كان الفساد من بين أهم الشعارات التي تم توظيفها في تخدير الشعب المغربي خلال الحملة الانتخابية إبان فترة "الربيع العربي"، أضف إلى ذلك السباب واللعان الموجه ضد بعض الأشخاص من أبناء هذا الوطن على أساس أنهم خونة و زنادقة، كلها كانت بمثابة استراتيجية هجومية وظفها حزب العدالة والتنمية الذي ابتسم له الحظ في تسليم مقاليد المسرح السياسي حيث أبدع واجتهد في التمثيل فتارة بمشاهد مضحكة على الشعب وتارة أخرى مبكية ، ذلك أن المنطق الفني يقتضي من الوجه الواحد البشاشة في نفس الوقت التعاسة. ومما لاشك فيه أن فشل ولاية الحكومة الحالية واعتبارا لاستمرار تأثير سياق الربيع العربي وما واكبه من متغيرات اقليمية ودولية كلها ألقت بثقلها على مستوى تفكير المواطن المغربي، الذي لم تعد أساليب الحوقلة والدموع كمدخلات لكسب ثقته وبالتالي من المستحيل أن يتم تصديق نفس الأساليب والآليات التي استخدمت كمنسمات سياسية لفتح شهية المواطن المغلوب على امره حتى يمنح صوته للحزب الإسلامي ( إسلام مسيلمة) مرة أخرى. لقد أثار استغرابي التوقيع على الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد،في ظل فشل شعار محاربة الفساد "بالبصارة والزيت البلدي" حيث كان حزب العدالة والتنمية خلال الأشهر الأولى بعد تعيين عبد الإله بنكيران في مدينة ميدلت، يتشدقون بالإصلاح وبالمعقول وبالزهد في الدنيا حتى ظننا أن المهدي المنتظر قد حل بيننا، بل أصبحنا على وشك الاعتقاد بكون حزب المصباح من المبشرين بالجنة، وما إن مرت السنة الأولى وبعد ان تمكنوا من تشييد الحمامات وبيوت النوم داخل مقرات عملهم وبعد أن اقتنوا كتب "عودة الشيخ إلى صباه" فتمسكن الدراويش تيمنا بالمثل المغربي القائل "تمسكن حتى تمكن" حتى أنكشروا عن أنيابهم ضد المملكة المغربية ملكا وشعبا،بل أصبحوا يعتقدون في كون تاريخ المملكة بدأ بمجيئهم وأن الحكومات السابقة مند الاستقلال ليست سوى شردمة من المفسدين، خصوصا وأن رؤساء الحكومات السابقة يقدرون الدين الإسلامي فلم يسبق قط أن عرف تاريخ الحكومة بالمغرب رئيسا للحكومة يأخد السبحة باليد اليمنى ويقبل وجنات الأجنبيات. إن الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد ليست سوى مدخل للتوظيف السياسوي الانتخابوي مع العلم أن حكومة العدالة والتنمية عرفت أكبر نسبة من الفساد مقارنة مع التجارب الحكومية السابقة. إن ذاكرة الشعب المغربي ليست قصيرة فالكل يتذكر ضحايا تصديق شعار محاربة الفساد،التي تثير لعاب وتسيل دموع السيد رئيس الحكومة صاحب القلب الرهيف والذي يتأثر بأوضاع المواطنين كما صرح بذلك يوم فاتح ماي حيث غلبته الدموع وهو يستحضر قرب مغادرته لباب السفراء عكس ما برر به دموعه بكونها نتيجة تأثره بالحضور وبكونه محبوب الجماهير " ميسي هذا". الكل يتذكر المقاولين الذين أصبحوا ضحية تصديق شعارات حزب الدراويش فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، والسبب ليس المرض العضال الذي يهلك الطغاة لكن السبب هو "الفقسة" خصوصا تلك الناجمة عن ظلمهم بسبب دعم سياسة الفساد التي تحسب للسيد رئيس حكومة دستور الربيع العربي، فعلى سبيل المثال نستحضر قضية ما يعرف بالمقاول الشقروني الذي أصبح رمزا ومثالا حيا مازال يرزق لكونه ضحية تصديق شعار حزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بمحاربة الفساد فيكفي أن نكتب على الشبكة العنكبوتية "قضية المقاول شقروني" حتى يتم الإطلاع عن قرب بالقضية وحتى يتسنى للشعب المغربي مواجهة وفضح كذب وبهتان الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد،فكيف سيحارب المفسد نفسه؟ وقبل هذا وذاك أين وصلت الإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب والتي أعطى انطلاقتها الوزير المعروف "بمول الكراطة"، أضف إلى ذلك أين هي نتائج استراتيجية المغرب الرقمي في صيغتها الأولى والثانية؟ إننا في مغرب القرن الواحد والعشرين لسنا في أمس الحاجة إلى كثرة الاستراتيجيات التي ليست سوى صفقة مشبوهة بين مكاتب الدراسات التي تعود ملكيتها إلى أصحاب شواهد ISO في الفساد بل أملنا أن يتم وضع استراتيجية وطنية للمعقول ولتامغربيت الحقيقية بعيدا عن توظيف توابث الأمة في المزايدات السياسوية الضيقة فأكبر مهدد للمملكة هم من يقبلون بلعب أدوار الضحية والجلاد. فصدق الشاعر الذي قال : إنما الأمم أخلاق إن هي ذهبت ذهبوا، فالشعب المغربي لا يثق في من يذرف الدموع أكثر ولا فيمن يحوقل باستمرار لكن ثقتنا ومساندتنا لمن يعمل أقل وبفعالية أكثر . *رئس الإتحاد الوطني لمقاولي المغرب الضحية الأولى في تصديق شعار الحكومة الإسلاميية في محاربة الفساد