نموذج هولندا من أهم القضايا التي تواجه الجالية المغربية بهولندا بحلول شهر رمضان المعظم من كل عام، قضية بعثة الدعاة و المرشدين الذين تبعثهم وزاة الاوقاف والشؤون الاسلامية الى أوروبا من أجل القيام بدور الارشاد و الوعظ داخل المساجد التابعة للجالية المغربية. رغم ان هذه الانشطة اصبحت تقليدا ثابتا ومكسبا مهما للجالية و للدولة المغربية حيث يساعد هولاء الوعاظ و المرشدون على توطيد الثقافة الدينية ذات الطابع المغربي بين ابناء الجالية وتعزيز وتطوير الهوية الدينية المغربية في اوساط الجالية إلا أن هناك مجموعة من العوائق التي تقف في وجه هذه الانشطة وتشل فعاليتها وتاثيرها في الفئات المستهدفة. خاصة عندما يتعلق الامر بالجيل الثاني و الثالث من الهولنديين ذوي الاصول المغربية. ضرورة التأطير الديني تعرف هولندا حاليا اهتماما متزايدا بظاهرة عودة الشباب المسلم الى التدين، و هي ظاهرة اجتماعية دينية ونفسية و سلوكية تزداد نموا و انتشارا بشكل لم يكن يتوقعه الدارسون و المهتمون بالظاهرة الدينية. قد يختلف الباحثون حول تقييمها و تتبع اسبابها و عواقبها، ولكنهم مجمعون على أن الدين مازال يثير فضول قطاع مهم من الشباب و يوجه سلوكهم وتوجهاتهم المستقبلية. هنا تأتي أهمية السؤال حول خطورة دور التأطير الديني من قبل المؤسسات الدينية الرسمية و مدى أهلية و قدرة الائمة والدعاة المقيمين و الزائرين على المساهمة بشكل ايجابي في استيعاب هذه الطاقات الشابة و توجيهها في الاتجاه الصحيح. وكذا توفير شروط الاحتضان والتنمية في ظل ظروف صحية متوازنة ذات آفاق مستقبلية واعدة على المستوى الشخصي و الاجتماعي و الانسان قراءة نقدية لسياسة البعثات الدينية إلى الخارج: نموذج هولندا من أهم القضايا التي تواجه الجالية المغربية بهولندا بحلول شهر رمضان المعظم من كل عام، قضية بعثة الدعاة و المرشدين الذين تبعثهم وزاة الاوقاف والشؤون الاسلامية الى أوروبا من أجل القيام بدور الارشاد و الوعظ داخل المساجد التابعة للجالية المغربية. رغم ان هذه الانشطة اصبحت تقليدا ثابتا ومكسبا مهما للجالية و للدولة المغربية حيث يساعد هولاء الوعاظ و المرشدون على توطيد الثقافة الدينية ذات الطابع المغربي بين ابناء الجالية وتعزيز وتطوير الهوية الدينية المغربية في اوساط الجالية إلا أن هناك مجموعة من العوائق التي تقف في وجه هذه الانشطة وتشل فعاليتها وتاثيرها في الفئات المستهدفة. خاصة عندما يتعلق الامر بالجيل الثاني و الثالث من الهولنديين ذوي الاصول المغربية. ضرورة التأطير الديني تعرف هولندا حاليا اهتماما متزايدا بظاهرة عودة الشباب المسلم الى التدين، و هي ظاهرة اجتماعية دينية ونفسية و سلوكية تزداد نموا و انتشارا بشكل لم يكن يتوقعه الدارسون و المهتمون بالظاهرة الدينية. قد يختلف الباحثون حول تقييمها و تتبع اسبابها و عواقبها، ولكنهم مجمعون على أن الدين مازال يثير فضول قطاع مهم من الشباب و يوجه سلوكهم وتوجهاتهم المستقبلية. هنا تأتي أهمية السؤال حول خطورة دور التأطير الديني من قبل المؤسسات الدينية الرسمية و مدى أهلية و قدرة الائمة والدعاة المقيمين و الزائرين على المساهمة بشكل ايجابي في استيعاب هذه الطاقات الشابة و توجيهها في الاتجاه الصحيح. وكذا توفير شروط الاحتضان والتنمية في ظل ظروف صحية متوازنة ذات آفاق مستقبلية واعدة على المستوى الشخصي و