غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جمعية المحامين ترحب بالوساطة للحوار‬    حموشي يخاطب مجتمع "أنتربول" بالعربية    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    النصيري يزور شباك ألكمار الهولندي    المدير العام لإدارة السجون يلوح بالاستقالة بعد "إهانته" في اجتماع بالبرلمان    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    طنجة .. مناظرة تناقش التدبير الحكماتي للممتلكات الجماعية كمدخل للتنمية    المغرب يمنح الضوء الأخضر للبرازيل لتصدير زيت الزيتون في ظل أزمة إنتاج محلية    المنصوري تكشف عن برنامج خماسي جديد للقضاء على السكن الصفيحي وتحسين ظروف آلاف الأسر    مجلس الجالية يشيد بقرار الملك إحداث تحول جديد في تدبير شؤون الجالية    الموقف العقلاني والعدمي لطلبة الطب    إحصاء سكان إقليم الجديدة حسب كل جماعة.. اليكم اللائحة الكاملة ل27 جماعة    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    حموشي يترأس وفد المغرب في الجمعية العامة للأنتربول بغلاسكو    هذه حقيقة الربط الجوي للداخلة بمدريد        المغرب يعتمد إصلاحات شاملة في أنظمة التأمين الصحي الإجباري    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الأسباب الحقيقية وراء إبعاد حكيم زياش المنتخب المغربي … !    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    توقيف 08 منظمين مغاربة للهجرة السرية و175 مرشحا من جنسيات مختلفة بطانطان وسيدي إفني    بايدن يتعهد بانتقال "سلمي" مع ترامب    اعتقال رئيس الاتحاد البيروفي لكرة القدم للاشتباه في ارتباطه بمنظمة إجرامية    الخطاب الملكي: خارطة طريق لتعزيز دور الجالية في التنمية الاقتصادية    ‬‮«‬بسيكوجغرافيا‮»‬ ‬المنفذ ‬إلى ‬الأطلسي‮:‬ ‬بين ‬الجغرافيا ‬السياسية ‬والتحليل ‬النفسي‮!‬    الجماهير تتساءل عن سبب غياب زياش    "أجيال" يحتفي بالعام المغربي القطري    ياسين بونو يجاور كبار متحف أساطير كرة القدم في مدريد    المنصوري تكشف حصيلة برنامج "دعم السكن" ومحاربة دور الصفيح بالمغرب    2024 يتفوق على 2023 ليصبح العام الأكثر سخونة في التاريخ    ليلى كيلاني رئيسة للجنة تحكيم مهرجان تطوان الدولي لمعاهد السينما في تطوان    مجلس جهة كلميم واد نون يطلق مشاريع تنموية كبرى بالجهة    انطلاق الدورة الرابعة من أيام الفنيدق المسرحية    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    ما هي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين        سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التأطير الديني لمغاربة الخارج ..التحديات وجهود الدولة
نشر في التجديد يوم 04 - 04 - 2013

دعم الجمعيات، بناء المساجد والمشاركة في تسييرها، إرسال البعثات الدينية إلى الخارج، تلك أهم ملامح المبادرات الوطنية من أجل تأطير الجالية المغربية في الخارج التي يصل تعدادها إلى 5 ملايين شخص موزعين على معظم دول العالم وأغلبهم في أوربا، هؤلاء المغاربة الذين دفعتهم ظروف العيش والبحث عن فرص لحياة أفضل يجدون أنفسهم محاصرين في دول المهجر بخليط من الأديان والمذاهب والأفكار التي تجرهم نحو التطرف أو نحو الانسلاخ عن الهوية، ويجد الشباب أنفسهم على الخصوص ضائعين وسط هذا الخليط. فهل تنهج الدولة المغربية سياسة واضحة لتأطير هؤلاء في الجانب الديني والهوياتي، وهل المبادرات والمقاربات التي تنهجها السلطات المغربية قادرة على استيعاب أجيال مختلفة من مغاربة الخارج وعلى مواجهة تلك المذاهب والأفكار والاستجابة للحاجيات الروحية والدينية لأبناء المغرب.
