إشارة قرآنية واضحة للثورات العربية المباركة لست من المختصين في علم تفسير وتأويل القرآن الكريم أو أي فرع آخر من فروع العلوم الشرعية ولكن لي قول ورأي في جزئيات معينة،رأي أعتقده صوابا يقبل الإضافة حتما وأرى رأي غيري فيما تعلق بتلك الجزئيات خطأ لا يحتمل الصواب قطعا. من وقت لآخر أقوم بصياغة مقال أبرز فيه بعضا من الإعجاز القرآني والبيان الرباني وأضعه بين يدي فقيه مجتهد أو منبر إعلامي فاعل أو مؤسسة تخدم الفكر الإسلامي – أو كذلك يعتقد القيمون عليها ويصرحون – وكلهم، الفقيه المجتهد والمنبر الإعلامي الفاعل والمؤسسة الخادمة أو الخدومة تنويريون يدعمون المبدعين ويشجعون المفكرين الشباب المبتدئين ويتبنون باكوراتهم الفكرية ومنهم من يتحمل نفقات النشر ، طبعا بعد التصرف والتعديل والتصحيح من قبل شيخ جليل أو لجنة يشرف عليها شيخ جليل نفعنا الله بعلمه، وقد ساءني أني وجدتهم جميعهم أول ما يسألون عنه ما يسمونه الخلفية الأكاديمية والدارس المتدبر لكلام الخالق سبحانه حسبه نصيب من اللغة يمكنه من الفهم السليم وحظ وافر من المنطق والقدرة على التجريد وسبر الأغوار، فإن حظي المتفكر والمتدبر لكلام الخالق سبحانه بشيء من التوفيق الإلهي أتى بجديد يضاف أما صاحب الخلفية الأكاديمية والمناهج العلمية والشواهد الجامعية فله أن يتقدم من أجل تحمل مسؤولية إدارية أو وظيفة تربوية تعليمية يلقن من خلالها ما حفظه وليس يستطيع تجاوزه لطلبته أو مريديه . آخر تواصل لي كان مع رجل حسبه تواضعه ، سمعت عن تواضعه قبل رؤيته وكان واردا عندي أن يكون تواضعا متكلفا مصطنعا فوجدت التواضع من طبع الشيخ غير أنه تواضع اجتماعي أو معاملاتي إن صح تعبيري ولو كان تواضعا فكريا لكان الشيخ أكمل وأعلم و الشيخ الجليل سبق له أن شرفني باطلاعه على بعض مقالاتي ولم يستحسن منها شيئا البتة مع العلم أنها جميعها تحمل إضافات جديدة تعد سبقا بالمقاييس الحقة والمنصفة ، وبعد التحية والسلام شكرت للشيخ كلام حق صادق تفضل به على شاشة إحدى القنوات الفضائية حول الثورات العربية المباركة ، بعدها كشفت له عن خطأين شائعين وتجاوزين فاضحين صارا راسخين كالمسلمات بفعل التقادم وعدم توفر البديل الصواب، وكنت أكاد أجزم أن الشيخ هذه المرة سينصفني ويصفق لي وصفق الشيخ أثابه الله لكن ليس احتفاء بي وتعبيرا على قوة إنجازي ولكن صفق الشيخ زاجرا إياي ناصحا لي كالعادة وداعيا الله لي بالتوفيق والسداد، الخطأ الأول الصواب عند الشيخ وجميع العلماء وطلبة علمهم ترديد الشيوخ سامحهم الله قول " محمد بن الحنفية "ينسبون الرجل لأمه مع علمهم أن أباه هو الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ويحفظون قول الخالق عز وجل" ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما"وأخبرت الشيخ أن نسبة محمد بن علي بن أبي طالب لأمه بدل أبيه رضي الله عنه لفظ يخدم ملوك بني أمية ومن بعدهم سلاطين بني العباس إذ أنهم بدل أن يقارعوا رجلين الحسن والحسين رضي الله عنهما ومن بعدهما ولديهما سيقارعون ثلاثة رجال ومن بعدهم ولدهم إن غلب في تخاطب الناس محمد بن علي بن أبي طالب بدل محمد بن الحنفية فبنسبة الرجل لأمه تتقلص فرص حشده لأنصاره والخروج على السلطان ومن بعده ولده رحمهم الله وتحفظت على القول أنه ما