يبدو أن لرئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، فضلا عن امتهانه العمل السياسي والحزبي طيلة سنوات كثيرة خلت، عادات اجتماعية خاصة تتمثل في "تزويج" قياديين إسلاميين، خاصة من أبناء حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح. وكشف محمد يتيم، القيادي في حزب "المصباح" وعضو أمانته العامة، مؤخرا، في حديث مع الإذاعة الوطنية، أن بنكيران هو من اختار له رفيقة دربه التي شاركته الحياة منذ 1980، وأنه بفضل فراسة وحدس الرجل، توفق في انتقاء زوجته التي كانت تزور حينها عقيلة بنكيران. وزير الدولة الراحل عبد الله باها، الذي كان يلقب بالعلبة السوداء لرئيس الحكومة ورفيق حياته، تزوج بدوره على يد بنكيران الذي اختار له زوجته مرتين؛ حيث إن باها في المرة الثانية طلب من صديق عمره بنكيران أن ينتقي له زوجة، فوقع اختيار الأمين العام للحزب الإسلامي على السيدة فاطمة معنان. وسبق لزوجة باها أن صرحت، غير مرة، كيف أنه من فرط الارتباط الروحي والوجداني بين بنكيران وباها، أوكل الثاني للأول مهمة اختيار زوجة ثانية له، فحقق بنكيران لصديقه هذا المراد بأن أوصاه بالزواج من تلك السيدة، ف"استمرت العشرة بينهما سنوات عديدة في نجاح وتوافق"، تورد معنان. ويقول صحافي سابق في جريدة "التجديد"، المقربة من حزب العدالة والتنمية، في تصريح لهسبريس، إن بنكيران رغم مشاغله الحزبية والسياسية، ورغم انغماسه في مسؤوليات المؤسسة التعليمية التي كان يشرف على تسييرها، فإنه يجد الوقت الكافي لأن يعمل على تزويج أصدقائه وقياديي الحزب. وتابع المتحدث أن بنكيران كان يجد في تزويج من يعرفه، خاصة من أبناء حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، نوعا من "النضال الاجتماعي"، ومساهمة في توسيع المشروع الإسلامي الذي يؤمن به، من خلال "إكثار نسله وأتباعه"، مضيفا أنه "إذا لم يقم بالتزويج بنفسه، فكان يقترح على العاملين معه الزواج بأنصار التيار الإسلامي الذي يمثله". وفي هذا الصدد، يقول إدريس الكنبوري، الكاتب والباحث في الشأن الديني، إن "هذا الأمر ليس غريبا، وليس مقتصرا على حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، فجميع التنظيمات الإسلامية والهيئات الدينية، سواء كانت سلفية أو إخوانية أو صوفية، تتقاطع فيها العلاقات التنظيمية مع العلاقات الأسرية". وتابع الكنبوري شارحا هذه النقطة تحديدا، في تصريح لهسبريس، بأن "الانتماء التنظيمي يكون طريقا للعلاقة العائلية، والعكس صحيح أيضا، وهذا خلافا للتنظيمات السياسية الأخرى ذات الطابع العلماني séculiers؛ حيث إن ما يجمع المنتمين إليها هو التنظيم فقط". وأكمل المحلل ذاته أن هذا الوضع هو الذي يفسر، إلى حد بعيد، لماذا نجد داخل العديد من التنظيمات الإسلامية علاقات المصاهرة بشكل كبير؛ حيث "يمكن تشبيه هذه التنظيمات بالقبائل التي يتزوج أفرادها من بعضهم البعض"، مستدركا بأنها ليست قاعدة، وإن كانت موجودة. وسجل الكنبوري أن بنكيران معروف بأنه رجل كان يتحرك في المجال الاجتماعي بشكل كبير، مما أكسبه ثقة ومحبة الآخرين من أعضاء التنظيم، و"نظرا للتقاطع بين الانتماء التنظيمي والعلاقات الشخصية أو العائلية، فمن الطبيعي أن يلعب دورا في تزويج بعض الأفراد داخل التنظيم".