيب". الدكتور محمد الزهراوي، باحث في العلوم السياسية، تابع هذا الشق من خطاب الملك، وقال، في تصريح لهسبريس، إن "الملك تحدث من موقعه كأمير للمؤمنين، وما لذلك من دلالة وحمولة دينية ورمزية تجعل حامل هذه الصفة مسؤولا أمام الله على حماية وحراسة الدين والعقيدة من الشوائب والانحراف". ووجد الزهراوي أن الخطاب الملكي، في محور التطرف والإرهاب، تضمن خمس رسائل رئيسية؛ الأولى تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة والمنحرفة التي يروج لها حاملو الفكر المتشدد لإباحة القتل والاعتداء على الآخرين باسم الجهاد؛ حيث أشار الخطاب إلى مفهوم الجهاد ومحدداته وضوابطه الشرعية. والرسالة الثانية، يضيف الزهراوي، تتجلى في تحميل مسؤولية انتشار فكر التطرف والتكفير والإرهاب إلى الجماعات والهيئات الإسلامية التي تدعي اعتماد الإسلام مرجعية؛ حيث استنكر الملك هذا التوجه، وأكد على وسطية الإسلام من خلال الاستشهاد بمجموعة من الآيات القرآنية التي تدعو إلى نبذ العنف. أما الرسالة الثالثة، وفق الباحث ذاته، فكانت موجهة إلى الفئات المرشحة للاستقطاب من طرف المتشددين، وتخص إشكالية تفسير النصوص الدينية؛ حيث أشار الملك إلى أن الذين يدعون إلى العدوان ويكفرون الناس بغير حق، يفسرون القرآن والسنة بطريقة خاطئة ومنحرفة لتحقيق أغراضهم. وأردف الزهراوي أن الرسالة الرابعة موجهة إلى الغرب، رد من خلالها الخطاب على الأصوات اليمينية المتطرفة المتصاعدة التي تحاول المزج بين الإسلام والإرهاب؛ حيث أكد أن الإسلام بريء من تلك التهم والادعاءات، ودعا في المقابل إلى المحافظة على قيم التعايش بين الديانات لمواجهة هذه الظاهرة. ورأى الباحث أن الملك حمّل ضمنيا الحكومات الغربية "مسؤولية الفشل في إدماج الشباب المسلم عندما تحدث عن استغلال جهلهم باللغة العربية والإسلام الصحيح"، مشددا على ضرورة "القيام بمراجعات لسد الفراغ، ومراجعة العشوائية التي يدار بها الحقل الديني الإسلامي داخل أوربا". وبخصوص الرسالة الخامسة، أورد المتحدث أنها موجهة إلى الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي دعاها الملك إلى التحلي بالصبر في هذه الظرفية الصعبة التي تعرف تنامي موجهة العنصرية ضد الإسلام والمسلمين، نتيجة الأعمال الإرهابية التي شهدتها بعض الدول الأوروبية. وأكمل الزهراوي بأن العاهل المغربي "دعا إلى التشبث بالقيم السمحة التي جاء بها الإسلام في مواجهة ظاهرة التطرف والعنف"، موضحا أنها إشارة تؤكد أن "الدفاع عن صورة الإسلام يرتبط بمدى قدرة الجاليات المسلمة هناك على تغيير الصورة النمطية التي يحاول البعض الترويج لها".