اليوم، ومع تطور "الكوكيز" بشكل مذهل وخطير، سيكون عليك أن تحتاطي وأنت تتصفحين مواقع الإنترنيت بحثا وصفة كسكس أن تكتب كلمة "سكس" سهوا، أو حينما تبحث عن شرح "الجزاء من جنس العمل" أن تضغط على رابط لا علاقة له بما تبحث عنه، حتى لو كنت ناضجا بما فيه الكفاية، بما يحصنك من الوقوع في المحظور؛ أو أن يبحث أحد أطفالك في محرك البحث عن "كيف يصنعون لعبة ميكانيكية؟"، فيضغط على "كيف يصنعون قنبلة؟". كل ذلك قد وقع، ولك أن تدخل إلى محرك البحث "غوغل" أو "يوتيوب" وتكتب كيف...؟"، فتجد أن العبارات المقترحة من قبيل: "كيف أقوم بممارسة الجنس؟"، "كيف أقوم بالعادة السرية؟"...فإضافة إلى كون تلك العبارات التي تظهر تلقائيا هي الأسئلة الأكثر بحثا على هذه المحركات عربيا، فهي أيضا خاضعة لعمليات رياضية خوارزمية معقدة، يتحكم في معطياتها أرشيفك السابق في البحث المخزن تلقائيا على هاتفك أو حاسوبك. طبعا هاتفك أو حاسوبك لا يعرف من يحمله، أأنت أم أحد أطفالك، وهذا أخطر ما يهدد حصانة الأسرة من هجمات العالم الافتراضي، والتي تكون لها رغم هذه الطبيعة غير الملموسة أثار مادية ومعنوية على الأسرة نفسها، وعلى الأطفال غير البالغين. كلنا يحب أكل "الكوكيز" لذوقها وشكلها ومكوناتها، وعلى ذلك سميت تلك "الملفات النصية التي تهدف إلى جمع معلومات شخصية عن المستخدم، عند الدخول على صفحة إنترنت معينة، إذ يقوم الخادم الخاص بالموقع بإنشاء ملفين عنها؛ الأول يحتفظ به، والثاني يتم تخزينه في ملفات الكوكيز على جهاز المستخدم ليستعمله مرة أخرى، أو يتيح للمواقع الأخرى ذلك". وأساس الفكرة أن تلك المواقع تجهز لك حلوى بريقة تبعا لما يعجبك. هذه بعض الخطوات الأكثر أمانا لحماية الأسرة ثم الأطفال من مخاطر الإنترنيت، وهي خطوات عملية ينصح بها الخبراء المختصون، وحتى المشرفون على المواقع والبرامج الأكثر شهرة. 1: من الأفضل أن يختص كل من أفراد الأسرة بجهاز إلكتروني خاص به، ولو كان بسيطا، كأن يختص الآباء والراشدون بالهواتف الذكية والأطفال بلوحات الألعاب والحواسيب الثابتة؛ ويجب أن يأخذ هذا الاختصاص نوعا من التشديد، فلا تبادل بين الأجهزة، خاصة مع الأطفال غير البالغين، ويفضل أن يكون للأجهزة الذكية رمز مرور سري. 2: إذا كنت ستقرر أن تترك لأطفالك غير البالغين حاسوبا مرتبطا بالنت، فتأكد أن تقوم إضافة إلى التوعية والمراقبة ببعض الخطوات التقنية المهمة، والمتاحة في جميع الحواسيب ذات أنظمة التشغيل الحديثة. وهنا يكفي أن تفعل الأداة الموجودة في حاسوبك، المسماة "control parental"، التي تعني التحكم الأبوي، وأعتقد أنها الأداة الأكثر روعة وأمانا على الحاسوب. 3: استعمل مانع الإعلانات: من أكبر مصادر الخطر على الأسرة والأطفال بصفة خاصة تلك الإعلانات المبوبة الموجودة بالعشرات داخل كل موقع إلكتروني، والتي لا يستطيع أصحابها التحكم في عرضها، فهي تتبع اهتماماتك ونطاقك الجغرافي وغير ذلك من البيانات الشخصية؛ وإذا كنت تفكر في هذه الخطوة فأنصحك بأشهر مانع إعلانات "adblock plus"، ابحث عنه في "غوغل"، وقم بتثبيته في متصفحك. على الأقل سترتاح من ذلك الكم الهائل من اللوحات الإشهارية. ولك أن تتصور أن هذه الأداة منعت عني 121 846 إشهارا في بضعة أشهر فقط من إعادة تثبيته في حاسوبي.. واستعمل إحدى برامج تنظيف مخلفات جلستك في "الويب". 4: استعمل "البحث الآمن" المقدم من "غوغل"، و"وضع تقييد المحتوى" ل"يوتيوب"، أو غيرهما من المواقع الكبرى، إذا كان من سيشغل الجهاز غيرك من الأطفال غير البالغين، فهذه الميزة ستقوم بتصفية النتائج المعروضة بما يلائم اهتمام الجمهور الناشئ. أما المواقع الاجتماعية فأنصحك أن تتشدد على منع أطفالك من ولوجها، فهي عوالم مليئة بالأشرار. أيضا استعمل الخدمات المخصصة للأطفال في مثل هذه المواقع، كYoutube Kids للفيديوهات وsafesearchkids للبحث، وهذه الخدمات المجانية يمكن تنفيذها في جميع الأجهزة. 5: سجل أطفالك في مدارس تعلم الإعلاميات، فهي كفيلة بأن تنشئهم على فهم صحيح للأغراض السليمة للإعلاميات و"الويب".. ولْتُعلمهم كيف يستعملون "وينداوز"، ثم "أوفيس" و"فوتوشوب"...لتجعلهم مواهب منذ الصغر، أفضل من تلك الألعاب الغبية التي يستمتعون بها. هي نصائح من صميم التجربة، ومن إيماني بأن الأسرة كيان رغم قوته البنيوية قد يُهدد بما يعتقده الأبوان خدمة للترفيه. ولك أن تطلع على الإحصائيات حول الأطفال الذين تعرضوا للاغتصاب عبر "الويب كام"، وكم من آخرين ورثوا أزمات نفسية عما شاهدوه من مشاهد عنف دموية أو مشاهد إباحية تفوق تصورهم البسيط. *باحث في الأسرة