كان لأولئك الملوك أن ينالوا مرادهم لولا أن أعانهم بعض علماء المذهب السني بتثبيت اللفظ وعلماء آخرون بالصمت رغم علمهم بالمراد السياسي الخبيث ،تحفظت على قول ذلك تفاديا لغضب الشيخ ، والخطأ الثاني الصواب عند الشيخ طبعا وجميع المفسرين والمؤولين تجاوزهم المذموم عند تناولهم قول الخالق جل من قائل في قصة نبي الله داود عليه السلام والخصمان "هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب" زعم المفسرون أن معنى "عزني في الخطاب " أي ألح علي في الطلب والعرب لم تستعمل الفعل هذا الإستعمال قط والمعاجم المعتمدة موجودة وحاضرة وكلها جاء فيها أن المعنى الأوحد ل "عزه في الخطاب" أي أفحمه بالحجة والدليل فكيف للمفسرين أن يضيفوا للغة ما ليس منها إذ أن معاني مفردات القرآن الكريم هي ما عناه بها العرب قبل نزول الوحي وليس لنا التجاوز والإضافة ،والحق سبحانه وتعالى يقول: "وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين" هاكم المقالين بصيغهما و رد الشيخ ،يأتي بعد ذلك تعقيبي على رد الشيخ الجليل وإيضاحي لما تعذر على الشيخ إدراكه. الخصمان ونبي الله داود عليه السلام المفسرون جميعهم زعموا أن "عزني في الخطاب" بمعنى ألح علي في الطلب،والعرب لم تستعمل الفعل لهذا المعنى قط،ولكم أن تعودوا إلى المعاجم العربية المعتمدة وكلها أوردت معنى"عزه في الخطاب"بمعنى أفحمه بالحجة والدليل، وضعوا للفعل معنى لم يدرج بين العرب قط ،فأخذوا اللغة من القرآن بدل أن يفسروا نصوص القرآن بلغة العرب ، وما ضر المفسرين العظام حمد الله لهم كرائمهم وتجاوز عن زلاتهم لو وضعوا علامة استفهام وأقروا بجهلهم كنه هذه الجزئية وكانوا بذلك قد حثوا على الإجتهاد بل وحددوا موضعه ومكانه ،إذ أن الأمر هنا بسيط جدا لكنه يحتاج إلى أن يأتي الدارس بمعلومة غائبة لم يرد ذكرها في النص - وهنا مكمن الإبداع- وبها وبها فقط يزول اللبس والغموض والمعلومة الغائبة في حالتنا هاته ما هي إلا الزكاة المفروضة ،كيف؟ المدعى عليه له تسع وتسعون نعجة والمدعي له نعجة واحدة ،قال له خصمه اكفلنيها - كفله الشيء إذا جعله يقوم عليه - حتى أتمم بها مائة نعجة وعزه في الخطاب أي أفحمه بالحجة والدليل بحيث لا يسع صاحبنا إلا أن يقدم نعجته الوحيدة والهزيلة لا ريب لمن يملك مائة إلا واحدة ،فإن فعل ألزم صاحبه بإخراج نعجة فوق العدد الذي كان ملزما بإخراجه عن نعاجه بدون نعجة صاحبه أو قد يكون نصاب زكاة النعاج يومئذ مائة نعجة والنعجة الوحيدة هي المحددة أيعفى من الزكاة إذ أن العدد لم يبلغ النصاب أو يلزم بإخراج نعجة إن هي أضيفت إلى نعاجه وللباحث أن يفتش عن نصاب زكاة النعاج أيام سيدنا داود عليه السلام وبينهم وبين موعد إخراج الزكاة أيام فاستحق بذلك زكاة صاحبه ونال نعجة من أوسط ما يكون أي أفضل و أسمن من نعجته لكون نعاج صاحبه فيها الهزيلة والبين بين والسمينة والزكاة تخرج من أوسط ما يكون، فلو فعل ووهب صاحبه النعجة وتمم المائة لنال نعجة أسمن من نعجته ولأعفى نفسه أياما من القيام عليها، فما ضره إن فعل ،أوليس قد عزه في الخطاب وأفحمه بالحجة والدليل؟ ...................................................................................... لا تؤاخذوني فضيلتكم على ما تحمله المقالة التالية من ألفاظ لكوني صغتها صياغة تناسب مراسلاتي لبعض المجلات المتخصصة والمستعلية والمتميزة بتعاملها مع الأسماء لا مع الأفكار. تداركوا واستغفروا أو أوضحوا ولا تطنبوا قرأت في الذكر الحكيم قوله جل من قائل "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما"قرأت قوله عز وجل وسمعت علماء الأمة ودعاتها وطلبة علمهم يدعون محمد بن علي بن أبي طالب رحمه الله ورضي الله عن أبيه الإمام،سمعتهم يدعونه لأمه الحنفية رحمها الله، نعم يشرفه أن يدعى لأمه الحنفية والإثم على من يدعوه لأمه إذا تعمد قلبه أمرا مضمرا،غير أنه يشرفه أكثر ويعزه أكثر وتقر به عينه وذاك حق له علينا كما هو حق لغيره أن نقرن اسمه باسم أبيه الإمام البطل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. سمعتهم يقولون محمد بن الحنفية فقلت: أما من شيخ رشيد يردهم عن شططهم ولا محالة الشيخ الرشيد يحفظ قوله عز وجل قبل أن أولد بل كنت مجرد فكرة عند أبي وأمي رحمهما الله،ثم استدركت وقلت:ربما كان هناك ما لا أعلمه إذ أنني لست من أهل الإختصاص ،ربما كان هناك ما درسه أهل الإختصاص وأفاضوا فيه وتناولته الأطروحات والرسائل ويخفى عني لكوني مجرد متطفل على ميدان ليس لي ،فليوضح لي أهل الإختصاص رجاء وخير الكلام ما قل ودل، أما إن كان الأمر كما رأيت فليستغفروا ربهم وليدعوا الرجل لأبيه الإمام رضي الله عنه فهم قد خالفوا أمر الخالق،واحدة والثانية أنهم أضاعوا وما زالوا يضيعون وقت مريديهم وطلبة علمهم إذ غالبا ما يقال "محمد بن الحنفية" ثم يتبع بتعيين أبيه الإمام ولا أستغرب إن كان هناك من يعتبر ذلك إسهابا لا مضيعة للوقت. رد الشيخ الجليل: بسم الله الرحمن الرحيم الأخ العزيز عبد الإله، حفظك الله وسددك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا على صلتك وفوائدك. وإليك بعض الدردشة حول ما أثرته في رسالتك.أما المسألة الأولى: سيدنا داود وقضية النعاج، فقد فسرتها كعادتك بفكرك الجوال الطليق، ولكن ليس بالفكر وحده، وليس بالفرضيات الطريفة يتم التفسير. استحضرْ دائما مقولة عمر رضي الله عنه: من أين لك هذا؟ فهي قاعدة صالحة في العلم والفكر، كما هي صالحة في المال والكسب.أما مسألة محمد بن الحنفية، فملحظك فيها وجيه سديد، وتفسيرك لها بالغرض السياسي الأموي محتمل وليس بغريب. ولكن مما يؤخذ بالاعتبار كذلك أن العلماء والمؤرخين وكتاب التراجم، ليسوا هم من يحدد للناس أسماءهم وأنسابهم وألقابهم وكُناهم، ويلصقها بهم، وإنما هم يستعملون ما اشتهر منها بين الناس وما عرف به الأشخاص في مجتمعاتهم. فإذا استعمل الناس اسم "محمد بن الحنفية"، وشاع بينهم وغلب في استعمالهم وتخاطبهم، كان العلماء مضطرين لاستعماله.. لكن مع التنبيه ... وربما كان استعمال الناس تلك الصيغة بريئا عفويا، لكونه ينطوي على فائدة عملية وهي التمييز والتعيين الواضح. وربما اندس في ذلك غرض غير بريئ كالذي أشرتَ إليه. وفي جميع الأحوال فالعلماء يحكون أمرا واقعا لا يمكنهم تجاوزه. ومثل هذا يوجد في قولهم: الأقرع... والأعرج ... والأعمش... وابن جماعة... وابن أبيه. تعقيبي على رد الشيخ: أما المسألة الأولى: سيدنا داود وقضية النعاج، فقد نبهني فضيلته مشكورا إلى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه "من