قال خالد الصمدي، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية المكلف بالتعليم العالي، إن الخطاب التربوي المستعمل داخل الفصول الدراسية متجاوز، مثل الوسائل البيداغوجية أيضا، بحكم أن متعلم اليوم "متعلم رقمي"، وبالتالي تنبغي مخاطبته بمنطق آخر وآلية جديدة تواكب التطور التكنولوجي والمجتمعي، داعيا إلى عدم الاقتصار على الوسائل التقليدية التي تعلمنا بها نحن داخل المدرسة العمومية. وأضاف المسؤول الوزاري: "لا يجب تحميل مادة التربية الإسلامية مسؤولية التربية على القيم والمواطنة لوحدها، كما يشاع، فهي جزء من كل، ضمن سياق منظومة تربوية هدفها منظومة قيمية متوازنة متكاملة للناشئة، تتقاطع فيها كل التخصصات"، مشيرا إلى مجهودات تبذل في ما يخص مراجعة برامج ومناهج هذه المادة لإرساء الأدبيات التربوية لتطوير التربية الإسلامية. كلام الصمدي جاء على هامش الملتقى الوطني الثالث لأطر وأساتذة التربية الإسلامية بمدينة وزان، بحضور خبراء وفاعلين متخصصين في الميدان، وهو الموعد المنظم من طرف الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية فرع وزان، بتنسيق مع المكتب الوطني للجمعية ذاتها والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بوزان، وبتعاون مع الهيئة العلمية العليا للتنسيق في الدراسات الإسلامية بالجامعات المغربية، وشركاء آخرين، تحت شعار "المواطنة بين سؤال الهوية والانتماء وسؤال الحق والواجب". وأضاف الصمدي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الملتقى يأتي في سياق خاص يتجلى في التحولات التي تعرفها منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، في انتظار صدور القانون الإطار للمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي الذي يعتبر أول قانون لهذه المنظومة في تاريخ المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم. وأوضح كاتب الدولة أن "هذه اللقاءات تسهم في بلورة إيجابيات مجتمعية بين المهتمين والفاعلين والمختصين لخلق تفاعلات بخصوص مقتضيات هذا القانون، سواء تعلق الأمر بلغات التدريس أو القيم المؤسسة للمنظومة التربوية وعلاقتها بالتنمية وسوق الشغل، وذلك من خلال حوار أكاديمي علمي وتربوي وفي إطار مقاربة تشاركية لإرساء هذا الإصلاح المتميز، ما سيعطي للقرار السياسي فاعليته وواقعيته". وأشار المسؤول الحكومي ذاته إلى "أهمية مادة التربية الإسلامية بصفة خاصة، والتجارب الكبرى التي يملكها المغرب في مجال صياغة خطاب تربوي إسلامي يمتح من الخصوصية الوطنية المبنية على التسامح والانفتاح؛ وهي العوامل التي جعلت من التجربة المغربية رائدة في الحقل الديني ومحطة اقتباس دول عديدة"، وفق تعبيره. أما رشيد البقالي، رئيس فرع وزان من الجمعية المغربية لأطر وأساتذة التربية الإسلامية، فقال إن "الملتقى يشكل فرصة يلتقي خلالها مختلف المتدخلين في المجال لتدارس مواضيع تتعلق بالمادة ومناقشة قضايا راهنية فكرية علمية وتربوية، بمشاركة مفكرين وخبراء وأكاديميين وباحثين لتعود مخرجاتها وفائدتها على المنظومة التربوية والناشئة". وأضاف البقالي لهسبريس: "اختيار قضية المواطنة كشعار أساسي لدورة الملتقى ينبني على اعتبار الموضوع تتجاذبه الهويات المختلفة، الكونية والحضارية منها، والخصوصيات المحلية والثقافية، بهدف الخروج بوثيقة أو تصور نبرز من خلاله موقفنا الفكري والعلمي والتربوي وطرح حلول للإشكالات المطروحة في قضية المواطنة". وأكد المتحدث نفسه أن "موضوع الملتقى ذو أبعاد عديدة، ويقارب مفهومي الوطنية والمواطنة ضمن جدلية الثابت والمتحول في علاقة الإنسان بالوطن والعالم، وفي إطار تدافع خصوصية القيم وكونيتها ودور مادة التربية الإسلامية في ذلك". ويراهن الملتقى، حسب بلاغ اللجنة المنظمة، "على ترسيخ الهوية ودعم المدرسة المواطنة في سياق تداعيات العولمة وما تثيره من تحديات قيمية، ودورها في إضعاف الهوية والانتماء الوطني، وهو ما يؤكده الواقع؛ فلا وجود لوطن بلا تراب وتاريخ، ومجتمع بلا عقيدة ومبادئ، وأمة بلا نظم وقيم باعتبارها محددات لهوية الوطن والمواطن". ويهدف الملتقى، الذي تستمر فعالياته ليومين، إلى ترسيخ قيم المواطنة والدمقرطة والتشاركية كمدخل من مداخل الحفاظ على الهوية الفردية والجماعية للمتعلم المغربي، تماشيا مع مضامين دستور 2011 التي تركز على القيم المشتركة التي تجمع بين الهوية والانتماء.