أكد عبداللطيف الجواهري أن نظام الصرف المعتمد في بلادنا مكن المغرب من تجنب انتقال الأزمة المالية من الخارج إلى الداخل ، مشيرا إلى الحديث عن مشروع نظام صرف أكثر مرونة قبل انفجار الأزمة ، إلا أن تداعيات هذه الأخيرة فرضت إرجاء النظر في الموضوع إلى وقت لاحق ، حيث تتوفر الشروط المناسبة لذلك . وأبرز والي بنك المغرب في ندوة صحفية عقدها يوم الثلاثاء 16 يونيو 2009 ، أن القطاع المالي في المغرب يبقى في منأى عن هذه الأزمة ، إلا أن هذه الأخيرة كانت لها انعكاسات على الاقتصاد الوطني . وأوضح أن تداعيات الظرفية الاقتصادية الدولية الصعبة على الاقتصاد الوطني تنعكس من خلال القنوات الحقيقية للاقتصاد المتمثلة على الخصوص في الصادرات من السلع والخدمات وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، مشيرا إلى أن نتائج بحث الظرفية الذي يعده بنك المغرب حول القطاع الصناعي لشهر أبريل ، تؤكد تراجع الطلب، خاصة الطلب الخارجي، وهو ما يتجلى في المستوى المنخفض لنسبة استخدام الطاقة الإنتاجية، مبرزا تراجع نمو القطاع غير الفلاحي إلى 1,9 % في الفصل الرابع من سنة 2008، مع توقع ألا يتجاوز نمو هذا القطاع 2 % خلال الفصل الأول و3 % بالنسبة لمجموع سنة 2009، وذلك بعد أن بلغ 4,2 % في سنة 2008 و6,5 % في 2007. وينتظر مع ذلك أن تتراوح نسبة النمو الإجمالي، في ضوء المعطيات الأخيرة المتوفرة حول الموسم الفلاحي، ما بين 5 % و6 % في سنة 2009، وهو مستوى مماثل لنسبة النمو المحققة في 2008. غير أنه من المتوقع أن تسجل فجوة الناتج، الأكثر دلالة في ما يتعلق بتقييم مخاطر التضخم، قيمة سلبية بالنسبة لمجموع السنة. وتحدث الجواهري عن مختلف القرارات المتعلقة بتدبير السياسة النقدية حسب ما أسفرت عنه نتائج اجتماع مجلس البنك الذي انعقد في اليوم نفسه ، و تدارس المجلس أيضا التطورات الأخيرة التي شهدتها الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية وكذا توقعات التضخم في أفق الفصل الثالث من سنة 2010. إضافة إلى اعتماد التقرير السنوي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية الوطنية وكذا حول أنشطة البنك برسم سنة 2008، والذي سيقدم إلى جلالة الملك. وتبرز المعطيات التي قدمها والي بنك المغرب استمرار تباطؤ وتيرة نمو التضخم في شهر أبريل، تماشيا مع التحليلات والتوقعات الواردة في التقرير حول السياسة النقدية الصادر في 24 مارس 2009، حيث بلغت بذلك نسبة التضخم 2,6 % في أبريل، بعد تسجيلها لنسبة 3,6 % في شهر مارس، و3,8 % في فبراير، و4 % في يناير. وتبرز هذه التطورات بشكل واضح على مستوى مؤشر التضخم الأساسي، الذي تستثنى عند احتسابه المواد الغذائية الطرية المعروفة بحدة تقلب أسعارها، والذي استقر في 0,1% في أبريل بعد ارتفاعه بنسبة 0,2 % في مارس. وأوضح الوالي أن التطور الأخير للتضخم يعكس استمرار تراجع الأسعار العالمية للمواد الأساسية وكذا انخفاض الطلب الموجه للمغرب، ارتباطا بتدهور النشاط الاقتصادي لدى أبرز شركائه التجاريين، و يعزى أيضا ، بدرجة أقل، إلى تباطؤ وتيرة نمو الطلب الداخلي. ويتجلى أيضا تراجع الضغوط التضخمية، خاصة منها تلك الناجمة عن الأسعار عند الاستيراد، على مستوى أسعار الإنتاج الصناعي التي انخفضت بنسبة 17,8 % في أبريل و18,5 % في مارس و6,5 % في فبراير، بعد أن كانت قد ارتفعت بشكل استثناني في سنة 2008. وعلى مستوى الأوضاع النقدية، تؤكد المعطيات المتوفرة مع نهاية شهر أبريل استمرار تباطؤ الإنشاء النقدي. وبالفعل، استقر النمو السنوي للمجمع م3 في 9,2 %، بعد أن بلغ 10,5 % خلال الفصلين الأخيرين. وقد انعكس هذا التباطؤ من خلال استمرار امتصاص الفائض النقدي لدى العناصر غير المالية. وعلى الرغم من تراجعها المتواصل منذ الفصل الثالث من سنة 2008، تظل وتيرة نمو القروض على أساس سنوي مرتفعة حيث بلغت 18 % في شهر أبريل. وذكر الجواهري أنه تم خفض التوقع المركزي الخاص بالتضخم والتضخم الأساسي بشكل طفيف في أفق الفصول الستة القادمة، مقارنة بما ورد في التقرير حول السياسة النقدية الصادر في مارس 2009، ويعزى ذلك بالأساس إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي على المستوى الداخلي، وانخفاض الأسعار العالمية للمواد الأولية، وتراجع النشاط والتضخم لدى أهم البلدان الشريكة للمغرب. وبالتالي، من المنتظر أن لا تتجاوز نسبة التضخم 3 % في أفق التوقع. وفي الفصل الثالث من سنة 2010، يتوقع أن تصل نسبة التضخم إلى حوالي 2,6 %. وفي ما يتعلق بالتطور المستقبلي لمؤشر التضخم الأساسي، من المنتظر أن يستقر هذا المؤشر في مستويات معتدلة، لا تتجاوز 2 % في أفق التوقع. وتفيد المعطيات أن مختلف عوامل المخاطر تشير إلى اعتدال ملموس في الضغوط التضخمية خلال الفصول القادمة، خاصة بالنظر لتراجع الضغوط الناجمة عن الطلب، والتي قد تتقلص بشكل أكبر في حال فاق تدهور النشاط الاقتصادي التوقعات وكذا في سياق عدم وضوح الرؤية حول آفاق نمو الاقتصاد العالمي. وفي هذا المناخ، من المتوقع أن يتواصل انتقال انخفاض الأسعار العالمية إلى الأسعار الداخلية، إلا أن تقلب أسعار المواد الأولية، وخاصة النفط، يشكل مصدرا من مصادر عدم وضوح الرؤية، وفي هذا السياق الذي يتسم بتوجه المخاطر نحو الانخفاض إضافة إلى تلاؤم التوقع المركزي للتضخم مع هدف استقرار الأسعار، قرر المجلس الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي في 3,25 %، وهو المستوى الذي يراه مناسبا أخذا بعين الاعتبار جميع المعطيات المتوفرة. وبالنظر لحجم الحاجيات من السيولة في السوق النقدية ولطابعها المستديم، وأخذا بعين الاعتبار توقعات تطور عوامل السيولة، قرر المجلس تخفيض معدل الاحتياطي الإلزامي بنقطتين مئويتين ليصل إلى 10 % اعتبارا من فاتح يوليوز 2009.