اختتمت الندوة الدولية المنعقدة ببروكسل والمنظمة من طرف جامعة لوفان البلجيكية ومنصة حوار الثقافات بأوروبا، منتصف الأسبوع الجارب، حول موضوع: "الإسلام..الموقف من العنف وأبعاد المجاهدة ومسؤولياتنا". وكعادته عند تنظيم أي ندوة أو مؤتمر من قبل حركة الخدمة ومؤسساتها، وجه الداعية والمفكر التركي، فتح الله غولن، رسالة مؤثرة إلى المشاركين في الندوة. الرسالة التي تلاها رمضان كولي، ممثل الجهة المنظمة، جاء في أهم مضامينها أن هناك مسؤوليتين يتحملهما كل من يدعو إلى السلام ونشر قيم الإنسانية، أولاهما الوقوف في وجه الأنظمة الشمولية التي تساهم في تكريس روح العداوة والكراهية والبغض بين الناس من أجل إزالة الظلم والاضطهاد عبر الوسائل السلمية المتاحة. وثانيهما ألاّ نكتفي بالقول فقط في وجه المجموعات الإرهابية التي تقوم بتجنيد الشباب من داخل مجتمعاتنا، عبر وعود وهمية وأحلاف زائفة، وتستخدم النصوص بشكل ظاهري وتقتطعها من سياقاتها التاريخية والأدبية، وتسيء فهمها. وأضاف أن الدين الإسلامي الذي يحمِّله بعض الناس في الغرب مسؤولية ما يقع من عنف ودمار، بريء من كل هذا، بل إن الإسلام ينبذ القتل ويتجنب الصراع المسلح قدر الإمكان، ويضطر له في إطار الحروب الدفاعية فقط، ويوجه النفوس البشرية نحو إخراج طاقتها الايجابية حتى تقترب أكثر إلى الله عز وجل. فتح الله غولن ختم رسالته بتنبيه المسلمين ألا يلزموا الصمت، ودعاهم إلى أن يشغلوا مقاعد البحث للعمل على توضيح المفاهيم المغلوطة، وأن يتعاونوا جميعا مع التنظيمات ذات التوجهات الوسطية من أجل نشر قيم الاعتراف بوجود الآخر والحفاظ على الحريات وحقوق الإنسان، وذلك حتى تستطيع الأجيال المقبلة العيش بأمان. أما عن مشاركة الوفد المغربي في هذه الندوة، فقد كانت متميزة وأبانت عن فهم عميق وبحث دقيق، وقد كان من أبرز المداخلات: مداخلة الدكتورة مريم أيت احمد في موضوع "دور المرأة في مكافحة العنف والإرهاب"، ومداخلة الدكتور سعيد شبار تحت عنوان "القيم الأخلاقية، الجهاد والمجاهدة"، ومداخلة الدكتور سمير بودينار في موضوع "الجهاد: أبعاد المجاهدة ومراتبها". وفي نهاية المؤتمر، قدم المنظمون جملة من التوصيات التي صادق عليها المشاركون، وجاء في أهم مضامينها أن الإرهاب ليس له صلة بجوهر الدين، بل هو إما نتاج لفهم خاطئ للدين ومبادئه وقيمه، وإما تصرف لتحقيق مصالح شخصية ودنيوية. ولذلك ينبغي أن يكون محل إدانة قاطعة. كما أن المجاهدة هي سعي لرفع الحواجز بين الله والإنسان ليلتقي الإنسان بربه، وهي بذل الوسع لجمع البشرية في بوتقة القيم الإنسانية الشاملة، وتوطيد العلاقة بين أبنائها والتعايش بين سائر الخلق. كما اتفق المشاركون على اعتبار مشروع "الخدمة" من أهم النماذج الناجحة التي تساهم في إرساء السلام العالمي، وعلى ضرورة اتخاذ جميع رواد الفكر والمرشدين، من جميع الأديان والثقافات، موقفا حازما ضد الإرهاب، وأن يتحملوا مسؤوليتهم في هذا الباب.