كشفت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى مخيمات تندوف والجزائر والتصريحات التي أدلى بها حول قضية الصحراء، عن خروج المسؤول الأممي عن دوره كوسيط محايد في القضية، وبصمه على سابقة في تاريخ الأممالمتحدة، حيث تبنى موقفا من النزاع في حين إن دوره يقتصر على الحكم في النزاعات وتنبيه مجلس الأمن إلى ما يهدد السلم العالمي. وفي الوقت الذي عبّر فيه المغرب عن رفضه لتصريحات بان كي مون واتهمه بالتحيز، وهو الاتهام الذي رفضه كي مون، فإن منار السليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، يرى أن بان كي مون ارتكب أربعة أخطاء "تقرب الحرب بين المغرب والجزائر". السليمي قال إن الخطأ القانوني الأول لكي مون، ويشترك فيه مع مندوب فنزويلا في مجلس الأمن، هو لجوؤه إلى "انتحال صفة أمر مجلس الأمن والتمويه بأن الزيارة كانت بطلب من المجلس، وهو معطى غير صحيح"، والخطأ القانوني الثاني يتمثل في اعتماده "مرجعية خطاب الدكتاتور موغابي والرجل المريض في الجزائر دون الاعتماد على قرارات مجلس الأمن في توصيف النزاع"، وتوقع السليمي، بهذا الخصوص، أن يدخل بان كي مون في مواجهة مع أعضاء مجلس الأمن الخمسة دائمي العضوية. أما عن الخطأ القانوني الثالث، بحسب الخبير المغربي، فيتمثل في خروج الأمين العام للأمم المتحدة عن صفة المسؤول الإداري الأول للمنظمة، "وتحوله إلى زعيم عسكري يدخل المنطقة العازلة في بئر لحلو مرفوقا ببعض قيادات البوليساريو، وهي حالة من المتوقع أن تُهدد الأمن والسلم الإقليمي في حالة دخول البوليساريو بعد خطأ دخول بان كيمون إلى المنطقة العازلة"، وفق تقدير السليمي. ويتجلى الخطأ القانوني الرابع في خرق بان كيمون لعشر قرارات لمجلس الأمن تتعلق كلها بملف الصحراء، هذه القرارات "تشير إلى مقترح الحكم الذاتي والجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية وإلى التقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان بالمغرب، مقابل دعوتها البوليساريو والجزائر إلى إحصاء ساكنة المخيمات، وهي المعطيات التي غابت عن تصريحات بان كي مون في تندوف والجزائر". التحول غير المتوقع في خطاب الأمين العام للأمم المتحدة وفي سلوكه تجاه قضية الصحراء، بالإضافة إلى مكوثه في الجزائر يومين، مع استحضار أن الزيارة تأتي في الأشهر الأخيرة لولايته، معطيات دفعت السليمي إلى وضع فرضيتين تقومان على أساس وجود صفقتين، الأولى بين بان كي مون والجزائر، قد تكون شخصية لبان كي مون مقابل ضغطه لتغيير طبيعة النزاع، مرجحا أن تكون لفائدة كوريا الجنوبية التي قدمت صفقات عدة لعدد من الدول من أجل وصول بان كي مون إلى رئاسة الأممالمتحدة. و"سيستعمل سكان المخيمات، في صفقة ثانية، عن طريق المؤتمر الذي دعا إليه بان كي مون لجمع التبرعات والمساعدات، ويكون أطراف هذه الصفقة ثلاثة؛ هم بان كي مون المتقاعد والجزائر وقيادة البوليساريو"، ينهي السليمي تحليله لخلفيات الموقف الأخير المثير لبان كي مون بخصوص النزاع في الصحراء.