البعثة العلمية
تنخرط عدد من المؤسسات في وضع برامج للتأطير الديني للجالية، منها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المجلس العلمي الأعلى ومجلس الجالية ومؤسسة الحسن الثاني للجالية المغربية المقيمة بالخارج، وزارة الأوقاف الوصية على الشأن الديني بالمغرب تخصص في باب التأطير الديني للجالية المغربية بالخارج ميزانية تقدر ب 117 مليون درهم. تصرف على عدد من المبادرات إذ تعمل الوزارة على إيفاد بعثات علمية خلال شهر رمضان إلى أوروبا، وكندا وإفريقيا. وقد بلغ عدد أعضاء بعثة خلال العام الماضي 227 عضوا موزعة على النحو التالي: 180 مشفعا، و 32 واعظا ومرشدا، و15 واعظة، هذه العملية تطرح عددا من التساؤلات، ففي الوقت الذي تقول فيه الجالية إن هؤلاء الذين يتم إرسالهم إلى الخارج لتأطير الجالية لا يحققون النتائج المطلوبة خاصة وأن منهم من لا يعرف لغة البلد الذي يسافر إليه والثقافة السائدة فيه ما يجعلهم بعيدين عن هموم الجالية ومشاكلها، بالمقابل يتحدث الأئمة في المغرب عن شروط غير واضحة وغير شفافة في اختيار البعثة العلمية التي تسافر كل عام إلى الخارج، وفي هذا الصدد يقول محمد سمير رئيس الرابطة الوطنية لأسرة المساجد أن اختيار الأئمة والوعاظ والمشفعين لتأطير الجالية لا يخضع لأي معيار علمي أو معيار آخر واضح ومعلن تتخذه السلطات المحلية أي المندوبيات بل إن المسألة كما يقول «لاتخضع لمعايير واضحة «ويضيف محمد سمير» المندوبيات لا تنشر إعلانا شفافا توضح من خلاله المعايير وتعلن عن مباراة مثلا لاختيار الأئمة والوعاظ والمشفعين القادرين على تأطير الجالية لكن المسألة تتم بطريقة غامضة وغير مفهومة وغير شفافة».
التعويضات التي يحصل عليها الأئمة والمشفعون نظمتها وزارة الأوقاف بمرسومين صادق عليهما المجلس الحكومي، الأول صادر في يوليو 2012 ويتعلق بصرف مكافأة للمشفعين المتوجهين إلى الخارج خلال شهر رمضان؛ من أجل تحفيز هؤلاء المشفعين على أداء مهامهم على أحسن وجه، ومساعدتهم على تحمل تكاليف الإقامة والمعيشة بديار المهجر، وقد تم تحديد مقدار هذه المكافأة في 1000درهم عن كل يوم، مع تذكرة السفر ذهابا وإيابا. أما المرسوم الثاني المتعلق بالأئمة فقد تمت المصادقة عليه في شهر مارس المنصرم ويحدد نفس المصاريف.
جهود الوزارة
تقول وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في تقريرها السنوي لسنة 2012 إنها زودت المساجد التي يرتادها أفراد الجالية بكمية مهمة من المصحف المحمدي الشريف (25000 مصحف) والمطبوعات المتنوعة للوزارة، وذلك بالتنسيق مع سفارات المملكة المغربية بالخارج، كما زودت جمهورية غينيا بيساو ب(1500) نسخة من المصحف. لكن توزيع هذه المطبوعات باللغة العربية وعدم ترجمتها إلى لغات مختلفة يجعل الاستفادة منها محصورة في الجيل الأول من مغاربة الخارج.
الوزراة عددت في تقريرها المذكور عددا من المبادرات التي قالت إنها تدخل في إطار «العناية بشؤون الجالية المغربية بالخارج» ومن ذلك أنها خصصت اعتمادات لبناء وإصلاح وترميم المساجد بأرض المهجر(فرنسا) و(تشاد) و(نيجيريا)، ودعم المراكز الثقافية والجمعيات القائمة بالتأطير الديني للجالية المغربية بالخارج، ونقل وإيواء الوفود الممثلة للجالية المغربية بالخارج في مختلف التظاهرات والمناسبات الدينية والوطنية، ونقل المشفعين إلى الخارج خلال شهر رمضان الأبرك مع تقديم مكافآت يومية لهم ، كما تمت المشاركة في أشغال اللقاء الدولي للاحتفال باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج الذي نظمته الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالجالية المغربية بالخارج تحت عنوان «الدستور الجديد وتطوير الأداء للنهوض بقضايا الجالية المغربية المقيمة بالخارج»، وعلى هامش هذه الندوة شاركت الوزارة برواق ضمن المعرض، ووزعت بهذه المناسبة 100 نسخة من المصحف الكريم وبعض منشورات الوزارة على أزيد من 100 جمعية ممثلة لأفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، كما تم إبرام اتفاقية شراكة مع المركز الثقافي الإسلامي بمسجد أبي بكر الصديق بفرانكفورت ألمانيا، وذلك في إطار التواصل والتعاون مع الجالية المغربية بالخارج.
