لم يتبق على تنظيم الانتخابات التشريعية المقبلة بالمغرب سوى أقل من شهرين، وهو ما يجعل من هذه الفترة المتبقية إلى حدود السابع من أكتوبر القادم مرحلة متحركة حاسمة في استقطاب أحزاب سياسية للعديد من الناشطين والأشخاص، للدفع بهم إلى أتون الاستحقاقات التي ستفرز تشكيلة حكومية جديدة بالبلاد. وفيما استأثرت عملية التحاق "أعضاء سابقين" بحزب العدالة والتنمية بغريمه حزب الأصالة والمعاصرة بسجال لا زال قائما، يبدو أن استقطاب أحزاب أخرى لشخصيات "سلفية"، أو أخرى جربت الاعتقال بموجب قانون مكافحة الإرهاب، يشكل "توابل" الانتخابات المقبلة. ويعمل حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، برمزه "النخلة، والذي أسسه عميد الأمن الأسبق محمود عرشان، ويترأسه حاليا نجله عبد الصمد عرشان، على استقطاب العديد من السلفيين، خاصة من الذين جربوا السجون بتهمة "الإرهاب"، وعانقوا الحرية إما بعفو ملكي أو بانتهاء مدد اعتقالهم. ويترأس الشيخ عبد الكريم الشاذلي، أحد أبرز الوجوه السلفية التي قبعت في سجون المملكة قبل أن يتمتع بعفو ملكي قبل أشهر خلت، ما سماه البعض "المد السلفي" تحت ظلال "نخلة عرشان"؛ حيث استقطب إلى الحزب عددا من الشباب ذوي التوجه السلفي، بعد ترأسه جمعية تابعة للحزب تدعو إلى جبر ضرر الإسلاميين المعتقلين. حزب الاستقلال هو الآخر دخل على خط استقطاب معتقلين سلفيين سابقين على ذمة قانون مكافحة الإرهاب؛ حيث يخطط لترشيحهم في قوائم الانتخابات المقبلة، على رأسهم أبو حفص رفيقي، الناشط الإسلامي الحالي، والمعتقل الإسلامي السابق الذي حكم ب30 عاما سجنا، قبل أن يحظى بعفو ملكي في فبراير 2012. وفي هذا الصدد، يقول أبو حفص رفيقي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنه في هذه المرحلة الراهنة يتعاون مع حزب الاستقلال، رفقة عدد من المعتقلين السابقين على ذمة ملف السلفية ممن لهم حرص على استغلال التجربة وتوظيفها لمحاربة التطرف والإرهاب. واعتبر أبو حفص أن حزب الاستقلال "يعد حزبا عريقا وأصيلا في دفاعه عن مشروع السلفية الوطنية. ورموزه ومؤسسوه من رواد الحركة السلفية الوطنية بالمغرب"، مبرزا أنه مع نشطاء آخرين يشتغلون سويا في هذا الموضوع من الجانب الفكري، ونظموا عدة ندوات مشتركة في هذا الباب. وبخصوص الجانب السياسي، أورد أبو حفص أنه "ليس من المستبعد تطوير هذا التعاون نحو المشاركة السياسية ودعم الحزب انتخابيا، خاصة أن تجربة حزب النهضة والفضيلة عانت من ضعف الإمكانيات المتاحة لإدماج فئة حديثة العهد بالاعتقال، وتوابعه الاجتماعية والاقتصادية". واستدرك الناشط الإسلامي ذاته بالقول: "إلى حدود الآن، لم نحسم أي شيء بخصوص موضوع الترشح باسم حزب الاستقلال، ولا زلنا في مرحلة التشاور، سواء فيما بيننا، أو مع قيادات الحزب الذي يشرفنا مبدئيا الانتساب إليه والاشتغال من خلاله"، وفق تعبير أبو حفص. ويعزو مراقبون عملية استقطاب أحزاب سياسية لرموز سلفية، من قبيل الشاذلي أو أبو حفص، وغيرهما من القيادات السلفية السابقة، إلى رغبة هذه الهيئات في منافسة مرشحي حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية في الانتخابات المقبلة، وأيضا إلى كون التيار السلفي يشكل خزانا انتخابيا لا يستهان به.