أين لك هذا" وقال أنها صالحة في العلم والفكر كما هي صالحة في المال والكسب، أما كان الأولى أن يتنبه شخصه الكريم إليها وقبله شيوخه وقبلهم شيوخ وشيوخ وجميع المفسرين والمؤولين ، فمن أين لهم بالمعنى الذي أثبتوه لقول المدعي "وعزني في الخطاب" إذ زعموا أن معناه" ألح علي في الطلب" والعرب لم تستعمله هذا الإستعمال قط، فقد أضافوا إلى اللغة ما ليس منها من أجل التوفيق بين اللفظ والمعنى المغلوط والخالق جل من قائل يقول: "قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" وقوله تعالى "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ" فأين يا ترى المعنى المثبت المزعوم من لغة العرب ؟ أليس ذلك من العوج؟ كما ذكر فضيلته أني أفسر بفكر جوال طليق – وما يمنعني من ذلك ما دمت داخل الإطار – وليس بالفكر وحده وليس بالفرضيات الطريفة يتم التفسير !!! أجيب فأقول أن تلك الفرضية ، أي إخراج الزكاة كانت مفروضة على بني إسرائيل أيام وقوع الحادثة إذ يقول تعالى في سورة البينة " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" وبالتالي فهي فرضية واردة ومحتملة عكس استحالة أن تكون العرب قد استعملت الفعل "عز" ليفيد المعنى المتوهم، زد على ذلك أنه باعتماد فرضيتي نحافظ على المعنى الذي أرادته العرب بعبارة " عزني في الخطاب" أي "أفحمني بالحجة والدليل". كما أنه وبقبول ما ذهبت إليه نجعل دلالة القصة ومرماها أكثر نفاذا إلى القلوب والعقول ، فقولنا بما رآه السلف الصالح والخلف الغافل وهو مثبت بجميع التفاسير دون استثناء يجعل سيدنا داود عليه السلام قد تجاوز بأن تسرع فأصدر حكمه دون سماع المدعى عليه مع بقاء حكمه الصادر عادلا لا يشوبه شطط "إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ. إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ..."أما إن نحن أخذنا بإضافتي كان سيدنا داود عليه السلام قد تسرع في إصدار حكمه دون سماع الطرف الثاني مما جعله يخطئ في حكمه ولو سمع من المدعى عليه لحكم له فكان بحكمه الأول شطط. وهذا الوجه للقصة أبين وأكمل في إبراز المراد الإلهي من القصة ألا وهو:"لا والشطط في استعمال السلطة" . أما بالنسبة لمسألة "محمد بن الحنفية" فقد ذكر فضيلته أنه علي أن آخذ بعين الإعتبار أن العلماء والمؤرخين وكتاب التراجم ليسوا هم من يحدد للناس أسماءهم وأنسابهم وألقابهم وكناهم ويلصقها بهم وإنما هم يستعملون ما اشتهر منها بين الناس ، أجيب فأقول : أنا لا يعنيني المؤرخون وكتاب التراجم فالمؤرخ لا أنتظر منه أن يمتثل لمعنى "آية" في كتب التاريخ ينهاه عن دعوة المرء لغير أبيه ولا كتاب التراجم، أما العلماء فدستورهم القرآن فكيف لهم أن يسايروا العامة مثلي ويسقطون في منهي عنه فهم في ذلك كمن قال" بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون" وأين نحن من قول الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام "لا يكن أحدكم إمعة..." لقد غير محمد عليه الصلاة والسلام، قدوتنا وأسوتنا عقيدة أمة ويعجز علماء الأمة عن تغيير اسم بتصحيحه!!! كما أن فضيلته تفضل بقوله أن نسبة محمد إلى أمه الحنفية رحمهما الله ينطوي على فائدة عملية وهي التمييز والتعيين الواضح أي تفاديا أن يفهم السامع إن سمع "محمد بن علي بن أبي طالب" أن يفهم أنه حفيد رسول الله لعلمه المسبق أن فاطمة الزهراء رضي الله عنها زوج الإمام علي كرم الله وجهه. أقول للشيخ الكريم أني لم أجد في القرآن الكريم أو ما صح عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه نهيا عن هذا الخلط أو أمرا بالعمل على تجنب هذا الخلط وما ضرني لو كان؟ إنما وجدت نهيا عن نسبة أي كان لغير أبيه فلزمت أمر الخالق. كما أن فضيلة الشيخ رخص لنفسه وللعلماء ومن تم للعامة أمثالي نسبة الرجل لأمه مادمنا مضطرين لذلك – أعني أنه مضطر لذلك هو وصحبه العلماء أما العامة فهم تبع لا غير وقد كان الأعراب يشيرون على الرسول الأكرم فينزل عند رأيهم عليه الصلاة والسلام – أجيب فأقول: أنا والعامة أمثالي لسنا مضطرين لنسبة أي كان لغير أبيه وما يمنعنا من عكس الأمر ؟ ما ضر علماءنا الكرام لو نسبوا الرجل لأبيه الإمام وأتبعوا ذلك بالتنبيه على أن أمه "الحنفية" وليست فاطمة الزهراء أم السبطين الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم أجمعين ،فنكون بذلك قد تجنبنا إتيان نهي رباني وبينا أن محمد بن علي بن أبي طالب ليس حفيدا للرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام ، أم هو التقليد ولا فكر يعلو على التقليد؟ وأختم بالقول أن أم محمد بن علي بن أبي طالب من بني حنيفة فاستحقت حسب قواعد الإشتقاق أو النسبة أن ندعوها ب" الحنيفية" وليس "الحنفية" ولربما ما منع شيوخنا الكرام في صدر الإسلام من القول "الحنيفية" بدل "الحنفية" هو خوفهم من أن تذهب مخيلة السامع إلى "الحنيفية الإبراهيمية" وترفع أم محمد بن علي بن أبي طالب ويرفع محمد ويجمع الأنصار ويعلن العصيان ويخرج على السلطان، من الأمور ما يضحك ... وفي تواصل سابق لي مع شيخنا الجليل كشفت له عن وجود إشارة قرآنية إلى الثورات العربية المباركة ، وحين سألته هاتفيا عن رأيه حول الإشارة وتقييمه للخاطرة قال أنها إشارة لطيفة بنبرة تحمل شيئا من السخرية فما كان مني إلا أن قاطعته رغم أني أجيد الإستماع وذكرته بما صفقوا له عندما شرع الصهاينة في بناء الجدار العازل وقالوا بخصوص قوله تعالى" لا يقاتلونكم إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر" أنه إعجاز غيبي للقرآن الكريم وكأن الجدار العازل سيرد عنهم الصواريخ الموجهة أو غارات الطائرات المقاتلة ومما يمتلكه محيطهم من عتاد عسكري لا صواريخ أو طائرات خارقة بتكنولوجيا عالية، ثم عند اجتياح الصهاينة لمناطق محيطة معينة غير ما مرة، أين قراهم وجدرهم بل ويصلون إلى أبعد من ذلك كما حصل في تونس، قصف واغتيال،إنما كانت القرى والجدر أيام الدعوة المحمدية حيث أخبر الحق سبحانه رسوله الكريم وصحبه الأشداء تخوف اليهود في منازلتهم في العراء ،في الصحراء الواسعة وكذلك كانت بعض حروب العرب ومن البديهي أن القتال خارج الديار والحصون والأسوار،في الصحراء الواسعة دلالة على شجاعة وإقدام وجرأة المقاتلين. أخي القارئ، بعد ما تقدم وبعد تواصلي مع علماء معترف لهم بأنهم أهل للإجتهاد المطلق - تصنيفات يرفضها المنطق السليم - و مفكرين كبار وكانت النتيجة شبيهة وربما أدمى للقلب حار عقلي وتاه فكري ولست أدري ما الفكر وما نوع الفكر الذي يستحسنه الرواد ؟ وما نوع الإستدلال والبرهان المقنع المفحم عند علمائنا الأجلاء ؟ وبأي منطق يشتغلون ،هل هو هو المنطق الذي يمكنني من حل مسألة رياضية أو الفوز في مباراة شطرنج هذا إن لم يعزروني على لعب الشطرنج ،أم للمفسرين والمؤولين والدارسين لكلام رب المنطق والبيان منطق آخر لا بد لي من شيخ أو شيوخ وبأوراد معينة وصبر ومثابرة حتى أناله ؟لك أن تحكم أخي القارئ ! والإشارة القرآنية السالفة الذكر هي كالآتي: إشارة قرآنية واضحة للثورات العربية المباركة كثيرا ما يكشف عن إشارات قرآنية لوقائع محددة أو حقائق علمية ...بل في أحايين كثيرة تؤخذ الإشارة من حسابات تصير دقيقة عند تواترها والتأليف بينها وإن أخذت بداية من فضاء العشوائية وذلك في إطار ما يسمى "الإعجاز العددي للقرآن الكريم"، وقد وردت إشارة قرآنية واضحة للثورات العربية المباركة كم كانت جديرة أن أسبق إليها، إذ يقول جل من قائل في سورة النور الآية 35: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ، الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ، الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ، يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ، نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) لندع أول الآية ففحواها لم يتبلور عندي بعد وإن كنت أمسك بطرف الخيط ولم يمنعني من بلورته وإيضاحه إلا الكسل - أعوذ بالله منه- فلنأخذ قوله عز وجل: " الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ، يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ، نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" معلوم أن ثمار الزيتون ينحصر وجودها في حوض البحر الأبيض المتوسط ، وله ضفتان: جنوبية وشمالية ، ولنا أن نقول أن فلسطين ولبنان وسوريا ونصيب من أرضي مصر وتركيا تمثل الشرق ، كما أن المملكة المغربية و إسبانيا تمثلان الغرب، أما تونس الخضراء فلا هي بالشرقية ولا هي بالغربية بل تتوسطهما ويقابلها في الشمال إيطاليا وهي كذلك ليست بالشرقية وليست بالغربية ،وبعد هذا المدخل تكون الإشارة الربانية كالتالي: الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ : الزجاجة إشارة إلى الثورة، رفض الظلم و الإستبداد والتطلع لواقع جديد وحكم رشيد،ولنا أن نقول أن الزجاجة تشكل إطارا واقيا للمصباح موفرا له بذلك ظروف أداء مهمته، كذلك الثورة تؤطر الجماهير وتنظمهم،،، ولنا أن نربط بين الثورة والزجاجة وسنجد الكثير مما يجمع بينهما ويخدم الفكرة والغاية من الربط بين هذه وتلك. يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ : أي أول حلقة من حلقات مسلسل الثورات المباركة حلقة ثورة تونس الخضراء فلا هي بالشرقية ولا هي بالغربية ، سيقول قائل كريم: إيطاليا كذلك لا هي بالشرقية ولا هي بالغربية وقد سبق لك أن أقررت بذلك فيما أسلفت ، أجيب المتسائل الفاضل أو الملاحظ الناقد أنني أسقطت إيطاليا لأن المبين سبحانه يقول" شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ " وخير ما يبارك به العقيدة الصحيحة وهذا لا ينطبق على بلدان الضفة الشمالية اللهم إلا على تركيا غير أنها شرقية. يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ : تنتقل الثورة إلى أمصار أخرى دون تنسيق، دون تأطير و