المغاربة وتدبير المساجد
في فرنسا يحضر المغاربة بشكل كبير في تسيير الجمعيات المشرفة على المساجد، وفي إسبانيا كشفت دراسة أعلنت نهاية عام 2012 أن حوالي 90 بالمائة من المساجد يشرف عليها مغاربة ويمولونها تمويلا ذاتيا كما أن معظم المساجد تكون بها ترجمة خطبة الجمعة إما ترجمة فورية أو إعداد ملخص مترجم بالاسبانية لغير الناطقين بالعربية، معظم هذه المساجد التي تم فتحها ويشرف على تسييرها مغاربة تم تمويلها من تبرعاتهم الخاصة، أكثر من اعتمادهم على المساعدات التي تأتي من الحكومة الاسبانية.
منتصر حمادة،باحث في الشأن الديني: من المفترض أن تنخرط مجمل المؤسسات والمبادرات في سياق عمل استراتيجي
● يعيش 5 ملايين مغربي خارج المغرب معظمهم في دول أوربا حيث يتفاعلون مع مذاهب وأفكار عديدة، هل في نظركم يتوفر المغرب على سياسة دينية واضحة تستهدف مغاربة الخارج؟
❍ لا يمكن الحديث عن غياب سياسية دينية بخصوص التعامل مع تدين مغاربة الخارج، ليس فقط لأننا نعاين وجود العديد من المؤسسات والفاعلين في هذا الصدد، في الداخل والخارج، ولكن أيضا بسبب وجود إكراهات موضوعية على الخصوص، تهم أحوال التدين في الخارج، تطلبت أو تتطلب وضع سياسية دينية في إطار التفاعل مع هذه الإكراهات، والتي نجد فيها عوامل عقدية ومذهبية وحتى عوامل أمنية وسياسية.
في الشق الأول، لدينا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مثلا، التي تسهر على إرسال أئمة ومرشدين في شهر رمضان مثلا، ولدينا على الخصوص المجلس العلمي للجالية المغربية، والذي أعلن عن تأسيسه الملك محمد السادس في خطاب 27 شتنبر 2008، وفي غضون أربعة أشهر، عقد المجلس أول اجتماع لنواته التأسيسية، وذلك يوم يناير 2009.
إضافة إلى هذه المؤسسات والمبادرات، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار العمل الاستشاري الذي يقوم به مجلس الجالية المغربية بالخارج، وبحكم أن المؤسسة ذات طبيعة استشارية أساسا، فقد نظمت العديد من الورشات المغلقة أو المفتوحة للبحث في هذا الموضوع خلال الأربع سنوات الأخيرة، ونخص بالذكر ورشات وندوات نظمت في فاس والدار البيضاء والرباط، وفي ستراسبورغ بالخارج (فرنسا)، وفي محطات أخرى.
● كيف تقيم هذه السياسة وما مدى استجابتها لطموحات مغاربة الخارج؟
❍ إن كان هناك عنوان جامع بخصوص تقييم أداء هذه المؤسسات، فنعتقد أنه يدور حول موضوع التنسيق والتعاون، بمعنى أنه من المفترض أن تنخرط مجمل هذه المؤسسات والمبادرات في سياق عمل استراتيجي تعاوني، يخدم مشروع المسؤولين المغاربة على الانخراط في تدبير الشأن الديني لمغاربة الخارج، ولا نتحدث عن تدبير هذا الشأن، لأن الأمر معقد جدا، بخلاف السائد في الفضاء التداولي المغربي، أي الفضاء الجغرافي، حيث تسود رؤية واضحة، بشكل أو بآخر حول معالمه، مع معرفة أهم الفاعلين الدينيين، وأهم التحديات، أما في حالة الجالية، فالأمر معقد للغاية، بسبب هول التحديات التي تواجه تدين مغاربة الخارج، نقول هذا ونحن نأخذ بعين الاعتبار الاختراق الشيعي الكبير الذي طال الجالية المغربية في بلجيكا مثلا.
