تذهب تحليلات البنك الدولي إلى توقع تراجع كبير في مستويات نمو اقتصاديات المنطقة العربية وارتفاع منتظر لمعدلات التضخم, و أمام المراحل الانتقالية الغير المضمونة النتائج ولا العواقب ولا محددة المدة سوف تستفيد من المرحلة الدول التي تنعم بدرجة استقرار معقولة " فالكلفة الاقتصادية لموجة الاحتجاجات" يمكن أن تفوت على دول بعينها الاستفادة المباشرة من الفرص الاستثمارية و عائدات السياحة التي كانت تتواجه أساسا إلى دول معينة في شمال إفريقيا. فبينما يستشعر الساسة خطورة بناء السياسة على رمال متحركة كما هو الحال اليوم في المنطقة العربية. يختلف تقدير أهمية اللحظة السياسية بين الجمهور العام و أهل السياسية فالجمهور عموما لا يستحضر الارغامات البنيوية التي يواجهها السياسيون, ويبني انتظارات عاطفية غير مؤسسة على قواعد عقلانية . يظهر هذا المعطى جليا في الرهان الكبير المعلق على الدساتير في المنطقة العربية وهي تتجه نحو إنتاج جيل جديد من الدساتير حيت تحمل النقاشات العمومية غير الواعية تلك الوثيقة أي الدستور ملا طاقة لها به , فالمتعارف عليه أن الإصلاح الدستوري هو مدخل لتطوير الدولة و ليس حلا لكل مشاكلها , وهو بداية لمجموعة من عمليات التغير الكبرى التي تمس النخب السياسية و المؤسسات الحزبية و تستوجب يقظة الفاعل السياسي لأنه المؤهل معرفيا و قانونيا لمواكبة عمليات التحول الكبرى التي يشهدها النسق السياسي. إن مراجعة متأنية "للربيع العربي" تظهر أنه وبعيدا عن رومانسية العبارة وهو شيء أدمنه العرب ,توضح أن كل التغيرات التي تعرفها المنطقة لا يمكن إلا أن تقاس بمنطق الربح و الخسارة , هنري كيسنجر كان يقول دائما بأسبقية المصالح على أي شيء أخر في السياسية الدولية , وعملية فجر الأوديسا تكشف مجددا أهمية درس كيسنجر السياسي ,حيت يفسر العرب البسطاء والرومانسيون الحالمون الدور التركي بالانتماء الإسلامي, غير أن مراجعة الحقيقة الاقتصادية تكشف أن العديد من المقاولات التركية استمرت كثيرا في مشاريع البنية التحتية في ليبيا و لها عقود طويلة غير موءدة الثمن ,يهدد تدخل حلف "الناتو" بضياعها إلى الأبد( من 8 إلى 16 مليار دولار وحوالي 000 25 عامل ومقاول تركي). أكيد أن العالم العربي تغير كثير مند سقوط بن على في تونس وذهاب مبارك في مصر و أن حركية التاريخ أتبت للجميع مجددا صعوبة معاكستها , و أن الأنظمة الانغلاقية و الاستبدادية لا مكان لها في عالم اليوم, ورغم أن دول الخليج العربي في مجملها استطاعت تجاوز بوادر الحركات الاحتجاجية عبر استخدام احتياطات " البتر ودولار" إلا أنها و أمام كل ما يقع تنخرط فقط في تأجيل الاضطرابات و الموجات الاحتجاجية إذا لم تباشر عملية الدمقرطة . نستحضر في نهاية هذا التحليل الإرشادي بالنسبة للحالة المغربية, أن هناك فرصا (سياسية واقتصادية) كبرى متاحة لنا, لكي نكون من الرابحين الكبار عند الإعلان عن نهاية "موسم الربيع العربي".