قال رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، في مذكرة توجيهية للقطاعات الحكومية المعنية، بخصوص قانون المالية لسنة 2017، إن تعزيز آليات الحكامة المؤسساتية يشكل مرتكزا أساسيا لتدبير السياسات العمومية وتوجيهها نحو تحقيق الأهداف المنشودة على مستوى النمو الاقتصادي، وعلى مستوى التوزيع المتوازن لثماره بين كل فئات المجتمع وكل مناطق المملكة. وأضاف ابن كيران أنه يأتي على رأس الأولويات مواصلة تنزيل مقتضيات الدستور والقوانين التنظيمية والمؤسسات الدستورية، ومواصلة إصلاح القضاء في اتجاه توطيد استقلاليته وتعزيز حماية الحقوق والحريات، وتحديث الإدارة القضائية وتخليقها وتحسين أدائها. وأبرز رئيس الحكومة أن التنزيل السريع للجهوية يعتبر أحد الركائز الأساسية لبلورة حكامة مؤسساتية فعالة وتحقيق النمو الاقتصادي المتوازن، مشيرا إلى أنه من هذا المنطلق ينبغي توجيه الجهود نحو وضع مخطط استراتيجي للتحويل التدريجي للاختصاصات نحو الجهات، أخذا بعين الاعتبار آليات المواكبة خاصة على المستوى المالي والبشري، مع ضرورة مراعاة التوازنات الاقتصادية والمالية والاجتماعية. كما ينبغي العمل، حسب ابن كيران، على التنزيل السريع للاتمركز الإداري، بما يضمن انسجام وفعالية تدخلات الدولة والجماعات الترابية، ويساهم في توطيد دينامية انبثاق الأقطاب الجهوية وجعلها قاطرة للتنمية الاقتصادية والإدماج الاجتماعي. وأبرز رئيس الحكومة، في هذا الإطار، أنه يتعين مواكبة التطور الذي تعرفه مختلف جهات المملكة، مع إعطاء الأولوية لمواصلة تفعيل النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للمملكة الذي يهدف إلى إحداث دينامية جديدة للنمو بهذه الأقاليم تمكن من خلق الثروة وفرص الشغل، وضمان التنمية البشرية الشاملة والتهيئة الترابية المستدامة. وفي نفس المنظور، أكد رئيس الحكومة أنه يجب العمل على تفعيل المفهوم الجديد للسلطة كما أكد على ذلك الملك في خطاب العرش؛ عبر اعتماد مبادئ المساءلة والمحاسبة وتقوية آليات الضبط والمراقبة وتطبيق القانون، موازاة مع الانخراط الفعال في تنزيل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، وذلك من خلال تنسيق تدخلات كل مكونات الحكومة وتوجيهها نحو تفعيل البرامج والمشاريع المنبثقة عن هذه الاستراتجية ، وفق الأهداف التي حددتها والركائز التي تنبني عليها على مستوى الحكامة، والوقاية، والزجر ، والتواصل والتوعية، والتربية والتكوين. وفي نفس الوقت وتنفيذا للتعليمات الملكية، ينبغي، حسب إبن كيران، العمل على توطيد أسس الحكامة الأمنية من خلال تمكين الإدارة الأمنية من الموارد البشرية والمادية اللازمة لأداء مهامها على الوجه المطلوب، وتنسيق تدخلاتها داخليا وخارجيا، بما يضمن مواصلة فاعليتها في حماية أمن الوطن والمواطنين ضد كل مظاهر الإجرام والتطرف. وأبرز أيضا أنه ينبغي توطيد دينامية الإصلاحات الهيكلية خاصة عبر الشروع في تنزيل إصلاح التقاعد، ولاسيما في مايتعلق بالإصلاح المعياري لنظام المعاشات المدنية، موازاة مع الشروع، في إطار الحوار مع كافة الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، في بلورة الإصلاح الهيكلي نحو نظام القطبين، وأجرأة التوسيع التدريجي للتغطية الاجتماعية لفائدة غير الأجراء من عمال مستقلين ومهنيين، إضافة إلى تعزيز آليات الحكامة، والتدبير الجيد والشفافية لاحتياطات الصناديق. ودعا ابن كيران أيضا إلى مواصلة تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية وخاصة في ما يتعلق بتعميم اعتماد التدبير الميزانياتي القائم على البرامج ونجاعة الأداء، والبرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات، وتحديد سقف لكتلة الأجور ابتداء من سنة 2017 . ودعا كذلك إلى مواصلة إصلاح صندوق المقاصة وتوجيه الهوامش المالية التي يتيحها نحو تعزيز برامج استهداف الفئات الهشة، ودعم الاستثمار في البنيات التحتية الأساسية والقطاعات المنتجة والمدرة لفرص الشغل. كما أكد ابن كيران على ضرورة مواصلة إصلاح النظام الجبائي وفقا لتوصيات المناظرة الوطنية، خاصة في ما يخص مواصلة تبسيط المساطر، والتقليص من الإعفاءات، وإدماج القطاع غير المهيكل، وتقوية آليات المراقبة ومحاربة الغش والتملص الضريبين.