بعدما أقام البرلمانيون في مجلسي النواب والمستشارين الدنيا نتيجة للغضب الشعبي الذي أثاره قرار المغرب استقبال 2500 طن من النفايات البلاستيكية والمطاطية من إيطاليا، قصد استعمالها في مصانع الإسمنت، ومطالبتهم بلجنة برلمانية لتقصي الحقائق في الموضوع، تم إقبار هذا المطلب مباشرة بعد هدوء العاصفة. وبعد أزيد من عشرين يوما عن حالة الهرج والمرج التي شهدتها المؤسسة البرلمانية، للمطالبة بلجنة تقصي الحقائق حول أضرار هذه النفايات على المواطنين، لم يتقدم أي فريق، إلى حدود الساعة، بشكل رسمي، للمؤسسة البرلمانية بجمع توقيعات النواب والمستشارين قصد تشكيل اللجنة. وأخلفت فرق الأغلبية، وفي مقدمتها فريق العدالة والتنمية، الموعد؛ حيث طالب رئيسه عبد الله بوانو، أمام الملايين من المغاربة، بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق للقطع مع المشكل، "لأن هناك من يشوش على المغرب في ظل الاستعداد لقمة المناخ العالمية، وفي إطار حملة زيرو ميكا"، بحسب تعبيره. من جهة ثانية، سبق للفريق الحركي أن طالب الحكومة بإجراء تحقيق محايد وإحداث لجنة استطلاع، مشددا على ضرورة معرفة حيثيات المشكل، وإعداد تقرير متكامل حول تأثيرات هذه النفايات على صحة المواطنين، وهو الطلب الذي تقدم به رسميا فريق التجمع الوطني للأحرار. وطالب فريق "الحمامة" بتشكيل لجنة استطلاعية للوقوف على حيثيات نفايات إيطاليا، داعيا رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بالغرفة الأولى إلى تشكيل هذه اللجنة عاجلا. وبرر الأحرار مطلبهم بكون الرأي العام يتابع باهتمام بالغ قصة النفايات المستقدمة من ايطاليا، وهو الأمر الذي لم يتم التعاطي معه بجدية إلى حدود الساعة. من جهتها لم تكن فرق المعارضة أحسن حال من نظيراتها في الأغلبية؛ حيث لم تحرك، إلى حد الآن، آلياتها الرقابية لتشكيل لجنة تقصي الحقائق، رغم الالتزام الذي قطعته على نفسها، وفي مقدمتها فريق الأصالة والمعاصرة. وكان العربي المحرشي، المستشار البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، قد دعا برلمانيي الغرفة الثانية إلى تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، واصفا استيراد النفايات بأنه "جريمة ارتكبتها الحكومة المغربية لتلويث المغرب قبل أيام من نهاية ولايتها". وأضاف المحرشي أن اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق "يجب أن تعاين هذه الجريمة لأن الحكومات المتعاقبة على المغرب في نهاية ولاياتها تقدم حصيلة متواضعة"، مستنكرا اختيار حكومة عبد الإله بنكيران "تقديم حصيلة مليئة بالأمراض للمغاربة".