بكلمات راقية وعبارات مودة وامتنان نعى عبد الرحمان اليوسفي، أحد أشهر قادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيّة، رفيقه في النضال الصحافي محمد باهي، واصفا إياه ب"ولد مرابطي شنقيطي شهم شامخ، في مقدمة مؤسسي الممارسة الصحافية المعاصرة في المغرب". وأضاف الوزير الأوّل الأسبق: "نفخر بالراحل الفذ وبقلمه الذهبي النادر، كما كنا ومازلنا نفخر بأقلام كبرى اقتسمت مع باهي الكثير"، موضحا أنه "كان جديرا بكل أنواع التكريم، إلا أنه لم يتذوق جائزة ولم يتهافت على موقع ولم يطمع في مقابل". وتحدث اليوسفي عن ضرورة الاعتراف والامتنان وإيلاء الاعتبار لاسم باهي، مبرزا أنه "لا حق لبلاد في أن تفكر في مستقبلها بدون أن تتذكر التاريخ وأولئك الذين أسهموا في بناء تاريخها، وباهي من أبرزهم"، حسب تعبيره. اليوسفي، خلال ذكرى رحيل باهي، التي احتضن فعالياتها مقر وكالة المغرب العربي للأنباء بعد زوال اليوم، تحدث عن "إشعاع الراحل العميق في إثراء الممارسة الصحافية في المغرب والمغرب الكبير والعالم العربي كله"، قائلا: "مدينون لعزيزنا وفقيدنا بتضحياته وعطاءاته وحضوره المشع المغري والفاعل في تاريخنا الوطني". وأوضح اليوسفي أن باهي كان "صحافيا حقيقيا كبيرا مؤثرا في مسارات الأحداث الكبرى والتفاعلات التاريخية التي عاشها المغرب الكبير"، مذكرا ببعض المواضيع التي كان يكتب فيها، من قبيل تطورات أقاليمنا الصحراوية، وما يتصل بالقصية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، والحوار الحضاري وسبل الحوار بين البلدان العربية والدول الأوروبية، وخاصة فرنسا؛ ناهيك عن إلمامه بالتحقيق السياسي المطبوع بالخلفية التاريخية واللمسات التحليلية. وزاد اليوسفي: "نحتفي اليوم بحضور باهي بيننا من جديد بصدور خمسة أجزاء من كتابه، الذي يضم عشرات المقالات من افتتاحيته "رسالة باريس" التي كان ينشرها على جريدة الاتحاد الاشتراكي". ومن الخصال العديدة التي جاء اليوسفي على ذكرها في حق باهي أنه كان "يدرك أصول مهنته وروحها المنهجية ومستلزماتها المعرفية والمنهجية والنضالية". من جانبه تحدث مولاي حفيظ أمازيغ، رئيس "حلقة أصدقاء باهي"، عما أسماه "إعادة رسم خطوات باهي وأثره في التاريخ المغربي كصحافي ارتبط مساره الإعلامي بمساره النضالي داخل الحركة الوطنية، عن طريق ما تم إنجازه من عمل نشر حول رسالته التي كان ينتظرها عشرات الآلاف من القراء كل أسبوع". المتحدث ذاته جاء على الإشادة بالراحل قائلا: "عظمته تجاوزت حدود وطنه لتشمل العالم العربي، كما تميز بأسلوب فريد من نوعه، وله مقالات كتبت منذ أكثر من خمسة عقود، لكنها تبدو كأنها كتبت البارحة". وأوضح أن "حلقة أصدقاء باهي" تأسست خلال حياته من طرفه، وضمت جميع أصدقائه الكتاب والفلاسفة والصحافيين والمناضلين الاتحاديين، وخاصة "مناضلو الظل".