وبالتالي من الصعب الحديث عن استجابة السلطات المغربية لطموحات مغاربة الخارج، بحكم أن الأمر يتطلب جرد معالم الخريطة الجغرافية لمغاربة الخارج، وخاصة في القارة الأوروبية، وجردا مفصلا للمؤسسات والجمعيات والمساجد التابعة أو المحسوبة على مغاربة الخارج، مع الأخذ بعين الاعتبار حسابات ومخططات باقي الفرقاء العرب والمسلمين (حسابات الجزائريين مثلا في فرنسا، أو حسابات الأتراك في ألمانيا..)
● توصف عمليات دعم الجمعيات وإرسال البعثات الدينية لتأطير مغاربة الخارج بكونها تتم بشكل غير واضح وغير شفاف، هل تتفق مع هذا الرأي؟
❍ من المؤكد أنه يصعب ضبط تفاصيل مثل هذه المبادرات، وهذا أمر متوقع، لأن تفعيل أبسط مقتضيات الحكامة أو الضبط الصارم للدعم المالي والميداني لمجمل هذه العمليات، يتطلب «جيشا» من المسؤولين في الداخل والخارج، وهذا أمر نعاني منه داخل الساحة المغربية في أداء بعض المؤسسات العمومية والخاصة، فكيف يكون الأمر مع مؤسسات الخارج، ولكن بالرغم من هذا العائق الموضوعي، هناك مبادرات لمأسسة هذه العمليات وتغذية المؤسسات المعنية بتدبير تدين الجالية بطاقات نوعية ومؤهلة (كما نعاين ذلك مثلا في بعض أسماء المجلس العلمي للجالية)، وغيرها من المبادرات، التي من المفترض، نظريا على الأقل، أن تساهم في وضع حد لهذه القلاقل الخاصة بموضوع الدعم المالي للجمعيات وإرسال البعثات الدينية، بما يخدم مشروع الحفاظ على تدين مغاربة الخارج، أي ذلك التدين الوسطي والمعتدل، والمختلف بشكل كبير عن باقي أنماط التدين لمسلمي القارة العجوز.
عمر المرابط عضو مجلس الجالية
التأطير موسمي لا يلبي الحاجيات
قال عمر المرابط رئيس شبكة مغرب التنمية بفرنسا وعضو مجلس الجالية إن السياسة الدينية للمغرب في الخارج أخذت منحى جديدا ومحمودا مع مجيء الوزير أحمد التوفيق لوزارة الأوقاف، حيث شكل تنظيم الحقل الديني المغربي بادرة طيبة وأنشئت جمعيات تجمع المغاربة في الخارج وتؤطرهم خاصة في شهر رمضان الكريم مع البعثات الدينية لكنه مع ذلك -يقول لمرابط - يبقى تأطيرا موسميا لا يلبي حاجيات التأطير الدائم والمستمر.
ورغم هذه المجهودات ورغم إنشاء المجلس العلمي الأوروبي إلا أن هناك ملاحظات كثيرة يسجلها لمرابط في حديثه ل»التجديد» وفي هذه الصدد يوضح المتحدث أهمية تحديد الغاية المرجوة من هذا التأطير، علاوة على أن الكثير من الأئمة المرسلين لا يجيدون التحدث بلغات أجنبية تسمح لهم بمخاطبة مغاربة كل بلد بلسان قومه مما يجعل تأثيرهم يقتصر على الجيل الأول من المهاجرين وهم في غالبيتهم لا خوف عليهم.
بالإضافة إلى ذلك يؤكد عضو مجلس الجالية على غياب استراتيجية واضحة في التعامل مع مغاربة الخارج في موضوع التأطير ما أدى -حسبه- إلى فشل ملف تعليم اللغة العربية، كما أن ملف التأطير الديني يهدده الفشل في الوقت الذي نجد فيه شبابنا عرضة للتيارات المتطرفة وبعض الطوائف المنحرفة مثل الأحباش والأحمدية وغيرهما، زد على هذا التشيع في بلدان مثل بلجيكا أو السلفية المتطرفة كما هو الحال في فرنسا.