دون تنظير إذ عادة ما يبرز قبل و إبان الثورات مفكرون ومنظرون ينظرون و يحرضون ويشحنون الجماهير ذاك ما لم يحصل في ثورة تونس المباركة و انتقلت الثورة إلى مصر دون تنسيق بين نخب البلدين ودون أن يقوم منظرو ثورة تونس- المنعدمون أصلا - بتصدير مبادئ ثورتهم. وما الزيت الذي يكاد يضيء إلا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء : تحرر يتلو آخر وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ :يضرب الله الأمثال فتتضح الإشارة فقد سبق في علمه سبحانه وتعالى ما يقع وما سيقع والله بكل شيء عليم. وزيادة في تأكيد وتثبيت الإشارة أنصح الإخوة الباحثين بالتنقيب عن إعجاز عددي موجود لا محالة ، كأن مثلا ، مثلا نأخذ قوله عز وجل " يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ " ونقوم بإحصاءات حول عدد الحروف أو الآيات أو ما شاكل من مطلع السورة إلى حدود كلمة"مباركة" أو "زيتونة" والكلمتين دلالة على تونس الخضراء ومعلوم خطوط الطول والعرض الوهمية المتعلقة بتونس وأنا على يقين من وجود ما يدعم قولي ليس في هذه الناحية بالضبط وبهذه الإعتبارات ولكن في غيرها مما يماثلها، أخيرا أقول أنه بالأخذ بما سبق واعتبار الآية إشارة قرآنية للثورات العربية الراهنة والمباركة نجد معنى لقول الحق سبحانه " لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ " أما ما قيل حوله فيظهره على أنه حشو - تعالى ربنا عن ذلك علوا كبيرا - ولا أحصر معناه في إشارته لتونس الخضراء بل إشارته هاته أول معانيه اللائقة ببيان رب البيان وذلك باب من أبواب عظمة القرآن!! أخيرا أقول ما الحقيق أن يعتمد كتفسير لقوله جل من قائل" لا شرقية ولا غربية" ؟ هل ما تقدم من كونها إشارة إلى تونس أم ما سيأتي من ترهات معذورون أصحابها فهم لم يعيشوا الربيع العربي ،بل أغلبهم لم تكن لهم ربما دراية البتة بحقيقة جغرافيا المنطقة ،بل اللوم والعتاب يقع على من جاءه البديل ولزم القديم وهو يحفظ قوله تعالى "فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب".أنظر أخي القارئ إلى ما جاء في فتح القدير للإمام الشوكاني عند تفسيره هذه الآية من سورة النور: "وقد اختلف المفسرون في معنى هذا الوصف ،فقال عكرمة وقتادة وغيرهم: إن الشرقية هي التي تصيبها الشمس إذا شرقت ،ولا تصيبها إذا غربت ،والغربية هي التي تصيبها إذا غربت ولا تصيبها إذا شرقت.وهذه الزيتونة هي في صحراء بحيث لا يسترها عن الشمس شيء لا في حال شروقها ولا في حال غروبها ،وما كانت من الزيتون هكذا فثمرها أجود - لنسأل خبراء زراعيين،أهل الذكر - .وقيل إن المعنى :إنها شجرة في دوحة قد أحاطت بها فهي غير منكشفة من جهة الشرق ولا من جهة الغرب،حكى هذا ابن جرير عن أبن عباس،قال ابن عطية: وهذا لا يصح عن ابن عباس ،لأن الثمرة التي بهذه الصفة يفسد جناها وذلك مشاهد في الوجود ،ورجح القول الأول الفراء والزجاج ،وقال الحسن: ليست هذه الشجرة من شجر الدنيا وإنما هو مثل ضربه الله لنوره ولو كانت في الدنيا لكانت إما شرقية وإما غربية .قال الثعلبي: قد أفصح القرآن بأنها من شجر الدنيا ،لأن قوله زيتونة بدلا من قوله شجرة ،قال ابن زيد: إنها من شجر الشام ،فإن الشام لا شرقي ولا غربي ،والشام هي الأرض المباركة." ( تم بحمد الله)