وقفت الحكومة الجزائرية بقَضها وقضيضها لتظهر مؤازرتها لجبهة البوليساريو الانفصالية، في ظرف زمني حساس تمر منه قضية الوحدة الترابية للمغرب، خاصة بعد الأزمة غير المسبوقة التي انطلقت مثل كرة ثلج بين المملكة والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون. وعقدت شخصيات حكومية وعسكرية جزائرية رفيعة المستوى، يوم أمس، لقاء مع ما يسمى رئيس وزراء الانفصاليين، المدعو عبد القادر الطالب عمر، من أجل الإعلان الصريح عن دعم جبهة البوليساريو في مواجهتها مصالح المغرب، خاصة على مستوى نزاع الصحراء. وترأس الاجتماع، الذي تُوج ببيان مقتضب، أورد أن المشاورات تمحورت حول المسائل الدبلوماسية والأمنية والإنسانية المشتركة، عبد المالك سلال، الوزير الأول الجزائري، ورمطان لعمامرة، وزير الخارجية، والفريق قايد صالح، قائد أركان الجيش، وعبد القادر مساهل، وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي، علاوة على قيادات في الجبهة. وربط مراقبون هذا الاجتماع الذي يعد الأول من نوعه بين الوزير الأول الجزائري وعبد القادر الطالب عمر بمستجدات ملف الصحراء الجارية في الوقت الراهن، لاسيما التوتر الكبير بين الرباط و"بان كي مون"، وقرار المملكة طرد موظفين مدنيين من بعثة الأممالمتحدة "المينورسو". وأوردت مصادر إعلامية بعض ما رشح عن اجتماع الحكومة الجزائرية مع القيادي الانفصالي، في خضم غياب محمد عبد العزيز بسبب صراعه مع المرض، ومن ذلك التأييد السياسي والعسكري الكامل الذي أبدته الجزائر لجبهة البوليساريو في "حربها" ضد مصالح المملكة. واعتبرت المصادر أن الاجتماع ذاته جاء للتنسيق بشأن الخطوات المقبلة التي يتعين اتخاذها من طرف الجبهة أمام التطورات المتسارعة لملف الصحراء، التي تجلت في ظاهرها في الخلاف الحاد بين الأمانة العام للأمم المتحدة والمغرب، عقب زيارة "بان كي مون" إلى مخيمات تندوف. وناقش المتحالفون من قيادات الحكومة الجزائرية وقيادات الجبهة الانفصالية تداعيات "طرد" السلطات المغربية لحوالي 84 عضوا من البعثة المدنية ل"المينورسو"، وسُبُل الرد على هذه القرار، والاستعداد لأي تطورات محتملة، خاصة على الصعيد العسكري، وهو ما يبرر حضور قائد أركان الجيش للاجتماع المذكور. واعتبرت منابر إعلامية أن قرار المغرب سحب مبعوثي المينورسو من المنطقة يعني باللغة الأمنية نية المملكة إشعال فتيل الحرب ضد ما يسمى "الشعب الصحراوي"، مبرزة أن هذا الأخير "قرر رفع السلاح في وجه المغرب، وذلك للدفاع عن نفسه بعد تقليص بعثة المينورسو". مصادر أخرى ربطت بين توقيت الاجتماع المنعقد في "قصر المرادية" وبين الزيارة التي يرتقب أن يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي، جون مارك إيرولت، إلى الجزائر، يومي الثلاثاء والأربعاء 29 و30 مارس الجاري، في سياق الاتفاقية الثنائية التي تنص على إقامة حوار سياسي منتظم بين البلدين. ويرى محللون أن زيارة المسؤول الفرنسي إلى الجزائر في هذا الظرف المتعلق بملف الصحراء ستكون فرصة للجزائر لكي تطرح هذه القضية الخلافية بين البلدين على طاولة الحوار، باعتبار أن فرنسا تعد أحد أكبر داعمي المملكة في طرحها الداعي إلى إقامة حكم ذاتي بالصحراء لإنهاء النزاع المفتعل.