الانزلاقات اللفظية الأخيرة لبان كي مون حول الصحراء المغربية، لم تكن عفوية او فلتة لسان ولا صدرت عن الامين العام للامم المتحدة في لحظة سهو دون ان تسندها أي خلفيات، بل هي تعبير واضح وفاضح على تحيّز غير مسبوق في تاريخ الاممالمتحدة لاطروحة الجزائر والبوليساريو.. إن تبرير هذه الانزلاقات بكون الامين العام للامم المتحدة ليس ملما بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية هو دليل على أن بان كي مون يوحى إليه من وراء حجاب، من طرف مستشاريه وخاصة مبعوثه الخاص كريستوفر روس الذي يعرف الخاص والعام ميله إلى الاطروحة الجزائرية منذ كان ممثلا للديبلوماسية الامريكية بالعاصمة الجزائر، حيث رضع من "بزولة" الغاز والنفط وما يزال..
تصريحات بان كي مون التي وصفت المغرب ك"محتل" لصحرائه، تبعتها زيارة لمنطقة بئر لحلو المغربية، التي تقع في المنطقة العازلة التي انسحبت منها القوات المسلحة الملكية المغربية بداية تسعينيات القرن المنصرم عقب اتفاق وقف إطلاق النار وذلك احتراما ودعما لمهمة "المينورسو"، التي كلفت بالسهر على الحفاظ على الأمن إلى جانب تنظيم الاستفتاء في الصحراء..
ولان مقترح الاستفتاء قد اسدل عليه الستار ولم يعد يذكر، إلا من طرف من يريد الرجوع بالمنطقة إلى الوراء ويعيد اجواء الحرب الباردة التي مضت إلى غير رجعة، فإن الجزائر تريد تحوير مهام المينورسو وجعلها طرفا في النزاع، وهو ما اتضح خلال زيارة بان كي مون لمنطقة بير لحلو حيث اقتيد إليها من طرف الانفصاليين ووجد في استقباله ممثلين عن البوليساريو الذين قدموا له المنطقة كانها أراض "محررة"..
وقد انطلت الحيلة على بان كي مون حيث انحنى امام ما يسمى ب"علم" جمهورية الوهم ليكرس بذلك وضع هذه الاراضي كما لو كانت اراض محررة والحال ان المغرب جعلها منطقة عازلة في إطار اتفاقية وقف اطلاق النار لانجاح مهمة المينورسو..
هذا التواطؤ بين بان كي مون والجزائر(وليس البوليساريو لان الجزائر هي الطرف الاساسي في هذا النزاع المفتعل)، مهّد لاجراء مناورات بين البوليساريو والقوات الجزائرية بهذه المنطقة العازلة تحت أعين القبعات الزرق التابعة للمينورسو، وهو ما يطرح عدة اسئلة حول طبيعة المهمة التي اسندت إلى هذه الهيئة الاممية..
ان السكوت عن هذه المناورات بين الجزائر والبوليساريو داخل هذه المنطقة العازلة يعد خرقا لاحدى مهام المينورسو الأساسية التي تتمثل في السهر على تأمين وقف اطلاق النار بين الطرفين..
كما ان القيام بهذه المناورات في هذا الوقت بالذات، يثير شكوكا كبيرا حول اهداف الزيارة الاخيرة للامين العام للامم المتحدة لمخيمات تندوف وللمنطقة العازلة ببئر لحلو بالذات، ويكشف عن ان الهدف الاساسي هو فرض واقع تريده الجزائر والبوليساريو من خلال الضغط على الاممالمتحدة والتلميح بالعودة إلى الحرب وإثارة القلاقل بالمنطقة ..
كما ان القيام بهذه المناورات مباشرة بعد زيارة بان كي مون لبئر لحلو، وفي ظل سكوت المينورسو على هذه التحركات، يكشف ان الامر كان مخططا له من قبل الجزائر والبوليساريو بتواطؤ تام مع كريستوفر روس، المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة إلى الصحراء، وذلك للضغط على المغرب وعلى مجلس الامن قبيْل مناقشة التقرير الاممي حول الصحراء، والذي سيقدمه الامين العام للامم المتحدة أمام مجلس الامن في ابريل المقبل..
هذه إذن هي خلفايت زيارة بان كي مون إلى المنطقة ومبررات تصريحاته غير المحايدة وحركاته المعبرة عن ما يدور بدواخله من ميل إلى الاطروحة الانفصالية، تحت ضغط اللوبي الجزائري المدعوم بأموال وريع النفط الجزائري الذي بدأت بوادر نضوبه تلوح في الافق لكي تبقى سوءَة النظام الجزائر عارية ومعها كل سَوءات من يسير وراءه ويتبنى اطروحته الخبيثة، التي فوتت على المنطقة المغاربية فرص الانطلاقة الاقتصادية والتنموية وجعلتها عرضة للمخططات الهدامة للجماعات الارهابية التي تأويها الجزائر وتدعمها بالسلاح وكل انواع الدعم المالي والبشري واللوجيستيكي.. فهل يصح القول بأن الأمين العام للأمم المتحدة متورط في منح الجزائر المنطقة العازلة لتحتلها عسكريا؟ إذا صح ذلك فما على المغرب سوى المطالبة بمحاكمة بان كيمون طبقا للقانون الدولي.