ودعا المرابط السلطات المشرفة على هذا الشأن إلى إعادة النظر في تدبير هذا الملف «فنحن بحاجة أكثر إلى علماء وفقهاء ربانيين وسطيين في خطابهم وممارستهم ويتكلمون باللغات الأجنية أكثر من حاجتنا إلى أئمة لا قدرة لهم لا على التأطير ولا على فهم الواقع ولا على الخطاب الجذاب» يؤكد المتحدث .
وتساءل المرابط، أما آن الوقت مثلا كي نطبع مصاحف برواية ورش مع الترجمة؟ أما آن الوقت لمد مغاربة الخارج بالكتب والبرامج التأطيرية التي تأخذ بعين الاعتبار واقعهم المعيش؟ أما آن الوقت لإعادة انتشار معلمي اللغة العربية الذين لا يقومون بواجبهم في التعليم، والكل يعلم أن هذا الملف لا يمكن فصله عن ملف التأطير الديني؟ أما آن الوقت لإحداث مدارس مغربية على منوال البعثات الفرنسية في المغرب مثلا؟
التأطير الديني لمغاربة الخارج ..
التحديات وجهود الدولة
دعم الجمعيات، بناء المساجد والمشاركة في تسييرها، إرسال البعثات الدينية إلى الخارج، تلك أهم ملامح المبادرات الوطنية من أجل تأطير الجالية المغربية في الخارج التي يصل تعدادها إلى 5 ملايين شخص موزعين على معظم دول العالم وأغلبهم في أوربا، هؤلاء المغاربة الذين دفعتهم ظروف العيش والبحث عن فرص لحياة أفضل يجدون أنفسهم محاصرين في دول المهجر بخليط من الأديان والمذاهب والأفكار التي تجرهم نحو التطرف أو نحو الانسلاخ عن الهوية، ويجد الشباب أنفسهم على الخصوص ضائعين وسط هذا الخليط. فهل تنهج الدولة المغربية سياسة واضحة لتأطير هؤلاء في الجانب الديني والهوياتي، وهل المبادرات والمقاربات التي تنهجها السلطات المغربية قادرة على استيعاب أجيال مختلفة من مغاربة الخارج وعلى مواجهة تلك المذاهب والأفكار والاستجابة للحاجيات الروحية والدينية لأبناء المغرب.
● سناء القويطي
البعثة العلمية
تنخرط عدد من المؤسسات في وضع برامج للتأطير الديني للجالية، منها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المجلس العلمي الأعلى ومجلس الجالية ومؤسسة الحسن الثاني للجالية المغربية المقيمة بالخارج، وزارة الأوقاف الوصية على الشأن الديني بالمغرب تخصص في باب التأطير الديني للجالية المغربية بالخارج ميزانية تقدر ب 117 مليون درهم. تصرف على عدد من المبادرات إذ تعمل الوزارة على إيفاد بعثات علمية خلال شهر رمضان إلى أوروبا، وكندا وإفريقيا. وقد بلغ عدد أعضاء بعثة خلال العام الماضي 227 عضوا موزعة على النحو التالي: 180 مشفعا، و 32 واعظا ومرشدا، و15 واعظة، هذه العملية تطرح عددا من التساؤلات، ففي الوقت الذي تقول فيه الجالية إن هؤلاء الذين يتم إرسالهم إلى الخارج لتأطير الجالية لا يحققون النتائج المطلوبة خاصة وأن منهم من لا يعرف لغة البلد الذي يسافر إليه والثقافة السائدة فيه ما يجعلهم بعيدين عن هموم الجالية ومشاكلها، بالمقابل يتحدث الأئمة في المغرب عن شروط غير واضحة وغير شفافة في اختيار البعثة العلمية التي تسافر كل عام إلى الخارج، وفي هذا الصدد يقول محمد سمير رئيس الرابطة الوطنية لأسرة المساجد أن اختيار الأئمة والوعاظ والمشفعين لتأطير الجالية لا يخضع لأي معيار علمي أو معيار آخر واضح ومعلن تتخذه السلطات المحلية أي المندوبيات بل إن المسألة كما يقول «لاتخضع لمعايير واضحة «ويضيف محمد سمير» المندوبيات لا تنشر إعلانا شفافا توضح من خلاله المعايير وتعلن عن مباراة مثلا لاختيار الأئمة والوعاظ والمشفعين القادرين على تأطير الجالية لكن المسألة تتم بطريقة غامضة وغير مفهومة وغير شفافة».
