تحتضن العاصمة الموريتانية نواكشوط، منذ نهاية الأسبوع الماضي أشغال ملتقى إقليمي حول دور المجموعات المحلية في إدارة وصيانة مواقع التراث العالمي في البلدان العربية، بمشاركة باحثين وخبراء وممثلين عن المجموعات المحلية من عدة بلدان عربية من بينها المغرب. ويهدف الملتقى إلى إبراز دور المجموعات المحلية في تسيير مواقع التراث العالمي وتشجيع الشراكة بين المجتمع المدني والمؤسسات العمومية بغية صيانة وتثمين التراث وكذا تشجيع التعايش الاجتماعي . وسيتم خلال الملتقى تسليط الضوء على كيفية إدماج المجموعات المحلية في تسيير المواقع الطبيعية الثقافية وتبادل الخبرات البينية على مستوى مواقع التراث، كما يشكل الملتقى فرصة لدعم المكتسبات وتحديد النقائص ومكامن الضعف في التسيير التشاركي للمواقع الطبيعية في البلدان العربية. وشددت سناء العلام (المغرب) المكلفة ببرنامج الثقافة بمكتب منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) للدول المغاربية بالرباط على أهمية الاتفاقيات الدولية في مجال صيانة التراث العالمي وحمايته، ومن بينها على الخصوص اتفاقية 1972 لحماية التراث الثقافي والطبيعي الذي يكتسي أهمية قصوى، وبالتالي تجب المحافظة عليه باعتباره عنصرا من التراث العالمي للبشرية جمعاء. وأشارت إلى تسجيل 79 موقعا عربيا على لائحة التراث العالمي للإنسانية، 73 منها كمواقع ثقافية وأربعة كمواقع طبيعية وموقعان مختلطان، مؤكدة أن هذه المواقع تشكل إرثا إنسانيا وتراثا يتجذر عبر العصور ويحمل في طياته بصمات استثنائية تترجم إما علاقة الإنسان بالعمارة أو علاقته بالطبيعة. وأكدت على أن البلدان العربية ملزمة في إطار الاتفاقية المذكورة بتقديم تقارير دورية لمنظمة اليونيسكو لإعطاء نظرة حول الأنشطة التشاركية التي تقوم بها المؤسسات والمجتمع المدني والجماعات المحلية. وذكرت سناء العلام بتبني منظمة اليونسكو استراتيجية جديدة في إطار مخطط لتطبيق اتفاق التراث العالمي 2012 - 2022،وذلك بهدف إشراك المجموعات المحلية في الصيانة والحماية المستدامة لمواقع التراث العالمي . وقالت إن ملتقى نواكشوط يهدف إلى فتح حوار بين المجتمع المدني والمجتمع المؤسساتي المكلف بمواقع التراث العالمي في البلدان العربية للتعاون في ما بينهما من أجل الحفاظ على التراث العالمي الإنساني، مما سيساهم بشكل فعال في التنمية المحلية المستدامة. ويتم على مدى ثلاثة أيام تقديم عروض حول تجارب مختلف البلدان في مجال إشراك المجموعات المحلية في تسيير المواقع التراثية من بينها عرض للخبير المغربي محمد بوصالح، مدير مركز صيانة التراث المعماري بمناطق الأطلس والجنوب بورزازات حول أنشطة المجموعات الأمازيغية في واحة فكيك والتعاون بين المجموعات المحلية والسلطات من أجل حماية القصور بواد درعة . وأشار الخبير المغربي إلى أهمية الدور الذي يضطلع به المجتمع المدني والساكنة المحلية في حماية التراث الثقافي المادي والطبيعي ، مذكرا بدعوة منظمة اليونسكو إلى إشراك الساكنة المحلية في اتخاذ القرارات المتعلقة بتنمية المواقع وفي تسييرها وحمايتها. وقدم كمثال على ذلك إشراك الساكنة المحلية في تسيير وصيانة قصر آيت بنحدو بإقليم ورزازات المدرج في لائحة التراث العالمي منذ سنة 1987 حيث تم في سنة 2006 إحداث لجنة محلية للتسيير تتكون غالبيتها من الساكنة والجمعيات المحلية. وأوضح بوصالح أنه تم إعداد مخطط تسييري يمتد على مدى خمس سنوات 2007 - 2012 أثمر نتائج هامة وخلق ديناميكية جديدة حيث بات القصر أكبر مستقطب للسياح في منطقة الجنوب الشرقي والأكثر استعمالا في مجال الصناعة السينمائية حيث صورت فيه عدة أفلام سينمائية عالمية على غرار (المصارعون) و (مملكة السماء) و( أمير الفرس) و(مسلسل عمر بن الخطاب) ، مضيفا أنه يجري حاليا التحضير لمخطط خماسي جديد ( 2016-2021).