حوض ملوية.. الإنتاج المرتقب للحوامض يفوق 192 ألف طن    زيدان: منصة معززة بالذكاء الإصطناعي لدعم استثمارات مغاربة العالم    "سيد الأغنية المغربية الزجلية".. وفاة الملحن محمد بن عبد السلام    الموسيقار محمد بن عبد السلام إلى دار البقاء    عبد السلام الكلاعي يحكي الحب في "سوناتا ليلية"    وزير الداخلية الإسباني: دعم المغرب لنا في فيضانات فالنسيا يعكس "عمق العلاقات" بين البلدين    جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان الأربعاء المقبل لتقديم عرض حول أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2024    لبنان.. انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للجمهورية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    يربط إسبانيا بجنوب المملكة.. شركة ريان إير تدشن خطًا جويًا جديدًا بين مدريد والداخلة    اسبانيا تشيد بالتضامن المغربي في جهود الإغاثة إثر الفياضانات    بسبب حملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل.. كارفور تعلن إغلاق فروعها في سلطنة عُمان    جواز السفر المغربي يسجل قفزة في التصنيف العالمي لعام 2025    الغلاء الفاحش لأسعار المواد الاستهلاكية يدفع إلى مساءلة الحكومة برلمانيا    الذهب يتراجع بعد أن وصل لأعلى مستوياته في نحو أربعة أسابيع..    وادي "السلسيون": كوميديا الفشل في زمن النيوليبرالية    أخذنا على حين ′′غزة′′!    "بوحمرون" يغزو أسوار السجون ويفتك بالنزلاء    نقابة UMT تعلن "نصف انسحاب" بعد توافق على تقديم مشروع قانون الإضراب في الغرفة الثانية    بورصة "كازا" تستهل تداولات الخميس على وقع الارتفاع    مندوبية: رصد ما مجموعه 41 حالة إصابة بداء الحصبة بعدد من المؤسسات السجنية    إصابة جديدة تبعد الدولي المغربي أشرف داري عن الملاعب    أسعار النفط تواصل خسائرها وسط ارتفاع مخزونات الوقود الأمريكية    جمهورية غانا الدولة 46... والبقية تأتي بعد حين    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم..    خفافيش التشهير في ملاعب الصحافة    طوفان الأقصى: أوهام الصهيونية    533 عاماً على سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام فى الأندلس    حول الآخر في زمن المغرب ..    تايلور سويفت تتصدر مبيعات بريطانية قياسية للموسيقى    الكوكب يتجاوز رجاء بني ملال وينتزع الصدارة والمولودية ينتفض برباعية في شباك خنيفرة    أتليتيكو يستغل غياب البارصا والريال    لامين يامال يفضل نيمار على ميسي    مشروع قانون الإضراب.. السكوري: الحكومة مستعدة للقيام ب "تعديلات جوهرية" استجابة لمطالب الشغيلة    بعد إلغاء اجتماع لجنة العدل والتشريع لمجلس النواب الذي كان مخصصا لمناقشة إصلاح مدونة الأسرة    المغرب إلى نصف النهائي في"دوري الملوك"    تعيين مهدي بنعطية مديرًا رياضيًا لأولمبيك مارسيليا    الكأس الممتازة الاسبانية: برشلونة يتأهل للنهائي بعد فوزه على بلباو (2-0)    كأس الرابطة الانجليزية: توتنهام يفوز في ذهاب نصف النهاية على ليفربول (1-0)    وفد عن مجلس الشيوخ الفرنسي ينوه بالزخم التنموي بالداخلة لؤلؤة الصحراء المغربية    حصيلة حرائق لوس أنجليس ترتفع إلى خمسة قتلى    كيوسك الأربعاء | هيئات سيارات الأجرة تدعو لمناظرة وطنية للحسم في جدل تطبيقات النقل    المنصوري تشرف على توقيع اتفاقيات لتأهيل مدن عمالة المضيق الفنيدق    الريف يتوشح بالأبيض.. تساقطات ثلجية مهمة تعلو مرتفعات الحسيمة    طنجة: ثلاث سنوات