عاد الجامعي والسياسي المغربي محمد الساسي إلى التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، التي أقر فيها بأن "النظام المغربي السياسي يقوم على الازدواجية بين الدولة والحكومة"، مذكرا بتجربة حكومة عبد الله إبراهيم، الذي تحدث عن الحكومة الديوانية، وبتصريح عبد الرحمن اليوسفي ببروكسيل عن سلطة الحكومة وسلطة الدولة. المتحدث ذاته خلال محاضرة حول "الحصيلة السياسية للحكومة الحالية وآفاق النضال الديمقراطي"، التي نظمت من طرف فدرالية اليسار الديمقراطي بمدينة مراكش، استرسل بأن "مهمة رئيس الحكومة هي تخليص المغرب من هذه الازدواجية"، مشيرا إلى أن هذا الطرح "يعيدنا إلى لحظة الحكومة الأولى لعبد الله إبراهيم". وأشار الفاعل السياسي نفسه إلى أن بنكيران كان يقر بأن دخول الحكومة هو الاختيار السليم، منبها إلى أنه ;عد المغاربة بالإصلاح في إطار الاستقرار، لكن حصيلة حكومته كرست الأعطاب السياسية التي اشتكى منها. وزاد القيادي في "الاشتراكي الموحد" أن تجربة الحكومة الحالية كان يفترض فيها الدفاع عن مضامين الدستور، باعتبار الحكومة هي خلاصة صناديق الاقتراع؛ موردا أن "الإشكال هو كيف نحطم هذه الازدواجية، ونبني مجالا سياسيا بعيدا عن كل العناوين التي أبدعها بنكيران ليغطي عجز حكومته؟". "المشكلة اليوم هي إيجاد الأسلحة التي تمكّن من تجاوز هذه الخلل البنيوي في الجهاز السياسي المغربي"، يقول الساسي، مضيفا: "حصيلة الحكومة توضح بقوة أنها لم تساعد المغاربة على التخلص من السلطوية؛ لأن الاستبداد يملك دائما آليات للحد من بناء حكومة تتماشى مع منطوق الدستور". وأبرز المتحدث أن "النظام المغربي أبدع طريقة للتخلص من سمو الدستور، وهذا الوضع كرسه بنكيران من خلال تصريحاته المتعددة ومنها "أنا مجرد مساعد للملك"، و"لست مستعدا للصراع مع الملك"". وأضاف المحاضر عينه متحدثا عما أسماه "تناقضات منطق بنكيران"، قائلا إنه "يصرح بأنه يرفض التحكم ويقر بأنه ضد نظام يقوم على الملكية البرلمانية"، مؤكدا أن "كل من كان ضد الأخير فهو مع التحكم، والعكس صحيح"، ومنبها إلى أن "الأمين العام للبيجيدي يساهم في بناء تجربة سياسية جوهرها التحكم"، حسب تعبيره. الساسي أورد أن "كل الحكومات تعمل على تفادي كل الملفات الشائكة، كملف التقاعد، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية"، مفسرا إصرار الحكومة التي يترأسها حزب العدالة والتنمية على الخوض في الملف ببعث رسالة للدولة الديوانية مفادها "نحن نقدم لكم ما ستقدمه أحزاب الدولة العميقة"، على حد قوله. "بنكيران يقول الحقيقة بصراحة نغبطه عليها، لكنه يشوهها.. كنا سنتفق معه لو توقفت التظاهرات وتحققت مطالبها"، يقول المحاضر ذاته، مستدركا بأن "الأمين العام المذكور قدم كل هذه التنازلات دون مكاسب سياسية لصالح المواطنين"، حسب تعبيره. واستدل الساسي على ما يطرحه بربط التوظيف بالمباراة، قائلا إن "هذه حجة أريد بها باطل، لأن المطلوب هو الانتصار للقانون، والعمل على توفير فرص التشغيل"، ومشددا على أن "رئيس الحكومة ينتصر للحظوة المخزنية ضدا على بناء دولة ديمقراطية، في إطار صراعه مع حزب الأصالة والمعاصرة"، وفق تعبيره. وأكد المتحدث أن رئيس الحكومة عاجز عن تقديم جواب واضح حول ضمان نزاهة الانتخابات، "ما يعني ألا دليل من داخل مكونات النظام السياسي على شفافيتها"، داعيا شباب 20 فبراير الرافضين لتقاعد البرلمانيين والوزراء والأساتذة المتدربين إلى التصويت على فيدرالية اليسار، "حتى تتم ترجمة المطالب من خلال مشاريع قوانين"، على حد قوله. "أمام هذا الوضع الذي يكرس قطبية "البام" و"البيجيدي"، اللذين يتنافسان على من يقتطع أكثر من الديمقراطية ليحمي الملكية، هناك طريق ثالث يتمثل في الدفاع عن النظام الديمقراطي كأفضل ضامن لحماية الملكية، وهذا هم يحمله مناضلو الحزب الاشتراكي"، يضيف الساسي.