الاجتماعي و الانساني. الجالية و الهجرة: الايجابيات و التحديات واقع المسلمين المغاربة في هولندا يتأرجح بين الايجابية والسلبية. من الناحية الايجابية فإن المسلمين من الجيل الاول قد بنوا مساجد وضحوا بوضعيتهم المادية من أجل إيجاد مراكز دينية للحفاظ على هويتهم الدينية وتوصيلها الى الجيل الثاني و الثالث. ظاهرة بناء المراكز الدينية ما زالت مستمرة في النمو و يشارك فيها الجيل الثاني بل يبدو انه بدأ يتسلم المشعل من الجيل الاول، نظرا لان الجيل الثاني و الثالث يتوفر على مؤهلات علمية و مكانة اجتماعية تجعله أكثر قدرة على التعامل و التواصل واستخدام قنوات وأدوات التاثير المجتمعي من الجيل الاول. من جانب آخر فأن ظروف الهجرة إلى جانب ما تأتي به من إيجابيات كتحسين مستوى المعيشة بالنسبة للجيل الاول، إلا أنها تسبب في كوارث وأزمات بالنسبة للاجيال اللاحقة. تتجلى في قوة و هيمنة الثقافة السائدة ومدى تسامحها مع الثقافات الوافدة، ومستوى التنظيم الاجتماعي و القانوني و الحقوقي الذي يتم استقبال المهاجرين من خلاله، وكذلك الفرص و الامكانيات التي يوفرها المجتمع المضيف للضيوف الجدد. هذه الظروف و الشروط و التطورات السابقة و اللاحقة توثر سلبا و ايجابا على القادمين الجدد وتعيد تشكيل حياتهم النفسية و الاجتماعية و السلوكية و الفكرية و بالتالي الدينية. من التسلط إلى الشراكة كما هو معلوم على المستوى السسيولوجي بالنسبة للمجتمعات الحديثة فإن هناك أزمة كبيرة تعاني منها مؤسسات التاطير التقليدية بسبب انهيار مفهوم السلطة التقليدي. هذا يُرى بوضوح داخل المؤسسات التعليمية والتربوية، داخل الاسرة وفي العلاقات الاسرية، وفي الاعلام، وفي علاقات العمل داخل الشركات و المؤسسات التجارية، وكذلك في العلاقة بين المرشد و الواعظ مع جمهوره. ظاهرة الوعاظ الجدد كما هو الحال على القنوات الفضائية نموذج يؤشر على ما نقول. باختصار فإن السلطة التقليدية اضطرت الى التنازل عن بعض امتيازاتها من أجل الحفاظ على وجودها. هذه الظاهرة يمكن تلخيصها بظاهرة الدمقرطة او الشورى، كما يسميها القرآن الكريم، على كل الاصعدة. بمعنى اعادة ترتيب كل انسجة السلطة التي تشكل العلاقات الانسانية في اطار مجتمع معين على اساس التوافق و التشاور و التداول و إعادة ترتيب العلاقات و الادوار والشرعية من أجل تفعيل كل الخلايا التي تشكل الجسد العام للمجتمع للانخراط في عملية البناء كل من موقعه. ( هنا دور السلطة كمفهوم، يسدد ويقارب و يربط وينسق و ويوفق و يسهل، مفهوم يشبه المطاط. وليس أسمنت مسلح كما هو الحال في الانساق التقليدية للسلطة ). الجالية على مفترق طرق فاذا رجعنا الى الجالية في وضعها الديني الحالي وما مدى إمكانية الاستفادة من هذه البعثات التي تزورنا في موسم شهر رمضان المبارك، فلابد أن نأخذ هذا المشهد بعين الاعتبار حتى يكون عملنا على بصيرة و لا نلقي باللوم عند الفشل على الاخرين. من المعلوم أن الجالية المغربية في هولندا من أكثر الجاليات التي يتم تداولها في النقاش العام الهولندي عندما يتعلق الامر بمشاكل الاندماج؛ يتعلق الامربتدني المستوى التعليمي و الدرجات المحصل عليها، تدني المشاركة في سوق العمل، نسبة الشباب العاطل عن العمل عالية أو يزاولون أعمالا في الدرك الاسفل من حيث المكانة الاجتماعية، نسبة تعاطي الاجرام و دخول السجون عالية، التفكك الاسري