الرباط : عبدالفتاح الصادقي تفيد المعطيات المتوفرة أن الأزمة المالية و الاقتصادية العالمية تهدد الجميع وأن الضرورة تقتضي اتخاذ التدابير الملائمة للتقليص من تداعياتها وانعكاساتها السلبية ، وفي هذا الإطار أكد والي بنك المغرب عبداللطيف الجواهري أن الوضعية في المغرب ليست كارثية ولكنها في الوقت نفسه تدعو إلى التحلي بالمزيد من الحيطة والحذر . وأعلن الجواهري يوم الثلاثاء 24 مارس 2009، على هامش الاجتماع الفصلي لمجلس بنك المغرب، عن قرار المجلس تخفيض سعر الفائدة الرئيسي إلى %3,25 تبعا لمجموعة من العوامل التي تأتي في سياق الذي يتسم بتوجه المخاطر نحو الانخفاض إضافة إلى التلاؤم المستمر للتوقع المركزي للتضخم مع هدف استقرار الأسعار، مشيرا إلى أن هذا التخفيض يبقى معقولا ارتباطا بالوضعية العامة التي لا تدعو إلى القلق . وذكر والي بنك المغرب أن المجلس الأخير تدارس التطورات التي شهدتها الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية وتوقعات التضخم في أفق الفصل الثاني من سنة 2010، مبرزا أن نسبة التضخم بلغت 3,9 % على أساس سنوي خلال الفصل الرابع من سنة 2008 ، تماشيا مع التوقع المركزي الوارد في تقرير السياسة النقدية الصادر في 23 دجنبر 2008 ، كما أن آخرا لمعطيات المتوفرة تشير إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 3,8 % في شهر فبراير، بعد أن سجلت نموا بنسبة %4 في يناير، حيث يعكس هذا التطور بالخصوص الارتفاع الكبير في أسعار المواد الطرية. وأوضح الجواهري أن المنحى العام للأسعار ظل يتجه نحو الانخفاض كما يؤكد ذلك التراجع السريع لوتيرة نمو مؤشر التضخم الأساسي، الذي انخفض من 3,3 % في دجنبر إلى 2,8 % في يناير، ثم إلى 1,3 % في فبراير، مذكرا بأن معدلات التضخم في دول أخرى فاقت بكثير المعدل المسجل في بلادنا . وقال والي بنك المغرب إن استمرار انخفاض التضخم يعزى إلى التباطؤ المسجل على مستوى ارتفاع أسعار السلع التجارية، حيث ساهم تقلص حدة الضغوط على أسعار المواد الأولية غير الطاقية، خاصة منها المواد الغذائية الأساسية، وعلى أسعار النفط، بشكل كبير في تراجع تضخم السلع التجارية، مبرزا أن هذا المنحى يعزز تطور أسعار الإنتاج الصناعي التي كانت الأكثر تأثرا بانخفاض أسعار النفط والمواد الأولية غير الطاقية المستوردة، حيث تراجعت بنسبة 2,8 % في دجنبر وبنسبة 7,8 % في يناير 2009. وتوقع الجواهري أن يبدي الاقتصاد الوطني مقاومة جيدة نسبيا في سنة 2009 بفضل الأداء الجيد للقطاع الفلاحي على الخصوص حيث يتوقع أن يسجل محصول الحبوب حوالي 100 مليون قنطار ، إضافة التوجه الإيجابي للطلب الداخلي بدرجة أقل ، وذلك بالرغم من اتسام المناخ الدولي بدرجة كبيرة من انعدام الثقة وبانكماش حاد للنشاط الاقتصادي في البلدان المتقدمة الرئيسية ، مشيرا إلى أن المعطيات والتقديرات المتوفرة تفيد أن نمو الناتج الداخلي الإجمالي قد بلغ 4,8 % في الفصل الرابع من سنة 2008 مقابل 5,4 % و 6,5 % في الفصلين الثالث والثاني على التوالي ، في حين سجلت معدلات نمو سالبة في الدول المتقدمة مثل اليابان وأمريكا وغيرها .. وتحدث والي بنك المغرب عن وجود هامش للتحكم في الميزانية بالنسبة للمغرب ، مقابل الشعور ببعض الصعوبات في قطاعات مثل السياحة والنسيج والاستثمارات الأجنبية المباشرة . وأشار إلى تعديل التوقعات الخاصة بالتضخم والتضخم الأساسي نحو الانخفاض في أفق الفصول الستة القادمة مقارنة مع ما ورد في تقرير السياسة النقدية الصادر في دجنبر2008 ، حيث يعزى ذلك إلى حدة انكماش الاقتصاد العالمي واستمرار يته وانعكاسات ذلك على الاقتصاد الوطني، إضافة إلى التراجع الملموس في الأسعار الدولية للمواد الأولية وفي نسبة التضخم المسجلة على مستوى البلدان الشريكة للمغرب ،و من المنتظر أن لا تتجاوز نسبة التضخم 3 % في أفق التوقع، على أن يبلغ متوسط نسبة التضخم 2,6 % وذلك إلى غاية الفصل الثاني من سنة 2010 ، وتشير التوقعات الخاصة بالتضخم الأساسي إلى احتمال بلوغ هذا الأخير حوالي 2 % في أفق التوقع. وعبر والي بنك المغرب عن نوع من التفاؤل بخصوص المستقبل ، حيث قال إن المخاطر الداخلية والخارجية المحيطة بالتوقع المركزي للتضخم تعرف توجها نحو الانخفاض متوقعا أن تسجل الضغوط الناجمة عن الطلب تراجعا ملحوظا وأن يتواصل انتقال انخفاض الأسعار الدولية إلى الأسعار الداخلية، كما يبين ذلك تطور مؤشرات وآفاق تطور الأسعار عند الاستيراد وأسعار الإنتاج الصناعي وأسعار السلع التجارية. ومن المتوقع تراجع مداخيل قطاع الفوسفاط وعائدات المغاربة القاطنين بالخارج ، إلا أن والي بنك المغرب يؤكد أن هذا المنحى سيقابله تراجع في كلفة الواردات ارتباطا بانخفاض أسعار المواد الغذائية والبترول على الصعيد العالمي .