جمعت ندوة دولية حول "الهجرات المناخية: التوجهات والرهانات"، عددا من الوزراء المغاربة والباحثين والخبراء الوطنيين والدوليين، لمناقشة التحديات المرتبطة بالهجرات المناخية من خلال تسليط الضوء على إشكالياتها والإسهام في إعداد توصيات من المزمع تقديمها إبان المؤتمر العالمي للتغيرات المناخية بمراكش "كوب 22". وأوضح الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو، أن المغرب يقع في صلب اهتمام المنتظم الدولي، مشيرا إلى أنه معني بهذا الموضوع على مستويات ثلاثة، يتعلق أولها بكونه آخر محطة بين أوروبا والهجرة المناخية القادمة من دول جنوب الصحراء، وبعلاقته بالهجرات المناخية الداخلية، ولأن المغرب يخضع لضغط الهجرة الآتية من الدول الأفريقية الأخرى بصفة عامة. وحتى لا تستفحل ظاهرة الهجرة القسرية، داخليا أو عالميا، بفعل تغير المناخ، يرى بيرو أن الأمر مرتبط بالتوصل إلى إجماع دولي حقيقي وشامل بخصوص الطموحات المناخية المستقبلية وبالانخراط الفعلي للدول النامية في كل تحركاتها لفائدة المناخ، في غياب أي مبررات ترتبط بأولويات كاذبة قد تعتذر بها المجموعة الدولية التي أدارت ظهرها طويلا لمصير ومستقبل كوكب الأرض، بالإضافة إلى نهج كل دولة سياسة إرادية خاصة بها لحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. وقال بيرو إن لمغاربة الخارج دورا أساسيا في المساهمة في هذا المؤتمر الفريد من نوعه، باعتباره قمة من أجل الإنسانية، متسائلا عن "نوعية العالم الذي سنتركه لأطفالنا غدا"، لافتا إلى أن عددا من الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، والتي تشتغل على مواضيع البيئة والمناخ، ترغب في المساهمة في الدينامية التي يعرفها المغرب. وخلص إلى أن "مغاربة الخارج تحركهم الدوافع نفسها التي يشتغل وفقها المقيمون بأرض الوطن". من جهته، أبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، خلال الندوة المنظمة من طرف الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، صباح الجمعة بالرباط، أن قمة المناخ المزمع تنظيمها بمراكش تكتسي أهمية كبرى، لأنها ستبحث في كيفية إيجاد حلول لإشكاليات الظاهرة وتأثيراتها وعواقبها؛ إذ "نريد منها أن تكون قمة العمل والمبادرة، ومسألة الهجرة المناخية هي جوهر قمة مناخ مراكش"، يقول مزوار. وأوضح رئيس لجنة الإشراف على " كوب 22" أن دور المغرب هو ترجمة توصيات قمة باريس إلى خطوات عملية، مشيرا إلى أن كل التدابير المتخذة تسير في اتجاه الحد من الظاهرة وتأثيرها على البشرية والمجتمعات، وتابع: "نتحدث عن 250 مليون شخصا يهاجرون بفعل التغيرات المناخية، وما يرافقها من إشكالات أمنية واجتماعية واقتصادية"، مؤكدا أن تخفيض الاحتباس الحراري من 5 إلى درجتين، يلزمه وقت طويل وتدابير قوية وتمويلات كبيرة. من جانبه، أوضح نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن التغيرات المناخية تنبّئ بارتفاع عدد المهاجرين عبر العالم، لافتا إلى أن تغير المناخ سيكون سببا في شح المياه، ما سيتسبب في حروب، كما أن للمشاكل المتعلقة بالتصحر وقع كبير على البشرية. وأفاد رئيس اللجنة العلمية ب"كوب 22" بأن الظاهرة تتطلب الوقاية لمنع وقوع ضحايا أكثر وحشد التمويلات والنقل التكنولوجي ومساعدة الناس ليكونوا أكثر إنتاجا من أجل الاستقرار على أراضيهم، وهي الخطوة التي تندمج وتتناغم مع السياسة الوقائية لمواجهة مشكلة المناخ، مشيرا إلى أن المغرب قدم، مؤخرا، مبادرة رائدة في بون الألمانية، إلى جانب وضع آليات المواكبة وإدماج الساكنة في الحياة، مع ضرورة توافر التمويلات المالية اللازمة إلى جانب الإرادة السياسية. بدوره دافع مسؤول لجنة المجتمع المدني ب "كوب 22"، إدريس اليزمي، على ضرورة مساهمة الباحثين والعلماء المغاربة في الإشراف على بحوث تخفف من حدة الظاهرة، لافتا إلى أن المنظمات الجمعوية ستشتغل خلال مؤتمر مراكش بناء على خمس مبادرات، من بينها "النوع والمناخ" وضرورة مشاركة النساء باعتبارهن أكثر المتضررين من التغيرات المناخية، و"الشباب والمناخ"، و"الثقافة والتغيرات المناخية".