الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات توقيف في حق نتانياهو وغالانت والضيف    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    رفع العقوبة الحبسية في حق رئيس المجلس الجماعي لورزازات إلى 18 شهرا حبسا نافذا    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    المغرب يستضيف أول خلوة لمجلس حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الإقليمي بالناظور    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    دراسة: تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    جمعويون يصدرون تقريرا بأرقام ومعطيات مقلقة عن سوق الأدوية    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوقي مغربي: "أوراق بنما" وتصفية الحسابات بين الشركات
نشر في هسبريس يوم 08 - 04 - 2016

تعود أصول قضية "أوراق بنما" إلى العام 2014، حين تلقى الصحافي باستيان أوبرماير Bastian Obermayer في صحيفة "سودوتشيه زيتونغ" Süddeutsche Zeitung الألمانية العريقة، ذات التوجه اليساري، رسالة مشفرة من مجهول يعرف نفسه ب"جون دو"، تسأله إذا كان يهمه الحصول على وثائق تتيح فضح جرائم مالية أمام الرأي العام.
وحذر المصدر الصحافي في الرسالة من أن حياته في خطر، وأنه يستطيع التواصل عبر الرسائل المشفرة، ولا يمكنه إجراء أي مقابلة شخصية.
استمر الصحافي في التواصل عبر قنوات مشفرة يجري تغييرها باستمرار والحرص في كل مرة على محو تاريخ المحادثة، وقام بإرسال الملايين من الوثائق والصور والبيانات للصحيفة، والتي سربت جميعها من مكتب المحاماة "موساك فونسيكا" في بنما، والذي يعمل في مجال الخدمات القانونية منذ سنة 1977، أي حوالي 40 عامًا.
ونسقت الصحيفة الألمانية في الموضوع مع "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين"ICIJ ، ليتبين أن الوثائق التي يقارب عددها 11.5 ملايين وثيقة تكشف أسماء 140 زعيما سياسيا حول العالم، إضافة إلى أسماء بارزة في كرة القدم، هربوا أموالاً من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية عبر مكتب المحاماة المذكور .
وقبل إبداء وجه نظرنا في الموضوع، لابد من التأكيد على أن تهريب الأموال إلى الخارج أو تبييضها أو جعلها في منأى عن الإجراءات الضريبية، سواء في إطار التهرب الضريبي أو الالتفاف الضريبي، يمكن اعتباره عملا غير قانوني وغير أخلاقي وفقا للقوانين الوطنية أو القانون الدولي، وبالخصوص الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، رغم أن بعض الدول، وعددها جد محدود، تحاول شرعنة الالتفاف الضريبي في قوانينها الوطنية بدعوى تشجيع الاستثمار، في تعارض تام مع القوانين الدولية.
لكن ما يهمنا في الموضوع هو من يقف وراء هذا التسريب؟ لأن ما قام به الشخص مجهول الهوية الذي يعرف نفسه ب"جون دو" لدى الصحيفة الألمانية العريقة يمكن اعتباره عملا غير بريء، وذلك للاعتبارات التالية:
فخلافا للشفافية التي يقدمها موقع ويكيليكس، الذي يقدم البحث في الوثائق لأي كان على الموقع، كانت تسريبات "أوراق بنما" خاضعة لسيطرة عدد محدود من الجهات الأمريكية والمؤسسات الصحافية، وغير منشورة في المواقع، كما أنها خالية تقريبا من الأسماء الأمريكية.
ولوحظ أيضا غياب صحف أمريكية بارزة ك"نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" و"واشنطن بوست" عن العمل بهذه الوثائق وإيلائها التغطية الكافية على صفحاتها الأولى. كما غاب الصحافيون الذين عملوا بشكل أساسي على تسريبات "ويكيليكس"، مثل غلين غرينوولد ولورا بويتراس عن العمل.
كما لوحظ من خلال صفحة تمويل المشروع الصحافي في موقع الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أنه من بين الممولين للمشروع كان المضارب في الأسواق العالمية الملياردير الأمريكي جورج سوروس - عبر مؤسسة أوبن سوسيتي Open Society Foundation - وبنك غولدمان أند ساكس، ومؤسسة فورد، وصندوق روكفلر، المتهمة جميعها بالتهرب الضريبي واستهداف الخصوم وتصفية الحسابات.
ومن هنا نستنتج أن هناك احتمالا كبيرا أن تكون إحدى الشركات المنافسة للشركة البنامية وراء هذا التسريب لإضعاف قوتها المالية، وتخويف رجال المال من التعامل معها مستقبلا. إنه صراع الشركات أكثر منه صراع السياسات، خصوصا إذا علمنا أن الشركة التي تم تسريب الوثائق منها هي رابع شركة في العالم توفر خدمة "الالتفاف الضريبي"، إلى جانب شركات أخرى توفر الخدمة نفسها، وتوجد في دول كسويسرا مثلا. فلماذا تعرضت شركة في بنما لهذا التسريب؟ علما أنها شركة قديمة تأسست في عام 1977، على يد المحامي الألماني يورجن موساك، بشراكة مع المحامي البنامي رامون فونيسكا، ولم يسبق لها أن تعرضت لهذا التسريب منذ تاريخ تأسيسها .
ثم لماذا لا يوجد أي اسم أمريكي أو إسرائيلي في ما تم تسريبه من معلومات؟ إذ تم التركيز على بعض زعماء ومسؤولي بعض الدول، كروسيا وإيران والصين وباكستان والسعودية والإمارات، وكلها دول تتوجس منها الولايات المتحدة، رغم العلاقات التي تبدو دافئة .
ونشير في هذا السياق إلى أن أحد الخبراء الاقتصاديين الألمان، ويدعى "أرنست وولف"، شكك في أهداف نشر وثائق بنما، ملمحا إلى تعمد الولايات المتحدة كشف هذه الوثائق لتكسب قرابة 40 تريليون دولار من جذب هذه الأموال.
وأضاف هذا الخبير أن "بلومبرغ" كانت قد نشرت مطلع العام الجاري خطط الولايات المتحدة لتصبح أفضل ملاذ ضريبي لثروات العالم، وأشارت إلى كبير مديري شركة روتشيلد المالية، حين ألقى خطابا يشرح فيه كيفية جذب أثرياء العالم ونخبه لتجنب دفع الضرائب بتحويل ثرواتهم إلى الولايات المتحدة دون خضوعها لأي ضرائب وإخفائها عن حكومات العالم.
أما جريدة "واشنطن بوست" فقد لفتت إلى أن الولايات المتحدة أصبحت تلقب ب"سويسرا الجديدة"، كناية على تحولها إلى وجهة للباحثين عن الملاذات الضريبية، إذ تم تسجيل قرابة ربع مليون "شركة واجهة" في شركة واحدة في ولاية ديلاوير.
وعلى هذا الأساس، يمكن اعتبار ملف أوراق "بنما" مجرد تصفية للحسابات بين الشركات المالية، وأن مناطق الملاذات الضريبية "أوفشور" لن يختفي كظاهرة، وإنما ستجري عملية إعادة توجيه التدفقات المالية في اتجاه شركات في الولايات المتحدة، هذا علما أنه في بعض الولايات الأمريكية تطبق السرية المصرفية بشكل مطلق. ففي ولايات نيفادا وداكوتا الجنوبية، وأيومنغ وديلاوير، توجد "ملاذات ضريبية مطلقة".
*مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.