حبسا لطبيب وشريكه يتاجران في أدوية باهظة الثمن للمرضى    ترامب يقف أمام نعش الراحل كارتر    جيش إسرائيل يفتك بأسرة في غزة    الشرطة بطنجة تُطيح ب'الشرطي المزيف' المتورط في سلسلة سرقات واعتداءات    هجوم على قصر نجامينا يخلّف قتلى    قريباً شرطة النظافة بشوارع العاصمة الإقتصادية    لقاء يجمع مسؤولين لاتخاذ تدابير لمنع انتشار "بوحمرون" في مدارس الحسيمة    السجن المحلي لطنجة يتصدر وطنيا.. رصد 23 حالة إصابة بداء "بوحمرون"    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    عامل إقليم السمارة يشيد بأهمية النسخة الثامنة لمهرجان الكوميديا الحسانية    منظة الصحة العالمية توضح بشأن مخاطر انتشار الفيروسات التنفسية    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التأطير الديني لمغاربة الخارج ..التحديات وجهود الدولة
نشر في التجديد يوم 04 - 04 - 2013

دعم الجمعيات، بناء المساجد والمشاركة في تسييرها، إرسال البعثات الدينية إلى الخارج، تلك أهم ملامح المبادرات الوطنية من أجل تأطير الجالية المغربية في الخارج التي يصل تعدادها إلى 5 ملايين شخص موزعين على معظم دول العالم وأغلبهم في أوربا، هؤلاء المغاربة الذين دفعتهم ظروف العيش والبحث عن فرص لحياة أفضل يجدون أنفسهم محاصرين في دول المهجر بخليط من الأديان والمذاهب والأفكار التي تجرهم نحو التطرف أو نحو الانسلاخ عن الهوية، ويجد الشباب أنفسهم على الخصوص ضائعين وسط هذا الخليط. فهل تنهج الدولة المغربية سياسة واضحة لتأطير هؤلاء في الجانب الديني والهوياتي، وهل المبادرات والمقاربات التي تنهجها السلطات المغربية قادرة على استيعاب أجيال مختلفة من مغاربة الخارج وعلى مواجهة تلك المذاهب والأفكار والاستجابة للحاجيات الروحية والدينية لأبناء المغرب.
البعثة العلمية
تنخرط عدد من المؤسسات في وضع برامج للتأطير الديني للجالية، منها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المجلس العلمي الأعلى ومجلس الجالية ومؤسسة الحسن الثاني للجالية المغربية المقيمة بالخارج، وزارة الأوقاف الوصية على الشأن الديني بالمغرب تخصص في باب التأطير الديني للجالية المغربية بالخارج ميزانية تقدر ب 117 مليون درهم. تصرف على عدد من المبادرات إذ تعمل الوزارة على إيفاد بعثات علمية خلال شهر رمضان إلى أوروبا، وكندا وإفريقيا. وقد بلغ عدد أعضاء بعثة خلال العام الماضي 227 عضوا موزعة على النحو التالي: 180 مشفعا، و 32 واعظا ومرشدا، و15 واعظة، هذه العملية تطرح عددا من التساؤلات، ففي الوقت الذي تقول فيه الجالية إن هؤلاء الذين يتم إرسالهم إلى الخارج لتأطير الجالية لا يحققون النتائج المطلوبة خاصة وأن منهم من لا يعرف لغة البلد الذي يسافر إليه والثقافة السائدة فيه ما يجعلهم بعيدين عن هموم الجالية ومشاكلها، بالمقابل يتحدث الأئمة في المغرب عن شروط غير واضحة وغير شفافة في اختيار البعثة العلمية التي تسافر كل عام إلى الخارج، وفي هذا الصدد يقول محمد سمير رئيس الرابطة الوطنية لأسرة المساجد أن اختيار الأئمة والوعاظ والمشفعين لتأطير الجالية لا يخضع لأي معيار علمي أو معيار آخر واضح ومعلن تتخذه السلطات المحلية أي المندوبيات بل إن المسألة كما يقول «لاتخضع لمعايير واضحة «ويضيف محمد سمير» المندوبيات لا تنشر إعلانا شفافا توضح من خلاله المعايير وتعلن عن مباراة مثلا لاختيار الأئمة والوعاظ والمشفعين القادرين على تأطير الجالية لكن المسألة تتم بطريقة غامضة وغير مفهومة وغير شفافة».