و نسبة الطلاق داخل الاسر المغربية نسبة عالية، الاضطرابات النفسية و السلوكية عند الاطفال و الشباب و الشيوخ في تزايد مستمر. وآخرا و ليس أخيرا تنامي ظاهرة التطرف الديني و الالتحاق بالجماعات الدينية القتالية في المناطق التي تنشط فيها. ظاهرة يحتل فيها الشباب المغربي دورا متقدما عن باقي الجاليات الاسلامية. هذا التوصيف السلبي القاتم يصدق على المستوى العام للجالية، وهي نسبة قليلة بالمقارنة مع الاشخاص الذين يساهمون بشكل كبير و في صمت في عملية بناء و تقوية مكانتهم الاجتماعية. ربما تكون الجالية المغربية من أكثر الجاليات حضورا ومشاركة على كل الاصعدة في المجتمع. وهذا لا يغيب على كل منصف محايد. لكن هذا لا يعني ان الجالية بخير. فخسارة نفس واحدة خسارة لكل النفوس، و هذه الظواهر السلبية في تزايد مستمر و وصلت الى مستوى مقلق لا يمكن أن نغطيها بتضخيم الذات و المدح الذي نراه يتكرر بشكل مخجل في الخطاب الرسمي عندما يتم الحديث عن الجالية في الخارج. نعود فنقول أن الهوية الدينية للمغارية، أمر يحتاج الى مقاربة علمية تشاركية فعلية و جادة وليس استغلالها كظاهرة اعلامية صوتية وموسمية. فإذا حصرنا النقاش في البعثات الدينية الرمضانية كنموذج لهذا البراديجمه فاننا نقول بدون استاذان بأن المقاربة لهذا الموضوع لحد الان مقاربة فاشلة لانها تعتمد الطرق التقليدية السلطوية في الاشتغال على هذا الموضوع مما يهدر الطاقات ويشتتها في مواجهة التحديات الجديدة. والدليل على هذا هو أن الجالية المغربية مخترقة من الناحية الدينية وقابلة للاستغلال و الاستثمار من قبل تيارات دينية و أيديولوجية متطرفة و انعزالية أو منحرفة مميعة. بينما هناك جاليات أخرى استطاعت أن تحافظ على تماسكها الديني و الاجتماعي لحد الآن، كما هو الحال بالنسبة للجالية التركية. الهوية الدينية المغربية للجالية والفرص الضائعة أن السوق الدينية الاسلامية تعج بمنتوجات ونماذج دينية مختلفة في ظل سوق مفتوح وجو ديمقراطي و مستهلك فتي نهم يحمل معه خلفية نفسية و فكرية و اجتماعية و وقتصادية و فكرية هشة على العموم وفي ظل حراك اجتماعي يتسم بالتاقطب و تنامي ظاهرة الترقب و التوجس و الخوف بل و العداء في بعض الاحيان لكل ما هو اسلامي، وفي ظل ظروف دولية متطرفة ترى الحل للصراعات الدولية في إذكاء نار الحرب و تأجيج العواطف و تغليبها على الحكمة و الاناة وتغليب المصلحة الاقتصادية الآنية على القيم الانسانية و المصالح المشتركة المستدامة. ككل السلع المعروضة فأن هذه المنتوجات والنماذج الدينية تستعمل كل الوسائل المتاحة من أجل الولوج الى كل المنازل و الوصول الى كل مراكز الادراك المتاحة عند الفئة المرجوة. مستفيدة في ذلك مما توفره الامكانيات الحديثة من وسائل التواصل الاجتماعية و الاعلامية الشخصية و العامة؛ من صورة، و افلام، و تسجيلات، ومواد للقراءة، و الموسيقى، و الانشودة، و القصة ، و بكل ما يتفرع عن هذه الاجناس من انواع و أشكال. لكن تبقي المقاربة الانسانية الشخصية أكثر تاثيرا في الصياغة و التأثير في شخصية الفتيان و الفتيات و في تشجيعهم و تحريضهم على أخذ القرارات المصيرية، مثل العدول عن أو تبني الافكار العنفية او الهجرة إلى المناطق المتوترة من اجل المشاركة في العنف أو تسهيل الطريق اليه. فما هو حال الموسسات المغربية التي يتوقع منها أن تساهم في تاطير الاجيال الناشئة تاطيرا دينيا متوازنا في ظل دولة ديمقراطية علمانية، لا يسمح لها الدستور و الاعراف الاجتماعية ان تتدخل في توجيه الجماعات الدينية و الاعتقادات الشخصية أو التأثير فيها أو الحد من حريتها ما دامت لا تتعارض مع ما يضمنه الدستور من حريات و حرمات؟ الدولة العلمانية في هولندا ليست دولة معادية و لا محابية للدين بل تريد أن تقف على مسافة واحدة ومحايدة من كل الاديان و الايديولوجيات؟ و بالتالي فعلى كل مجموعة دينية أن ترتب شوونها الداخلية و تنظم نفسها وفق قناعاتها في ظل النظام العام الذي يجب ان يكون في خدمة الجميع بغض النظر عن قناعاته و ميوله الشخصية و الايديولوجية. هذا من حيث مؤسسات الدولة، لكن الثقافة العامة المسيطرة و المتسترة في دهاليز الدولة ما زالت تلعب دورا مهيمنا في تكييف هذه المؤسسات وعجنها في قوالب تضمن لها السيطرة و الاستمرارية بالتاثير على التوجهات العامة للاشخاص و المؤسسات و الاعلام و السياسات العامة. هذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجهه المسلمون في اطار بناء مؤسسات اسلامية متجذرة في المجتمع الهولندي واندماج متوازن مع القدرة على تنمية و تجديد الهوية الدينية الخاصة التي تعتبر من حقوق الانسان الاساسية. وهو كذلك التحدي الذي تواجهه الدول الديمقراطية في الغرب. البعثات الدينية : من المقاربة العشوائية إلى المقاربة العلمية فيما يخص سياسة البعثات الرمضانية في ضوء هذا الواقع الذي وصفناه باقتضاب و اختزال فأن هدف هذه البعثة الاساسي يُفترض أن يكون هو ضمان الاستفادة منها بشكل فعال وكثيف في مدة زمنية قصيرة مع ضمان وصول صداها الى أكبر عدد ممكن من الجمهور، حتى بالنسبة للفئات التي لا تحضر الى المراكز الاسلامية بشكل نظامي أو لا تحضر اليها أصلا.هذا يجرنا الى اسئلة تتعلق ببناء نظرة كلية لهذا الواقع، وعن الاستراتيجية التي يجب اتباعها في مقاربة هذا الواقع واخيرا الطرق الاجرائية للتدخل الفعلي من أجل تنمية وتغيير الواقع. و لا ننسى الامكانيات المادية و البشرية التي يجب أن تستثمر في هذا المشروع. ثم من هم الشركاء و اصحاب المصلحة الذين يمكن أشراكهم في هذه الورشة؟ وما هي المواصفات و المحددات العلمية و الثقافية و المهاراتية التي ينبغي أن تتوفر في المؤطرين و القائمين على هذا الشأن؟ وما هي تكلفة هذا المشروع ومن يقوم بادائها؟ وكيف يقيم هذا المشروع ومتى ؟ ومن يقوم بهذا؟ ثم ننتقل إلى اسئلة تتعلق بالمضمون؛ مثل نوعية الخطاب ولغة التخاطب التي تحتاجها الفئة المستهدفة؟ و ما هي الاطر القادرة على مخاطبة هذا الجمهور المتنوع من حيث الجنس و العمر و الاهتمامات و المستوى الثقافي و المعرفي ولا ننسى الايدجولوجي ؟ ( سلفي، صوفي، مذهبي تقليدي أشعري، بل و حتى الشيعي؟) بأي لغة نخاطبه؟ ( هولندية، عربية، أمازيغية، دارجة مغربية ….). ما هي الاشكاليات العامة و الخاصة التي تواجهها الجالية على المستوى التربوي و النفسي و الاجتماعي و الاقتصادي و الفكري.؟ ما هي مستويات التدخل من أجل المساهمة في أقتراح حلول للتحديات و الاكراهات التي تواجههاالجالية؟ ما مدى مساهمة الجالية في صياغة برنامج تدبير الشأن الديني المغربي و ما طبيعة العلاقة التي تربط الجالية بهذا البرنامج و كيفية تكييفه بالحالة القانونية و الاجتماعية و السياسية لهولندا؟ هل تقوم هذه العلاقة على التعاون و التشاور و التقييم المشترك أم هي علاقة أحادية يقتصر فيها دور الجالية على تنفيذ برامج صيغت في إطار برنامج تدبير و تاطير الشأن الديني الموجه للاستهلاك الداخلي، ويراد للجالية أن تلتحق به دون ان يؤخذ رأيها وما تقترحة بعين الاعتبار؟ اسئلة كثيرة ملحة لكنها للاسف يتم إغفالها و مواراتها بالضجيج الاعلامي و الحيل الادارية و السياسية الضيقة الافق.إذا كنا جادين في وضع سياسات جديدة ذات أفق و مستقبل بعيد المدى فينبغي أن نجد مخارج تشاركية تشاورية شفافة للاجابة على هذه الاسئلة بناء على المقاييس و المؤشرات التي اشرنا إلى بعضها أعلاه. لكن هل حصل شيئ من هذا فيما يخص الواقع الديني للجالية وبالخصوص فيما يتعلق بالبعثات التي تفد علينا من المغرب خلال شهر رمضان المعظم؟ تحدي الإشراك في مقال نشره أسماعيل حمودي في جريدة االتجديد بتاريخ 07-10-2008 حول تدبير الشأن الديني في المغرب تطرق فيه للتحديات التي تواجه الوزراة المعنية من أجل انجاح الاصلاحات التي دشنت في 2004. قال فيه: (( ويمثل هذا تحديا آخر للوزارة الحالية، في إعمال أسلوب الإشراك والشراكات مع عموم الفاعلين في الحقل الديني، وخاصة على المستوى الشعبي، وهو توجه لم تقدم فيه الوزارة الوصية أي شيء منذ بدء الإصلاحات التي تنفذها منذ,2004 خاصة وأن الإشراك في تنفيذ السياسات العمومية يكاد يكون اليوم إحدى مرتكزات كثير من القطاعات الحكومية.ومن شأن إشراك الهيئات والمنظمات والجمعيات العاملة في الحقل الديني، أن يسهم في حل مشكلة الخصاص في الموارد البشرية اللازمة لتنفيذ المشاريع المعلن عنها، خاصة أن لبعض تلك الهيئات تجربة مهمة في الميدان، وتملك من الأطر والعلماء ما يمكنها أن تنهض بنجاح في تحقيق الأهداف المتوخاة منها.)) وهذا الكلام يقصد به الكاتب بالاساس الوضعية الداخلية، لكن بما أن الدستور الجديد يعتبر مغاربة العالم شريك اساسي في بناء و تنمية الوطن، فإن هذا الكلام يشمل الجالية بطبيعة الحال. البعثات الدينية وانتظارات الجالية نعود فنقول بأن المرشدين و الدعاة الذين يتم اختيارهم لمهمة الوعظ و الارشاد والذين تستقبلهم الجالية خلال شهر رمضان لا ترقى إلى مستوى التحديات و الانتظارات و لا تستجيب لتطلعات وحاجيات الجالية فيما يتعلق بالمهمة التي وكلت اليهم. بل تؤكد الصورة النمطية التقليدية للفقيه أو الامام الذي جاء من أجل (حاجة و زيارة ) كما يقال عندنا في المغرب. وإذا وجد بين هولاء المرشدين من كان متألقا و في المستوى فهذا لحد الآن استثناء يؤكد القاعدة. هنا كذلك اسئلة كثيرة يتداولها الخاص و العام حول كيفية اختيار هولاء الشخصيات لهذه المهمة وما مدى أهليتهم علميا و تربويا ؟ هل يتوفرون على مؤهلات تواصلية حديثة لاثارة فضول المستمع وتشويقه لمتابعة دروسه، دعك عن طريقة الالقاء وإدارة النقاشات الحوارية حول المواضيع الحسساسة التي تشغل جيل الشباب من ذكور و إناث. الطبيعة لا تحب الفراغ والجالية لا تحب الانتظار وبما أن الطبيعة لا تحب الفراغ كما يقال، فأن جهات أخرى منافسة تقوم بدعوة دعاة ومرشدين من المشرق و من المغرب ذات توجهات سلفية وهابية يتم تمويلها من جهات رسمية و غير رسمية للترويج للفهم السلفي الوهابي للاسلام. هذا التيار الذي جعل مهمته الاساسية تشكيك المسلمين في عقائدهم الدينية السنية الاشعرية، وتصوفهم السني، و إثارة الشكوك حول الفقه المذهبي وتبديع و إكفار