قررت وزارة الأوقاف، بتنسيق مع المجلس العلمي الأعلى، إيفاد مجموعة من الوعاظ إلى عدد من الدول الأوروبية، في ثاني مبادرة من نوعها تقوم بها الوزارة الوصية على الشأن الديني، منذ إطلاق مبادرة «إعادة هيكلة الحقل الديني» في المملكة، الذي أصبحت الجالية المغربية المقيمة في الخارج تشغل جانبا منه، بعد فترة طويلة من سياسة «الكرسي الفارغ» في الحقل الديني بأوروبا، ما أدى أخيرا إلى فوز مغربي في السباق إلى رئاسة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، خلفا للجزائري دليل بوبكر، عمدة مسجد باريس، كتتويج لهذه المبادرة على مستوى الخارج. وتتكون البعثة الدينية التي ستتوجه خلال الأسابيع المقبلة إلى 13 بلدا أوروبيا من 176 واعظا، بينهم تسع واعظات، في أول خطوة من نوعها تهدف إلى إشراك النساء في البعثات الدينية المغربية إلى الخارج، ويتشكل هؤلاء من أئمة ومشفعين لإقامة صلاة التراويح خلال شهر رمضان المقبل. وقال مصدر من وزارة الأوقاف، فضل عدم ذكر اسمه، إن المجلس العلمي الأعلى هو الذي يشرف على العملية ويمنح التزكيات لأفراد البعثة الدينية، وإن دور الوزارة هو التنظيم والتدبير فقط، مضيفا أن إرسال تلك البعثة جاء بطلب من الجالية المغربية المقيمة في الخارج، من خلال الجمعيات والمؤسسات الدينية، بسبب الفراغ الذي تشكو منه، خاصة في شهر رمضان حيث يكون من الصعب إيجاد حفظة للقرآن وعلماء دين وسط الجالية للقيام بنفس الأدوار. وذكر بلاغ لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن أهداف البعثة تتمثل في إمداد الجالية المغربية في الخارج بما تحتاجه في حياتها الدينية، و«صونها من الخطابات المنحرفة و الشاذة»، وربطها بأصولها المغربية وعقيدتها الأشعرية ومذهبها المالكي، و«تحصينها من الغلو والتطرف»، و«ترسيخ قيم المواطنة». وقال نفس المصدر ل«المساء» إن مهمة هؤلاء الوعاظ هي تقديم الاستشارات الدينية للجالية المغربية بالخارج والإجابة عن الأسئلة التي يمكن أن تطرح عليهم، بما في ذلك التصدي للأفكار الشاذة والمتطرفة التي يمكن أن تكون موجودة وسط المهاجرين المغاربة، مثل ظاهرة التشيع، لكنه قلل من خطر المد الشيعي في أوروبا وسط المغاربة، وقال إن فرنسا، حيث تقيم أكبر جالية مسلمة، ليس بها سوى مسجدين تابعين للشيعة، لكنهما دون المواصفات المطلوبة، كما لا توجد أي تمثيلية للشيعة في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي يرأسه المغربي محمد موساوي. وأضاف نفس المصدر قائلا إن محاربة التطرف لا تكون في مدة قصيرة مثل تلك التي سيقيمها أفراد البعثة وسط الجالية، وإن الأمر «أكبر من ذلك بكثير»، وإن الأئمة والوعاظ المغاربة لا يتوفرون على تكوين سياسي حتى يستطيعوا التصدي لمحاربة التيارات الأخرى المتواجدة في الساحة الأوروبية. وروعي في البعثة أن تمثل جميع مناطق المغرب، بحيث تم إشراك جميع المجالس العلمية المحلية في اختيار الوعاظ والمشفعين، وكانت جهة بني ملال ومراكش الأكثر تمثيلية، إذ اختير من كل واحدة منهما خمسة من الوعاظ وأربعة من المشفعين، تليها الرباط ووجدة والحسيمة ومكناس وورزازات بأربعة من الوعاظ ومثلهم من المشفعين من كل واحدة منها. كما استأثرت فرنسا بالنصيب الأوفر من عدد أفراد البعثة، بحيث تم تخصيص 100 فرد من أفراد البعثة لها، تليها بلجيكا ب31 وألمانيا وإيطاليا (10) وإسبانيا وهولندا(7) واثنين لكل من الدانمارك والسويد والنرويج وفنلندا وواحد لكل من سويسرا وكندا وإنجلترا، وذلك بحسب انتشار المهاجرين المغاربة.