التعويضات التي يحصل عليها الأئمة والمشفعون نظمتها وزارة الأوقاف بمرسومين صادق عليهما المجلس الحكومي، الأول صادر في يوليو 2012 ويتعلق بصرف مكافأة للمشفعين المتوجهين إلى الخارج خلال شهر رمضان؛ من أجل تحفيز هؤلاء المشفعين على أداء مهامهم على أحسن وجه، ومساعدتهم على تحمل تكاليف الإقامة والمعيشة بديار المهجر، وقد تم تحديد مقدار هذه المكافأة في 1000درهم عن كل يوم، مع تذكرة السفر ذهابا وإيابا. أما المرسوم الثاني المتعلق بالأئمة فقد تمت المصادقة عليه في شهر مارس المنصرم ويحدد نفس المصاريف.
جهود الوزارة
تقول وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في تقريرها السنوي لسنة 2012 إنها زودت المساجد التي يرتادها أفراد الجالية بكمية مهمة من المصحف المحمدي الشريف (25000 مصحف) والمطبوعات المتنوعة للوزارة، وذلك بالتنسيق مع سفارات المملكة المغربية بالخارج، كما زودت جمهورية غينيا بيساو ب(1500) نسخة من المصحف. لكن توزيع هذه المطبوعات باللغة العربية وعدم ترجمتها إلى لغات مختلفة يجعل الاستفادة منها محصورة في الجيل الأول من مغاربة الخارج.
الوزراة عددت في تقريرها المذكور عددا من المبادرات التي قالت إنها تدخل في إطار «العناية بشؤون الجالية المغربية بالخارج» ومن ذلك أنها خصصت اعتمادات لبناء وإصلاح وترميم المساجد بأرض المهجر(فرنسا) و(تشاد) و(نيجيريا)، ودعم المراكز الثقافية والجمعيات القائمة بالتأطير الديني للجالية المغربية بالخارج، ونقل وإيواء الوفود الممثلة للجالية المغربية بالخارج في مختلف التظاهرات والمناسبات الدينية والوطنية، ونقل المشفعين إلى الخارج خلال شهر رمضان الأبرك مع تقديم مكافآت يومية لهم ، كما تمت المشاركة في أشغال اللقاء الدولي للاحتفال باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج الذي نظمته الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالجالية المغربية بالخارج تحت عنوان «الدستور الجديد وتطوير الأداء للنهوض بقضايا الجالية المغربية المقيمة بالخارج»، وعلى هامش هذه الندوة شاركت الوزارة برواق ضمن المعرض، ووزعت بهذه المناسبة 100 نسخة من المصحف الكريم وبعض منشورات الوزارة على أزيد من 100 جمعية ممثلة لأفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، كما تم إبرام اتفاقية شراكة مع المركز الثقافي الإسلامي بمسجد أبي بكر الصديق بفرانكفورت ألمانيا، وذلك في إطار التواصل والتعاون مع الجالية المغربية بالخارج.
المغاربة وتدبير المساجد
في فرنسا يحضر المغاربة بشكل كبير في تسيير الجمعيات المشرفة على المساجد، وفي إسبانيا كشفت دراسة أعلنت نهاية عام 2012 أن حوالي 90 بالمائة من المساجد يشرف عليها مغاربة ويمولونها تمويلا ذاتيا كما أن معظم المساجد تكون بها ترجمة خطبة الجمعة إما ترجمة فورية أو إعداد ملخص مترجم بالاسبانية لغير الناطقين بالعربية، معظم هذه المساجد التي تم فتحها ويشرف على تسييرها مغاربة تم تمويلها من تبرعاتهم الخاصة، أكثر من اعتمادهم على المساعدات التي تأتي من الحكومة الاسبانية.