التعويضات التي يحصل عليها الأئمة والمشفعون نظمتها وزارة الأوقاف بمرسومين صادق عليهما المجلس الحكومي، الأول صادر في يوليو 2012 ويتعلق بصرف مكافأة للمشفعين المتوجهين إلى الخارج خلال شهر رمضان؛ من أجل تحفيز هؤلاء المشفعين على أداء مهامهم على أحسن وجه، ومساعدتهم على تحمل تكاليف الإقامة والمعيشة بديار المهجر، وقد تم تحديد مقدار هذه المكافأة في 1000درهم عن كل يوم، مع تذكرة السفر ذهابا وإيابا. أما المرسوم الثاني المتعلق بالأئمة فقد تمت المصادقة عليه في شهر مارس المنصرم ويحدد نفس المصاريف.
جهود الوزارة
تقول وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في تقريرها السنوي لسنة 2012 إنها زودت المساجد التي يرتادها أفراد الجالية بكمية مهمة من المصحف المحمدي الشريف (25000 مصحف) والمطبوعات المتنوعة للوزارة، وذلك بالتنسيق مع سفارات المملكة المغربية بالخارج، كما زودت جمهورية غينيا بيساو ب(1500) نسخة من المصحف. لكن توزيع هذه المطبوعات باللغة العربية وعدم ترجمتها إلى لغات مختلفة يجعل الاستفادة منها محصورة في الجيل الأول من مغاربة الخارج.
الوزراة عددت في تقريرها المذكور عددا من المبادرات التي قالت إنها تدخل في إطار «العناية بشؤون الجالية المغربية بالخارج» ومن ذلك أنها خصصت اعتمادات لبناء وإصلاح وترميم المساجد بأرض المهجر(فرنسا) و(تشاد) و(نيجيريا)، ودعم المراكز الثقافية والجمعيات القائمة بالتأطير الديني للجالية المغربية بالخارج، ونقل وإيواء الوفود الممثلة للجالية المغربية بالخارج في مختلف التظاهرات والمناسبات الدينية والوطنية، ونقل المشفعين إلى الخارج خلال شهر رمضان الأبرك مع تقديم مكافآت يومية لهم ، كما تمت المشاركة في أشغال اللقاء الدولي للاحتفال باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج الذي نظمته الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالجالية المغربية بالخارج تحت عنوان «الدستور الجديد وتطوير الأداء للنهوض بقضايا الجالية المغربية المقيمة بالخارج»، وعلى هامش هذه الندوة شاركت الوزارة برواق ضمن المعرض، ووزعت بهذه المناسبة 100 نسخة من المصحف الكريم وبعض منشورات الوزارة على أزيد من 100 جمعية ممثلة لأفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، كما تم إبرام اتفاقية شراكة مع المركز الثقافي الإسلامي بمسجد أبي بكر الصديق بفرانكفورت ألمانيا، وذلك في إطار التواصل والتعاون مع الجالية المغربية بالخارج.
المغاربة وتدبير المساجد
في فرنسا يحضر المغاربة بشكل كبير في تسيير الجمعيات المشرفة على المساجد، وفي إسبانيا كشفت دراسة أعلنت نهاية عام 2012 أن حوالي 90 بالمائة من المساجد يشرف عليها مغاربة ويمولونها تمويلا ذاتيا كما أن معظم المساجد تكون بها ترجمة خطبة الجمعة إما ترجمة فورية أو إعداد ملخص مترجم بالاسبانية لغير الناطقين بالعربية، معظم هذه المساجد التي تم فتحها ويشرف على تسييرها مغاربة تم تمويلها من تبرعاتهم الخاصة، أكثر من اعتمادهم على المساعدات التي تأتي من الحكومة الاسبانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.