اختارت مجموعة من الأحزاب خوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة باعتماد مبدأ "في الاتحاد قوة"، من خلال عقد تحالفات مبدئية مع أحزاب أخرى، في مشهد يحيل على سباق التتابع الذي تشارك فيه الفرق بجهود موحدة للفوز به، وهو ما تسعى إليه الأحزاب المتحالفة بغية الوصول أولا إلى خط النهاية. ومنذ إقرار دستور 2011 الذي أعقبته محطتان انتخابيتان؛ الأولى تشريعية والثانية جماعية وجهوية، اختارت عدة أحزاب تأدية الواجب الانتخابي جماعة، كما هو الشأن بالنسبة لتجربة تكتل "جي8" الذي ألف بين قلوب 8 أحزاب أبرزها التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والأصالة والمعاصرة، إضافة إلى أحزاب أخرى صغيرة كان ما يفرقها أكثر مما يجمعها. وعكس طبيعة تحالف "جي 8"، دخلت قوى يسارية الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة موحدة لتنفض الغبار عن واقع التشرذم الذي يعيشه الجسم اليساري في المغرب، بعد ما قررت ثلاثة أحزاب يسارية هي الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي تشكيل تحالف فيما بينها، والاتفاق على كلمة واحدة تعيد قليلا من بريق اليسار الخافت منذ سنوات. وعلى المنوال نفسه نسجت ثلاثة أحزاب تنتمي إلى الصف الليبرالي تحالفها القبلي الذي اختارت له قيادات أحزاب التجديد والإنصاف والعهد الديمقراطي والمغربي الليبرالي اسم "تحالف الرافضون"، والذي جاء لتوحيد الجهود من أجل القفز على العتبة الانتخابية الجديدة والوصول إلى قبة البرلمان، بحسب ما أكده شاكر أشهبار، المنسق العام للحملة الانتخابية للأحزاب الثلاثة. "جي 8".. تجربة فاشلة أحد القياديين الذين ساهموا في صناعة تجربة "جي 8"، امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، تحدث عن تجربة التحالف التي أجمع المتابعون للمشهد السياسي على فشلها، وهو ما لم يخفه العنصر الذي أكد أن "قرار إضافة أحزاب جديدة إلى الكتلة الأولى التي كانت تضم فقط أربعة أحزاب (جي4) كان خاطئا". وأوضح العنصر، في تصريح لهسبريس، أن "الهدف الذي كان من وراء تأسيس تحالف (جي 4) في مرحلة أولى هو تجميع 4 أحزاب لها قاسم مشترك هو التوجه اللبرالي، إضافة إلى انتمائها سابقا إلى الوفاق الوطني"، مضيفا أن "الإشكال الذي واجهه الناخبون هو عدم إدراكهم لتموقع ثابت للتحالف الذي ضم أحزابا يسارية ولبرالية وإسلامية". وحول التحالفات الانتخابية القبلية التي جاءت بعد "جي8"، أكد العنصر أن "عقد هذا النوع من التحالفات تستفيد منه الأحزاب الصغرى التي يصعب عليها الدفاع عن لائحة واحدة بمفردها، لذلك يتم اللجوء إلى الدفع بلوائح مشتركة في الدوائر الانتخابية، كما حدث ما فيدرالية اليسار الديمقراطي وتحالف الرافضون"، يورد المتحدث ذاته. تجربة اليسار نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، رفضت تصنيف تحالف الفيدرالية ضمن ما وصفتها ب"التحالفات الانتخابوية التي تجمع أحزابا لا يجمعها شيء على مستوى الأطروحة التي تدافع عنها"، مؤكدة أن "تأسيس الفيدرالية جاء كمشروع مجتمعي كبير في البلاد مبني على أرضية سياسية وتنظيمية في أفق الوحدة". وقالت الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، في تصريح لهسبريس، إنه "لا علاقة لفيدرالية اليسار بما يدور في الساحة السياسية من تحالفات مصلحية وآنية تكرس الوضع السياسي في بؤسه وردته وتخلفه، كما هو الشأن بالنسبة لتحالف (جي 8)"، وأضافت: "إذا كان هناك من تحالف حقيقي في الديمقراطية، فهو التحالف البعدي، وليس القبلي الذي لا يحضر إلا في المشهد السياسي المغربي الذي لا يوجد له مثيل في العالم". وشددت منيب على أن التحالفات القبلية "لا تؤسس لأرضية يمكن أن نبني عليها الديمقراطية؛ إذ لا يعقل تجميع حوانيت لا يجمع بينها شيء على مستوى المشروع، تجد فيها مجموعة من النخب الانتهازية والوصولية، والقول بأن هذا التحالف يمكنها من الفوز بالانتخابات"، تورد المتحدثة ذاتها. وعن حصيلة تحالف أحزاب فيدرالية اليسار خلال الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، أكدت زعيمة الاشتراكي الموحد أن "التجربة كانت مهمة، وجعلتنا نتقدم في مسار إعادة بناء اليسار كلبنة أساسية في إعادة الوهج لحركة النضال الديمقراطي في بلادنا"، مضيفة: "لم نكن لنحقق النتائج نفسها المحصل عليها في الانتخابات، رغم ضعفها، خارج إطار الفيدرالية". تحالف ل"إسقاط بنكيران" وعكس الأهداف التي وضعتها الأحزاب اليسارية الثلاثة المشكلة للفيدرالية، أوضح محمد زيان، المنسق الوطني للحزب المغربي الليبرالي الناطق الرسمي باسم "تحالف الرافضون"، أن الهدف من تشكيل هذا التحالف "هو الحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان"، مضيفا أنه "بتجميع مجهود ثلاثة أحزاب سياسية في تحالف واحد، سنحقق نتائج جيدة لا من حيث عدد المرشحين ولا من حيث عدد المصوتين والفائزين". وأكد زيان، في تصريح لهسبريس، أن "تحالف الرافضون" جاء "لرفض كتلتين داخل المشهد السياسي، الأولى تستغل المخزن في التنافس السياسي، والثانية توظف الدين في السياسة"، في إشارة إلى حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية. وقال منسق التحالف الجديد: "لكي يكون معترف بك من طرف المخزن كحزب داخل المشهد السياسي، يجب أن تدخل البرلمان"، مضيفا: "لذلك سندخل الانتخابات في إطار تحالف من أجل الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات والدخول إلى البرلمان، حتى يصبح لنا صوت مسموع". وأكد المتحدث ذاته أن التحالف الذي تأسس قبل أيام معدودات من الانتخابات التشريعية الثانية في ظل دستور 2011، سيستمر بعد انتهاء الاستحقاق الانتخابي، "حتى نصل إلى رئاسة الحكومة إن شاء الله، نملك الحق ونحن في الطريق السليم". *صحافي متدرب