منتصر حمادة،باحث في الشأن الديني: من المفترض أن تنخرط مجمل المؤسسات والمبادرات في سياق عمل استراتيجي
● يعيش 5 ملايين مغربي خارج المغرب معظمهم في دول أوربا حيث يتفاعلون مع مذاهب وأفكار عديدة، هل في نظركم يتوفر المغرب على سياسة دينية واضحة تستهدف مغاربة الخارج؟
❍ لا يمكن الحديث عن غياب سياسية دينية بخصوص التعامل مع تدين مغاربة الخارج، ليس فقط لأننا نعاين وجود العديد من المؤسسات والفاعلين في هذا الصدد، في الداخل والخارج، ولكن أيضا بسبب وجود إكراهات موضوعية على الخصوص، تهم أحوال التدين في الخارج، تطلبت أو تتطلب وضع سياسية دينية في إطار التفاعل مع هذه الإكراهات، والتي نجد فيها عوامل عقدية ومذهبية وحتى عوامل أمنية وسياسية.
في الشق الأول، لدينا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مثلا، التي تسهر على إرسال أئمة ومرشدين في شهر رمضان مثلا، ولدينا على الخصوص المجلس العلمي للجالية المغربية، والذي أعلن عن تأسيسه الملك محمد السادس في خطاب 27 شتنبر 2008، وفي غضون أربعة أشهر، عقد المجلس أول اجتماع لنواته التأسيسية، وذلك يوم يناير 2009.
إضافة إلى هذه المؤسسات والمبادرات، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار العمل الاستشاري الذي يقوم به مجلس الجالية المغربية بالخارج، وبحكم أن المؤسسة ذات طبيعة استشارية أساسا، فقد نظمت العديد من الورشات المغلقة أو المفتوحة للبحث في هذا الموضوع خلال الأربع سنوات الأخيرة، ونخص بالذكر ورشات وندوات نظمت في فاس والدار البيضاء والرباط، وفي ستراسبورغ بالخارج (فرنسا)، وفي محطات أخرى.
● كيف تقيم هذه السياسة وما مدى استجابتها لطموحات مغاربة الخارج؟
❍ إن كان هناك عنوان جامع بخصوص تقييم أداء هذه المؤسسات، فنعتقد أنه يدور حول موضوع التنسيق والتعاون، بمعنى أنه من المفترض أن تنخرط مجمل هذه المؤسسات والمبادرات في سياق عمل استراتيجي تعاوني، يخدم مشروع المسؤولين المغاربة على الانخراط في تدبير الشأن الديني لمغاربة الخارج، ولا نتحدث عن تدبير هذا الشأن، لأن الأمر معقد جدا، بخلاف السائد في الفضاء التداولي المغربي، أي الفضاء الجغرافي، حيث تسود رؤية واضحة، بشكل أو بآخر حول معالمه، مع معرفة أهم الفاعلين الدينيين، وأهم التحديات، أما في حالة الجالية، فالأمر معقد للغاية، بسبب هول التحديات التي تواجه تدين مغاربة الخارج، نقول هذا ونحن نأخذ بعين الاعتبار الاختراق الشيعي الكبير الذي طال الجالية المغربية في بلجيكا مثلا.
وبالتالي من الصعب الحديث عن استجابة السلطات المغربية لطموحات مغاربة الخارج، بحكم أن الأمر يتطلب جرد معالم الخريطة الجغرافية لمغاربة الخارج، وخاصة في القارة الأوروبية، وجردا مفصلا للمؤسسات والجمعيات والمساجد التابعة أو المحسوبة على مغاربة الخارج، مع الأخذ بعين الاعتبار حسابات ومخططات باقي الفرقاء العرب والمسلمين (حسابات الجزائريين مثلا في فرنسا، أو حسابات الأتراك في ألمانيا..)
