نظمت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية فرع وزان، بتنسيق مع المكتب الوطني للجمعية ذاتها والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بوزان، وبتعاون مع الهيئة العلمية العليا للتنسيق في الدراسات الإسلامية بالجامعات المغربية، ندوة علمية وطنية في موضوع: "منظومة القيم في المناهج التربوية لمادة التربية الإسلامية وأهميتها في ترسيخ التسامح ونبذ العنف والتطرف"؛ وذلك بحضور خبراء وفاعلين متخصصين في الميدان . رشيد البقالي، باعتباره كاتب فرع وزان للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، كان أول المتدخلين، وقال في كلمته الافتتاحية إن "الندوة جاءت تماشيا مع بيان الديوان الملكي الأخير بمدينة العيون، بغية تطوير مناهج التربية الإسلامية وبلورتها لمعالجة التطرف وترسيخ قيم التسامح والاختلاف". المتحدث نفسه أضاف أن "الهدف من هذا اللقاء هو الخروج بتوصيات سيتم رفعها للجهات المختصة، قصد المساهمة في تجديد هذه المناهج وتعزيز مكانة هذه المادة الدراسية في منظومة التربية والتكوين، خصوصا أن كثير من الدعاوى تتهمها بالغلو، ما شوه صورتها وجعل الكل يشير إليها بأصابع الاتهام"، مضيفا: "نحن هنا اليوم لنبين الصورة الحقيقية لمادة التربية الإسلامية، والمتمثلة في محاربة التطرف والعنف والغلو..". كلمة المجلس العلمي الأعلى، التي تلاها التهامي بنعزور، عن المجلس العلمي الإقليمي لوزان، بعدما تعذر حضور الأمين العام للمجلس، محمد يسف، لظروف قاهرة، تطرقت لإشكالات التعليم التي تستوجب التعريف بالظواهر والقضايا وتفتيت المشاكل والمساهمة في إصلاح الفرد والمجتمع والاستقرار والحفاظ على ثوابت الدولة (المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني)، "باعتبارها أولى أولويات المجلس العلمي الأعلى قصد اجتناب البلبلة والهلاك"، وفق تعبيره. من جانبه نوه العربي بوسلهام، المنسق العام للهيئة العلمية للتنسيق في الدراسات الإسلامية بالجامعات المغربية، بتعاطي الجمعية لهذا الموضوع في الوقت الراهن، "لما له من أهمية في الحفاظ على الأمن الروحي". بوسلهام استنكر تلفيق تهمة العنف والتطرف للإسلام، داعيا أساتذة التربية الإسلامية لأبناء الجالية والبعثات الطلابية بالمهجر إلى تجديد طرق تعاطيهم في التدريس، وإحداث دور للتعليم الأصيل، ودور للقرآن، "لما أثبتته من نجاعة في الالتزام بمبدأ الوسطية وترسخ قيم الدين السمحة، باعتبار مؤسسات التعليم العتيق حصنا منيعا ضد الغلو"، حسب تعبيره. أما رئيس المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، فأقر في مداخلته بتفشي ظواهر لا قيمية (إدمان المخدرات والإنترنيت والعنف المدرسي) بالوسط التربوي، خصوصا في صفوف المتمدرسين، داعيا إلى ضرورة التصدي لها وإيجاد حلول كفيلة بردعها. المتحدث نفسه اعتبر تجديد المناهج التربوية يدخل في صميم إصلاح الحقل الديني والتربوي، باعتبار المتغيرات السوسيو ثقافية.وذكر رئيس الجمعية بانخراط المملكة في محاربة التطرف والإرهاب عبر منهجين اثنين؛ أمني وروحي، لغلق أبواب الغلو في وجه المتعلمين، بما يتماشى مع متطلبات العصر. أما خالد الصمدي، رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية، ومستشار رئيس الحكومة، فقدم محاضرة حول دور منظومة القيم الإسلامية في ترسيخ التسامح ومواجهة التطرف، وشدد على كون مسألة تنقيح المناهج التربوية "ليست مقتصرة على مادة التربية الإسلامية، كما يخيل للبعض"، رافضا اختزال عملية التجديد في مادة بعينها دون أخرى، "وإنما تدخل في اختصاصات الشبيبة والرياضة وغيرها من الجهات"، ومرجعا ذلك إلى التحول الذي يشهده العالم العربي، لاسيما في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي، "ما أدى إلى ظهور مفاهيم جديدة عابرة للقارات"، وفق تعبيره. الخبير ذاته تطرق لنقاشات الشباب المسلم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تتلخص في الحياة والموت والمصير، والافتقاد للعدة العلمية والمنطقية للدفاع عن الإسلام، "ما يدفع إلى سلك طرق غير سليمة، قد تتعدى السب والشتم وتصل إلى حد التكفير" . وعرج الصمدي على التوجهات العامة للمملكة، خاصة مع زيارات عاهل البلاد إلى مناطق وبلدان جديدة، معتبرا إياها "مؤشرات تؤثر في مناهجنا وتجعل من التجربة المغربية تجربة رائدة يحتذى بها"؛ كما دعا إلى ضرورة تطوير الخطاب التربوي، الذي يروج داخل الفصل، وتنمية القدرة على تدبير الاختلاف، ناهيا في وقت نفسه أساتذة المادة عن تسويق خطاب دفاعي كحماة للخصوصيات. أما فريد الشاوي، عضو الجمعية المغربية لأساتذة اللغة العربية، فتأسف في تصريح لهسبريس، لاستغلال بعض الأطراف، لم يذكرها بالاسم، للقضية من أجل الضرب في مادة التربية الإسلامية وربطها بالعنف والتطرف وتحميل الأستاذ مسؤولية ذلك، "وهذا خطأ كبير وسوء فهم ينبغي التجند للرد عليه"، حسب تعبيره. واعتبر الشاوي مسألة ترسيخ القيم مشتركة بين جميع المواد التعليمية، داعيا إلى ضرورة الرفع من معامل المادة، وزيادة عدد ساعات تدريسها، والحث على إلزامية تدريسها بالتعليم الخصوصي والعمومي بالنسبة لجميع المستويات.