رسائل قوية إلى القارة الإفريقية في موضوع التعاون جنوب جنوب وجهها الملك محمد السادس في رسالة له إلى منتدى "كرانس مونتانا"، الذي ينظم للمرة الثانية على التوالي في مدينة الداخلة، ما بين السابع عشر والثاني والعشرين من شهر مارس الجاري. رسالة المنتدى، التي تلاها ينجا الخطاط، رئيس جهة الداخلة واد الذهب، شددت على أن "هذه الدورة التي ستتناول موضوع "تحسين الحكامة من أجل تنمية مستدامة"، تعد استكملا للحوار الهادف الذي انطلق السنة الماضية"، مضيفة أنه "حوار كلنا أمل في تعميقه من خلال المشاورات والنقاشات وتبادل المعرف والإرادات البناءة". وقال العاهل المغربي إن حضور أكثر من 500 شخصية دولية بمدينة الداخلة، من مسؤولين حكوميين وممثلين عن منظمات دولية، ينتمون إلى ما يناهز 100 دولة، "ما هو إلا دليل على تشبث الجميع بهذا اللقاء الهام، الذي يندرج في نطاق التعبئة في سبيل خدمة إفريقيا". وفي إشارات موجهة إلى القارة الإفريقية التي تعاني عدد من دولها من جراح التقسيم والحروب الأهلية، قال الملك محمد السادس إن "إفريقيا عانت لعشرات السنين من جراح تقسيم للعالم فرضه الاستعمار، ومن الآثار الجانبية لنزاعات إيديولوجية لا شأن لها بها". وتابعت الرسالة الملكية: "آن الأوان كي تسترجع قارة إفريقيا حقوقها التاريخية والجغرافية"، مبرزة أنه "تاريخ غني لشعوب إفريقية، التي وحدتها قرون من المبادلات والوشائج المتنوعة، وجغرافية ملائمة لتحقيق مجتمعات إقليمية مندمجة ومتكاملة". وتابع الملك بأن "على إفريقيا من الآن فصاعدا أن تؤكد حضورها كشريك أساسي في التعاون الدولي، وليس كمجرد موضوع له، أو هدف لرهانات الأطراف الأخرى؛ كما يجب ألا ينظر لإفريقيا على أنها مصدر للهشاشة، بل باعتبارها فاعلا أساسيا في عملية التقدم". "إن التعاون جنوب جنوب لم يعد شعارا فضفاضا، ولا مجرد عنصر من عناصر السياسات التنموية"، يقول الملك محمد السادس، مضيفا أنه "بات يخضع لرؤية إستراتيجية متجانسة تروم تنمية البلدان والاستجابة لمطالب وحاجيات السكان". وعن جهود المغرب للتعاون مع الدول الإفريقية، شدد العاهل المغربي على أن المملكة جعلت من التعاون جنوب جنوب ركيزة أساسية لسياستها الخارجية، ونهجا تسير وفقه كل أنشطتها على الساحة الدولية. ومن هذا المنطلق، يضيف المصدر، "فإن المغرب يسعى جاهدا، لا على المستوى الفردي أو بتعاون مع البلدان الشقيقة والشريكة، إلى تحقيق برامج ملموسة في ميادين معينة، تهدف إلى تحقيق نتائج قابلة للقياس من حيث أثرها على النمو والعيش الكريم لساكنة بلدان الجنوب، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والدينية".