● توصف عمليات دعم الجمعيات وإرسال البعثات الدينية لتأطير مغاربة الخارج بكونها تتم بشكل غير واضح وغير شفاف، هل تتفق مع هذا الرأي؟
❍ من المؤكد أنه يصعب ضبط تفاصيل مثل هذه المبادرات، وهذا أمر متوقع، لأن تفعيل أبسط مقتضيات الحكامة أو الضبط الصارم للدعم المالي والميداني لمجمل هذه العمليات، يتطلب «جيشا» من المسؤولين في الداخل والخارج، وهذا أمر نعاني منه داخل الساحة المغربية في أداء بعض المؤسسات العمومية والخاصة، فكيف يكون الأمر مع مؤسسات الخارج، ولكن بالرغم من هذا العائق الموضوعي، هناك مبادرات لمأسسة هذه العمليات وتغذية المؤسسات المعنية بتدبير تدين الجالية بطاقات نوعية ومؤهلة (كما نعاين ذلك مثلا في بعض أسماء المجلس العلمي للجالية)، وغيرها من المبادرات، التي من المفترض، نظريا على الأقل، أن تساهم في وضع حد لهذه القلاقل الخاصة بموضوع الدعم المالي للجمعيات وإرسال البعثات الدينية، بما يخدم مشروع الحفاظ على تدين مغاربة الخارج، أي ذلك التدين الوسطي والمعتدل، والمختلف بشكل كبير عن باقي أنماط التدين لمسلمي القارة العجوز.
عمر المرابط عضو مجلس الجالية
التأطير موسمي لا يلبي الحاجيات
قال عمر المرابط رئيس شبكة مغرب التنمية بفرنسا وعضو مجلس الجالية إن السياسة الدينية للمغرب في الخارج أخذت منحى جديدا ومحمودا مع مجيء الوزير أحمد التوفيق لوزارة الأوقاف، حيث شكل تنظيم الحقل الديني المغربي بادرة طيبة وأنشئت جمعيات تجمع المغاربة في الخارج وتؤطرهم خاصة في شهر رمضان الكريم مع البعثات الدينية لكنه مع ذلك -يقول لمرابط - يبقى تأطيرا موسميا لا يلبي حاجيات التأطير الدائم والمستمر.
ورغم هذه المجهودات ورغم إنشاء المجلس العلمي الأوروبي إلا أن هناك ملاحظات كثيرة يسجلها لمرابط في حديثه ل»التجديد» وفي هذه الصدد يوضح المتحدث أهمية تحديد الغاية المرجوة من هذا التأطير، علاوة على أن الكثير من الأئمة المرسلين لا يجيدون التحدث بلغات أجنبية تسمح لهم بمخاطبة مغاربة كل بلد بلسان قومه مما يجعل تأثيرهم يقتصر على الجيل الأول من المهاجرين وهم في غالبيتهم لا خوف عليهم.
بالإضافة إلى ذلك يؤكد عضو مجلس الجالية على غياب استراتيجية واضحة في التعامل مع مغاربة الخارج في موضوع التأطير ما أدى -حسبه- إلى فشل ملف تعليم اللغة العربية، كما أن ملف التأطير الديني يهدده الفشل في الوقت الذي نجد فيه شبابنا عرضة للتيارات المتطرفة وبعض الطوائف المنحرفة مثل الأحباش والأحمدية وغيرهما، زد على هذا التشيع في بلدان مثل بلجيكا أو السلفية المتطرفة كما هو الحال في فرنسا.
ودعا المرابط السلطات المشرفة على هذا الشأن إلى إعادة النظر في تدبير هذا الملف «فنحن بحاجة أكثر إلى علماء وفقهاء ربانيين وسطيين في خطابهم وممارستهم ويتكلمون باللغات الأجنية أكثر من حاجتنا إلى أئمة لا قدرة لهم لا على التأطير ولا على فهم الواقع ولا على الخطاب الجذاب» يؤكد المتحدث .
