بعد قرار الملك محمد السادس عودة البلاد إلى كنف الأسرة الإفريقية، من خلال رسالة بعثها إلى قمة الاتحاد القاري التي انعقدت في كيغالي الرواندية، تطرح العديد من التساؤلات حول المكاسب التي ستتحقق للمملكة من استعادة المنصب الشاغر منذ سنة 1984 في منظمة الاتحاد الإفريقي. وإذا كانت العودة إلى الاتحاد الإفريقي ستمكن المغرب من مقارعة خصوم الوحدة الترابية داخل المؤسسة الأكبر على الصعيد القاري، وتوسيع علاقاته مع بلدان الجنوب، فإن المكاسب ستشمل أيضا الجانب الاقتصادي، الذي سيتعزز بدخول المغرب إلى المؤسسات والأجهزة الإفريقية. ويأتي قرار العودة إلى هيئة تعد الوريث الشرعي لمنظمة الاتحاد الإفريقي، التي يعد المغرب أحد مؤسسيها، في سياق تعزيز المملكة لحضورها في العمق الإفريقي خلال السنوات القليلة الماضية، من خلال الزيارات المتكررة للملك محمد السادس إلى مختلف الدول الإفريقية، وما ترتب عنها من استثمارات مالية مهمة مكنت الشركات والمؤسسات المالية المغربية من اختراق الأسواق الإفريقية بقوة. تكريس منطق الاستمرارية ورغم الخروج من المنظمة الإفريقية قبل ما بربو عن ثلاثين عاما، إلا أن المغرب لم يقطع علاقاته الاقتصادية مع القارة الإفريقية، حسب الخبير الاقتصادي عمر الكتاني، الذي أوضح أنه منذ أزيد من ثلاث سنوات والمملكة تسير في اتجاه الانفتاح الاقتصادي على القارة الإفريقية. وأوضح الكتاني أنه، في ظل العلاقات الاقتصادية الممتازة التي ينسجها مع العديد من الدول الإفريقية، "كان لزاما على المغرب اتخاذ مثل هذا القرار"، مضيفا: "من غير المعقول الاستمرار في مقاطعة المنظمة الإفريقية؛ علما أن المغرب استطاع امتلاك نفوذ اقتصادي عبر استثماراته الضخمة في إفريقيا، سيتعزز بقرار العودة ومحاولة اكتساب نفوذ سياسي مواز". وأردف الخبير الاقتصادي ذاته، في تصريح لهسبريس، بأن المغرب سيستفيد من هذه العودة عبر تصديره للأطر والكفاءات المغربية إلى البلدان الإفريقية في عدة مجالات، خاصة ما يرتبط بمجال الطاقات المتجددة. ولفت الكتاني إلى أن عودة المغرب إلى الأسرة الإفريقية يشكل نقطة فارقة في التوجه الاقتصادي للمملكة، إذ "بات بالإمكان الدخول إلى جميع الأسواق الإفريقية، بما سيترتب عن ذلك من عائدات ضخمة على الاقتصاد المغربي، بعد أن ظل يشتغل لعقود بمنطق النظرية الأحادية المرتكزة على السوق الأوربية"، حسب تعبيره. وأكد المتحدث ذاته أن من شأن قرار المملكة الانضمام من جديد إلى الجسم الإفريقي "تكريس لمنطق الاستمرارية في سياسة جنوب-جنوب التي يقودها الملك محمد السادس"، إضافة إلى "تسريع وتيرة الانتشار الاقتصادي والمالي المغربي في القارة السمراء". نحو إطار مؤسساتي محمد كريم، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أكد بدوره وجود علاقات اقتصادية متينة بين المغرب والبلدان الإفريقية، حتى قبل النتائج التي من المتوقع أن يسفر عنها قرار العودة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، مستشهدا على كلامه بالحضور القوي والبارز للمؤسسات المالية الوطنية والأبناك في عدة دول داخل القارة السمراء. وأوضح كريم، في تصريح لهسبريس، أن المغرب بعودته إلى مؤسسات الاتحاد الإفريقي يكون قد "انتقل إلى مرحلة متقدمة من التعامل الاقتصادي مع القارة الإفريقية، تعتمد على التبادل، في إطار عام ومؤسساتي يخضع لمنطق مغاير تماما للعلاقات الثنائية التي يتعامل بها حاليا مع عدة دول كالغابون وكوت ديفوار". وأضاف الخبير في الاقتصاد أن أكبر استفادة للمغرب من العودة إلى حضن المنظمة الأسمى قاريا، تكمن في "تصدير خبراته إلى هذه الدول التي تبقى في حاجة ماسة إلى أطر وكفاءات مغربية"، مضيفا أن "المغرب يجب أن يراهن على الإمكانيات الطبيعية الهامة والثروات المعدنية التي تتوفر عليها هذه البلدان". *صحافي متدرب