المسلمين الذين لا يشاركونهم فهمهم للاسلام. هذا التيار يبدو انه في نمو مستمر وله تأثير يزداد يوما بعد يوم في أوساط الجالية المغربية ويخترق كل الفئات بدون استثناء. كما أن هناك التيارات الشيعية التي تحاول أن تجد موضع قدم لها وسط الجالية المغربية في هولندا. ولا ننسى التيارات الالحادية و الافكار الليبرالية التي تستهوي الشباب وتشجعه على الخروج من دائرة الاسلام. كما ان هناك جماعات منحرفة تحاول أن تتخلص من بعض الضوابط الاخلاقية و الدينية التي تعتبر من صميم الاسلام تحت راية تجديد الاسلام وتحديثه وتكييفه مع المجتمعات الغربية المابعد حداثية. هذه التحديات لا يمكن مواجهتها بالمرشدين و الوعاظ التقليديين الذين لا يتقنون و لو لغة اجنبية واحدة على الاقل، ولا دراية لهم بالاتجاهات الفكرية الفلسفية و الاجتماعية و النفسية الحديثة، ولا علم لهم بالحاجات النفسية و الاجتماعية للشباب و طرق التواصل معهم. كثير من المهتمين بالشأن الديني يرون أن الجالية في حاجة إلى مقرئين للقرآن ممن يتوفرون على الصوت الجميل أكثر من حاجتهم الى وعاظ و مرشدين من هذا الطراز التقليدي. فهولاء ليسوا أحسن حالا من الائمة الموجدين عندنا. فالاجدر أن يتم بعث مجودين ومقرئين يجمعون الناس حولهم بحسن ترتيلهم للقرآن مما يتيح الفرصة لمؤسسات المساجد لجمع الاموال لبناء مساجد جديدة أو إصلاحها وتوسعتها. فقد رايت أكثر من مرة كيف أن جمعية اسلامية أندونسية اسلامية تتوفر على مكان صغير للعبادة لكنها تقوم بكراء مدرسة كبيرة أو قاعة رياضية مغطاة في شهر رمضان وتستضيف مقرئا اندونسيا يدرس في السعودية في كل رمضان من أجل أداء صلاة التراويح. فماذا يحدث؟ معظم الزوار الذين يحضرون الى هذه القاعة من شباب وشابات الجالية المغربية. يتوافدون على المكان لاستماع القراءة الجميلة الندية التي وهبها الله لهذا الامام الذي اختير بعناية لهذه المهمة. بينما المساجد المغربية الرسمية في الحي لا يزورها إلا كبار السن من الرجال و النساء بينما الشباب و الشابات تعج بها باحة المدرسة أو القاعة الرياضية المكتراة لهذا الغرض. فيتم جمع اموال كثيرة في كل ليالي رمضان. و يلقن الشباب افكارا ومفاهيم تخالف النموذج الديني الذي تربى عليه ابناء المغارية في اسرهم. أما الاموال التي تجمع فالله وحده يعلم فيما تستعمل؟ وهذه مؤسسة دينية غير رسمية لكنها توضف جهودها بطريقة ذكية لتمويل مشاريعها بأموال وجهود مغربية، بينما مؤسسات المساجد خاوية على عروشها أو تكاد. وهذه السياسة يتم استنساخها من طرف مؤسسات سلفية ناشطة لاستقطاب الشباب واستمالتهم إلى مراكزهم مستعملين اللغة الهولندية بينما المساجد المغربية التقليدية تستعمل اللغة العربية الفصحى و إذا ترجمت محاضراتها فبلغة ركيكة ومخشبة و مملة. ضرورة إيجاد البدائل الجذابة للشباب فنحن أذن أمام صورة سلبية تكونت في ذهن الخاص والعام عن كيفية اختبار هولاء المرشدين الدينيين وما هي الكفاءات التي تتوفر فيهم ؟ ولماذا لا يتم اخضاعهم لمباريات تعتمد مقاييس الشفافية التي هي من شعارات المرحلة. وما هي مستواياتهم العلمية وقدراتهم الدعوية؟ وما هي دواعي اختيارهم لهذه المهمة وما مدى اهتمامهم و اطلاههم على مستجدات فقه الاقليات الاسلامية في الغرب وتمكنهم من اللغات الاجنبية التي تمكنهم من الاطلاع المباشر على ثقافة المجتمعات اللاتي تستظيفهم . هذه النماذج تجعل الشباب المغربي يزداد نفورا من المساجد المغربية و من الوعاظ و المرشدين الذين يزورن المساجد في شهر رمضان ويبحثون عن بدائل أكثر جاذبية وشهية عبر القنوات الفضائية الشرقية، و الانترنيت، أو يبحثون عن أْئمة ودعاة قادرين على اشباع فضولهم ونهمهم الروحي. هذا كله لان النموذج الرسمي سواء منه المحلي ( لانه ضعيف ورديئ ) أو القادم من المغرب (لانه غير مكترث و سلطوي ) غير قادريْن على بناء علاقة ثقة وإيجاد قنوات تواصل إيجابية بين الفاعل المحلي و المؤسسة الدينية الرسمية التي انتجت سياسة تدبير الشان الديني في داخل الوطن. طبعا هناك محاولات لايجاد وسائط مؤسسية تربط الجالية بالوطن الام مثل مجلس الجالية المغربية، و المجالس العلمية، و اتحاد علماء المغارية بأوروبا، وهي مبادرات لا يمكن التقليل من دورها في ايجاد اجوبة مناسبة للجالية، رغم اللبس وغياب الشفافية الذي اكتنف تأسيسها وكيفية اختيار أعضائها و طرق محاسبتها، وطبيعة العلاقة بينها و بين مؤسسات الجالية المحلية، لكن هذه المؤسسات لا يمكن الاستعاضة بها عن مؤسسات الجالية و عن الوجوه الفاعلة و الجادة في وسط الجالية. فهناك مبادرات فردية و جماعية أكثر احتكاكا بالواقع وأكثر فهما للحساسيات السياسية و الاجتماعية و الثقافية لابد من ايجاد شراكة متكافئة معها لبناء نموذج لمقاربة تدبيرية للشأن الديني للجالية أكثر واقعية وفعالية. من الفوضى إلى التخطيط ومن التسلط إلى الشراكة هذه الاشكالات التي يطرحها علينا واقع الهجرة و الجالية لابد من دراستها دراسة علمية متأنية حتى نقدم اجابات عملية فعالة لمواجهة الفوضى الدينية التي تعيشها الجالية وتستفيد منها الاتجاهات المتطرفة و المنحرفة. الجالية المغربية في حاجة ماسة إلى تفعيل ممانعة دينية قوية قبل فوات الاوان. السياسات و الاستراتيجيات و الوسائل الحالية المستعملة لاستعادة المبادرة وبناء هوية دينية مغربية تتبنى نظرة أحادية سلطوية قائمة على الاحتواء و الاستقطاب وتسير في اتجاه معاكس لمقتضيات دستور 2011، والخطاب الرسمي الذي يتحدث باستمرار عن ضرورة الشراكة و المقاربة التشاركية. على الاقل فيما يتعلق بشؤؤن الجالية الدينية. المساجد المغربية تتعرض لهجمة شرسة من طرف التيار الوهابي السلفي حتى كادت المساجد المغربية أن تخلو تماما من اي مظهر من مظاهر التدين المتعارف عليه في المغرب. فلا قراءة للحزب في الصباح و المساء، و لا دعاء جماعي بعد الصلوات الخمس و لا دعاء القنوت في صلاة الصبح . بل هناك أئمة يقرؤون القرآن برواية حفص بينما هم درسوا في المغرب وحفظوا القرآن وفق رواية ورش. ومن الائمة المغارية من يفتي الناس بفتاوى الشيخ ابن باز و فتاوى الالباني في قضايا العبادات و المعاملات و الاخلاق مما يسبب لعامة الناس ارتباكات ويثير عندهم شكوك حول مدى صحة التعبد على مذهب مالك. وتشتد هذه الازمة عند الشباب الذي لا يكاد يستوعب اسباب هذه الاختلافات الفقهية المذهبية. بل من الائمة ممن يشتغل في مراكز اسلامية مغربية، من يجهر بتبديع من يخالف المذهب الحنبلي وهو يظن أنه يفتي الناس بصحيح الكتاب و السنة على طريقة السلف. هذه أمثلة بسيطة تتعلق بالعبادات التي يمارسها الانسان في حدود المسجد أو المنزل، فكيف بنا إذا تطرقنا لقاضايا فقهية تتعلق بالحياة العامة التي يواجهها المسلم في حياته الاجتماعية وفي علاقته بالاخرين.