وتساءل المرابط، أما آن الوقت مثلا كي نطبع مصاحف برواية ورش مع الترجمة؟ أما آن الوقت لمد مغاربة الخارج بالكتب والبرامج التأطيرية التي تأخذ بعين الاعتبار واقعهم المعيش؟ أما آن الوقت لإعادة انتشار معلمي اللغة العربية الذين لا يقومون بواجبهم في التعليم، والكل يعلم أن هذا الملف لا يمكن فصله عن ملف التأطير الديني؟ أما آن الوقت لإحداث مدارس مغربية على منوال البعثات الفرنسية في المغرب مثلا؟
التأطير الديني لمغاربة الخارج ..
التحديات وجهود الدولة
دعم الجمعيات، بناء المساجد والمشاركة في تسييرها، إرسال البعثات الدينية إلى الخارج، تلك أهم ملامح المبادرات الوطنية من أجل تأطير الجالية المغربية في الخارج التي يصل تعدادها إلى 5 ملايين شخص موزعين على معظم دول العالم وأغلبهم في أوربا، هؤلاء المغاربة الذين دفعتهم ظروف العيش والبحث عن فرص لحياة أفضل يجدون أنفسهم محاصرين في دول المهجر بخليط من الأديان والمذاهب والأفكار التي تجرهم نحو التطرف أو نحو الانسلاخ عن الهوية، ويجد الشباب أنفسهم على الخصوص ضائعين وسط هذا الخليط. فهل تنهج الدولة المغربية سياسة واضحة لتأطير هؤلاء في الجانب الديني والهوياتي، وهل المبادرات والمقاربات التي تنهجها السلطات المغربية قادرة على استيعاب أجيال مختلفة من مغاربة الخارج وعلى مواجهة تلك المذاهب والأفكار والاستجابة للحاجيات الروحية والدينية لأبناء المغرب.
● سناء القويطي
البعثة العلمية
تنخرط عدد من المؤسسات في وضع برامج للتأطير الديني للجالية، منها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المجلس العلمي الأعلى ومجلس الجالية ومؤسسة الحسن الثاني للجالية المغربية المقيمة بالخارج، وزارة الأوقاف الوصية على الشأن الديني بالمغرب تخصص في باب التأطير الديني للجالية المغربية بالخارج ميزانية تقدر ب 117 مليون درهم. تصرف على عدد من المبادرات إذ تعمل الوزارة على إيفاد بعثات علمية خلال شهر رمضان إلى أوروبا، وكندا وإفريقيا. وقد بلغ عدد أعضاء بعثة خلال العام الماضي 227 عضوا موزعة على النحو التالي: 180 مشفعا، و 32 واعظا ومرشدا، و15 واعظة، هذه العملية تطرح عددا من التساؤلات، ففي الوقت الذي تقول فيه الجالية إن هؤلاء الذين يتم إرسالهم إلى الخارج لتأطير الجالية لا يحققون النتائج المطلوبة خاصة وأن منهم من لا يعرف لغة البلد الذي يسافر إليه والثقافة السائدة فيه ما يجعلهم بعيدين عن هموم الجالية ومشاكلها، بالمقابل يتحدث الأئمة في المغرب عن شروط غير واضحة وغير شفافة في اختيار البعثة العلمية التي تسافر كل عام إلى الخارج، وفي هذا الصدد يقول محمد سمير رئيس الرابطة الوطنية لأسرة المساجد أن اختيار الأئمة والوعاظ والمشفعين لتأطير الجالية لا يخضع لأي معيار علمي أو معيار آخر واضح ومعلن تتخذه السلطات المحلية أي المندوبيات بل إن المسألة كما يقول «لاتخضع لمعايير واضحة «ويضيف محمد سمير» المندوبيات لا تنشر إعلانا شفافا توضح من خلاله المعايير وتعلن عن مباراة مثلا لاختيار الأئمة والوعاظ والمشفعين القادرين على تأطير الجالية لكن المسألة تتم بطريقة غامضة وغير مفهومة وغير شفافة».
