تحمل الحكومة التركية حركة الداعية فتح الله غولن الذي يعيش في الولاياتالمتحدةالأمريكية المسؤولية عن محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا مساء الخامس عشر من يوليوز الماضي. وحذر الصحافي الاستقصائي التركي المعارض أحمد شيك منذ سنوات من تغلغل هذه الحركة داخل مؤسسات الدولة، وتمت مصادرة كتابه "جيش الإمام" عام 2011، واتهم بأنه ينتمي إلى تنظيم إرجينكون السري، وسجن عاما على ذمة التحقيقات، وأشرف على التحقيقات معه وكلاء عن المدعي العام مقربون من غولن. غير أن شيك انتقد الدعم الذي تلقته حركة غولن من حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامية المحافظة، وخاصة الدعم الذي تلقته من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه، إلى أن حدثت القطيعة بينهما علنا عام 2013. وأكد الصحافي التركي في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أنه لا يريد أن يكون ضيفا على البرامج الحوارية في تركيا، على خلفية ما كتبه عن تأثير جماعة غولن في الدولة التركية وعن وقوعه في الوقت ذاته ضحية لهذه الجماعة. كما أشار شيك إلى أن هناك "حظرا" لظهوره في وسائل الإعلام الأساسية في تركيا؛ وقال موضحا: "لأن جماعة غولن ليست هي المذنب الوحيد في قصتي الشخصية وقصة الضحايا الآخرين.. هناك مذنب شريك اسمه حزب العدالة والتنمية". وردا على سؤاله عن مدى حجم المسؤولية التي يتحملها حزب العدالة والتنمية الحاكم عن تأثير جماعة غولن في الدولة التركية، قال شيك إن تاريخ الجماعة يمتد إلى ما قبل 45 عاما، منها 15 عاما تحت حكومة العدالة والتنمية، "وجميع الحكومات التركية منذ عام 1970 تشارك في هذه المسؤولية". وحذر شيك من الحديث عن جماعة غولن مع إخفاء قسط المسؤولية الذي يتحمله حزب العدالة والتنمية، وأضاف: "لا بد من محاكمة فتح الله غولن بتهمة تأسيس منظمة ورئاستها.. ليس هناك بديل عن ذلك". وردا على توضيح من وكالة الأنباء الألمانية بأن أردوغان نفسه اعترف بأنه دعم جماعة غولن بحسن نية واعتذر عن ذلك، قال شيك: "هل يسمح فقط لرجب طيب أردوغان بأن يغرر به؟.. لقد تم القبض على الآخرين داخل الجماعة الذين غرر بهم. إذا كان يجب القبض على أحد فيجب البدء أولا بأردوغان". وبخصوص حديث الكثيرين في أوروبا عن أن محاولة الانقلاب تمثيلية لأردوغان، أفاد شيك قائلا: "ما حدث في 15 يوليوز كان محاولة انقلاب خطيرة ودموية، لقد تم التغلب على هذا الخطر في اللحظات الأخيرة. أريد التركيز على ذلك بشكل خاص.. الغرب ينظر من زاوية شديدة الاستشراق.. إنهم ينظرون لأردوغان بكراهية مشابهة لكراهية المعارضين له في تركيا؛ لذلك يظنون أنه ربما يكون هو من افتعل محاولة الانقلاب.. كما أن الغرب لا يعرف جماعة غولن ولا يسأل عنها أشخاصا يعرفونها". وأضاف الصحافي التركي أن "شيك: هدف جماعة غولن هو الاستيلاء على مؤسسات الدولة والسيطرة على الأمن، وعلى القوات المسلحة التركية والشرطة وجهاز المخابرات العامة والقضاء.. هذه الأركان الأربعة تمثل قلب الدولة وعقلها، والاستيلاء عليها يعني السيطرة على الدولة. لا يمكن للجماعة القيام بشيء بدون علم غولن وموافقته.. إجمالا فإن جماعة غولن عبارة عن مافيا مقدسة". وعن سؤال عما إذا كان غولن يقف وراء محاولة الانقلاب قال شيك إنه يعتقد أنه ليس وحده الذي كان وراء الانقلاب، مضيفا: "أعتقد أن هناك حلفا كان وراء هذا الانقلاب". ورأى شيك أن "مجموعات ثلاث في الجيش التركي كانت وراء المحاولة الفاشلة"، وأن "الجزء الرئيسي من هذه المجموعات شكله الجنود المنتمون إلى جماعة غولن؛ أما ثاني أكبر مجموعة فتتكون من جنود لا نعرف انتماءهم السياسي ولكنهم خصوم لأردوغان ولحزب العدالة والتنمية وليسوا من جماعة غولن؛ في حين أن المجموعة الثالثة تتكون من مستفيدين، أي جنود أرادوا تحقيق مصالح من وراء هذا الانقلاب والارتقاء وظيفيا بسببه". وعن مدى حجم نفوذ غولن في الجيش التركي قال الصحافي التركي المعارض: "قال لي ممثلون عن الجيش إن جماعة غولن تشكل 30 إلى 35% على مستوى الجنرالات وحدهم، أي ثلث جميع الجنرالات، وثلث الجنرالات مسجونون حاليا بسبب محاولة الانقلاب؛ أما على مستوى الضباط الأقل رتبة فهم لا يشكلون أقل من 50%.. يمكننا القول إذا إن حركة غولن شبكة لا يستهان بها داخل الجيش". ورأى شيك أن اعتقال جميع من عملوا في مؤسسات إعلامية تابعة لغولن أو من كانوا على صلة بجماعته وجميع عمليات التسريح والفصل "مطاردات محمومة لا تجوز من قبل حكومة أنقرة"، وأضاف: "الحكومة تضع جميع من لا ينتمي إليها وجميع من تراهم معارضين في سلة واحدة.. لا نعرف عدد كل هؤلاء". وقال الصحافي التركي المعارض إن تجمعات الأتراك يوميا في ما يعرف بحراسات الديمقراطية ليست لها صلة بالديمقراطية، مضيفا: "كانت استعراضا للقوة هدفه عسكرة المجتمع والإبقاء على تماسك الناخبين وتأمين وحدة الأتراك عبر هياكل تسهل شيطنتها". كما قال شيك إنه يربط بين حضور أحزاب معارضة وملايين الأتراك تجمع الديمقراطية والشهداء في ميدان ينيكابي بإسطنبول بشعور الحزب الحاكم بالتضييق عليه داخليا ودوليا، وزاد: "اضطر الحزب لتلميع صورته". ورأى المتحدث أن تركيا تواجه ديكتاتورية، وأضاف: "كانت قبل الخامس عشر من يوليوز دلالات كافية على ذلك.. القيادة التركية تقسم المجتمع إلى جزء معها وآخر ضدها..إنها توظف فقط الذين يقفون معها، وتنتهج سياسة إزالة جميع العراقيل، وتستخدم القضاء كممسحة للأقدام.. نعم هذه صفات ديكتاتورية". يشار إلى أن الصحافي أحمد شيك التركي المعارض ولد عام 1970، ويعتبر من أشهر الصحافيين الاستقصائيين في تركيا، وجمع مجموعة أبحاثه الاستقصائية بشأن حركة فتح الله غولن في مسودة بعنوان "جيش الإمام"، حظرت عام 2011 قبل نشرها.