التعويضات التي يحصل عليها الأئمة والمشفعون نظمتها وزارة الأوقاف بمرسومين صادق عليهما المجلس الحكومي، الأول صادر في يوليو 2012 ويتعلق بصرف مكافأة للمشفعين المتوجهين إلى الخارج خلال شهر رمضان؛ من أجل تحفيز هؤلاء المشفعين على أداء مهامهم على أحسن وجه، ومساعدتهم على تحمل تكاليف الإقامة والمعيشة بديار المهجر، وقد تم تحديد مقدار هذه المكافأة في 1000درهم عن كل يوم، مع تذكرة السفر ذهابا وإيابا. أما المرسوم الثاني المتعلق بالأئمة فقد تمت المصادقة عليه في شهر مارس المنصرم ويحدد نفس المصاريف.
جهود الوزارة
تقول وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في تقريرها السنوي لسنة 2012 إنها زودت المساجد التي يرتادها أفراد الجالية بكمية مهمة من المصحف المحمدي الشريف (25000 مصحف) والمطبوعات المتنوعة للوزارة، وذلك بالتنسيق مع سفارات المملكة المغربية بالخارج، كما زودت جمهورية غينيا بيساو ب(1500) نسخة من المصحف. لكن توزيع هذه المطبوعات باللغة العربية وعدم ترجمتها إلى لغات مختلفة يجعل الاستفادة منها محصورة في الجيل الأول من مغاربة الخارج.
الوزراة عددت في تقريرها المذكور عددا من المبادرات التي قالت إنها تدخل في إطار «العناية بشؤون الجالية المغربية بالخارج» ومن ذلك أنها خصصت اعتمادات لبناء وإصلاح وترميم المساجد بأرض المهجر(فرنسا) و(تشاد) و(نيجيريا)، ودعم المراكز الثقافية والجمعيات القائمة بالتأطير الديني للجالية المغربية بالخارج، ونقل وإيواء الوفود الممثلة للجالية المغربية بالخارج في مختلف التظاهرات والمناسبات الدينية والوطنية، ونقل المشفعين إلى الخارج خلال شهر رمضان الأبرك مع تقديم مكافآت يومية لهم ، كما تمت المشاركة في أشغال اللقاء الدولي للاحتفال باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج الذي نظمته الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالجالية المغربية بالخارج تحت عنوان «الدستور الجديد وتطوير الأداء للنهوض بقضايا الجالية المغربية المقيمة بالخارج»، وعلى هامش هذه الندوة شاركت الوزارة برواق ضمن المعرض، ووزعت بهذه المناسبة 100 نسخة من المصحف الكريم وبعض منشورات الوزارة على أزيد من 100 جمعية ممثلة لأفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، كما تم إبرام اتفاقية شراكة مع المركز الثقافي الإسلامي بمسجد أبي بكر الصديق بفرانكفورت ألمانيا، وذلك في إطار التواصل والتعاون مع الجالية المغربية بالخارج.
المغاربة وتدبير المساجد
في فرنسا يحضر المغاربة بشكل كبير في تسيير الجمعيات المشرفة على المساجد، وفي إسبانيا كشفت دراسة أعلنت نهاية عام 2012 أن حوالي 90 بالمائة من المساجد يشرف عليها مغاربة ويمولونها تمويلا ذاتيا كما أن معظم المساجد تكون بها ترجمة خطبة الجمعة إما ترجمة فورية أو إعداد ملخص مترجم بالاسبانية لغير الناطقين بالعربية، معظم هذه المساجد التي تم فتحها ويشرف على تسييرها مغاربة تم تمويلها من تبرعاتهم الخاصة، أكثر من اعتمادهم على المساعدات التي تأتي من الحكومة الاسبانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.