قام الأمين العام للأمم المتحدة بجولة في المنطقة بهدف بعث حياة جديدة في العملية السياسية المتعثرة، أملاً في التوصل إلى حل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. الجولة التي لم تشمل المملكة المغربية تأتي بعد تسع سنوات من تولي بان كي مون المسؤولية على رأس هيئة الأممالمتحدة، وتأتي كذلك بعد تسع سنوات من دعوة مجلس الأمن للأطراف المعنية إلى العمل على التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه للنزاع حول الصحراء المغربية. بعد تسع سنوات إذن من تبني مجلس الأمن للقرار رقم 1754 في أبريل 2007 لازال النزاع قائما، ولم يتم إحراز أي تقدم يذكر منذ قدوم بان كي مون إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة. ويتساءل المراقبون عن مدى تأثير هذه الجولة التي تأتي في العام الأخير من ولاية بان كي مون على العملية السياسية. هل يُنتظر منه أن يحقق في الأشهر القليلة القادمة ما فشل في تحقيقه طيلة تسع سنوات؟ ما الذي منعه من مساعدة الأطراف المعنية للتوصل إلى حل سياسي؟ وما هو المسار الذي سيسلكه خَلَفه المُنتظر على رأس الأممالمتحدة لتفادي إعادة السيناريو نفسه؟ الفرصة التي ضيعها بان كي مون لا ينتظر معظم المراقبين أن تحمل هذه الجولة جديداً في العملية السياسية. وكثيرون يعتقدون أن الأمر لا يعْدو أن يكون جولة روتينية أُجبر بان كي مون على القيام بها، ليعطي الانطباع بأنه قام بما في وسعه لإنهاء مشكل الصحراء المغربية. كما أن التصريحات التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة خلال زياراته إلى كل من موريتانيا ومخيمات تندوف والجزائر تحمل الخطابات المكررة نفسها التي صرح بها على مدار السنوات التسع الماضية. إن تحليل مشكل الصحراء منذ تولي بان كي مون مهام الأمين العام للأمم المتحدة يظهر أن المسؤول الأول في الأممالمتحدة افتقد للشجاعة والبصيرة والعزيمة الكفيلة بمساعدة الأطراف على الوصول إلى حل سياسي، كما دعت إلى ذلك قرارات عديدة لمجلس الأمن منذ 2007. وفي الواقع، فإن الدبلوماسي الكوري الجنوبي ضيع فرصة ذهبية كانت ستجعل من اسمه ذكرى على ألسن الأجيال القادمة، كالأمين العام الأممي الذي كان له الفضل في إنهاء صراع دام أربعين سنة. فبعد سنة من دعوة مجلس الأمن الأطراف المعنية إلى طرح أفكار بناءة من شأنها تعبيد الطريق نحو حل سياسي، خرج بيتر فان والسوم، المبعوث الأممي السابق إلى الصحراء، بتصريح في أبريل من سنة 2008، قال فيه إن "قيام دولة مستقلة في الصحراء ليس مقترحا واقعياً"، وهو التصريح الذي كان بمثابة هدية في ذلك الوقت من الدبلوماسي الهولندي للأمين العام الأممي، لدفعه إلى التخلي عن تشبث الأممالمتحدة بتقرير المصير كخيار يقود بالضرورة لقيام دولة في الصحراء. وكان تصريح والسوم بمثابة كبوة لتطلعات الجزائر والبوليساريو من جهة، وكان مسايراً لمقترح الحكم الذاتي الذي رفعه المغرب لمجلس الأمن في أبريل من عام 2007 من جهة أخرى. فالمقترح المغربي يمنح واحدا من الخيارات الثلاثة التي تضمنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2625 (XXV) بتاريخ 24 أكتوبر 1970؛ وهو القرار الذي جاء فيه: "إن أشكال تطبيق الحق في تقرير المصير تتمثل في قيام دولة مستقلة وذات سيادة، أو الارتباط الحر، أو الاندماج تحت دولة مستقلة، أو التواجد تحت أي نظام سياسي يقرره الشعب بحرية". وقد رأى المراقبون في تصريحات المبعوث الشخصي الأممي السابق إلى الصحراء أنها دعوة للأمم المتحدة إلى تغيير مقاربتها حول النزاع المفتعل. وفي الواقع فقد امتلك الوسيط الأُممي الشجاعة ليعبر بشكل صريح عما كان يدور في خُلد معظم الدول. والسوم خرج بهذه الخلاصة بعد ترؤسه أربع جولات من المفاوضات المباشرة بين المغرب والبوليساريو في منهاست، بضواحي نيويورك. لكن بان كي مون لم يأخذ خلاصات والسوم على محمل الجد، ولم يأت بأفكار جديدة من شأنها مساعدة الأطراف على التوصل إلى حل سياسي، بل استسلم أمام ضغط الجزائر وصنيعتها البوليساريو وحلفائهما، ودفع بالدبلوماسي الهولندي إلى الاستقالة. ورطة بان كي مون منذ 2009 في يناير من عام 2009 عين بان كي مون الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس مبعوثا شخصيا له إلى الصحراء، وكان ذلك كفيلاً بجعله في وضعية حالت دون تقديم أي أفكار بناءة لطاولة الحوار. فعوض استثمار العمل الذي قام به سلفه والسوم، ترأس روس تسع جولات من المباحثات غير المباشرة بين الأطراف المعنية، منذ تقلده منصب المبعوث الشخصي إلى غاية سنة 2012، ولم تُثبت أي من هذه المباحثات نجاعتها في الدفع بالمسلسل السياسي، بل على النقيض من ذلك اعتاد المراقبون ووسائل الإعلام عند نهاية كل اجتماع سماع الأسطوانة نفسها التي يرددها الوسيط الأممي بعدم قبول أي من الطرفين لموقف نظيره كأساس للمفاوضات. فبالإضافة إلى تسببه في ركود المسلسل السياسي، كانت الرباط تنظر إلى المبعوث الأممي على أنه "متعاطف" مع أطروحة البوليساريو وعرابتها الجزائر؛ وقد كان هذا "الانحياز" واضحاً في التقارير السنوية التي رُفعت في الأعوام الأخيرة إلى مجلس الأمن، فعوض اقتراح أفكار جديدة، كرر روس في تقاريره مزاعم الجزائر والبوليساريو حول الانتهاكات الممنهجة المزعومة لحقوق الإنسان بالصحراء. وحول هذا التحريف المسلسل السياسي عن مساره الرئيسي، ما أدى إلى غضب الرباط وجعل المغرب يسحب ثقته من المبعوث الأممي سنة 2012. ورغم تجديد المغرب ثقته في الدبلوماسي الأمريكي سنة بعد ذلك، فقد كانت الرباط مقتنعة بأن روس بات عاجزاً أو غير راغب في القيام بدوره كوسيط محايد مهمته طرح أفكار جديدة من شأنها تمهيد الطريق لمساعدة الأطراف المتنازعة على التوصل إلى حل سياسي. وبعد سبع سنوات على رأس المسلسل السياسي الأممي، ظل روس عاجزاً عن تحقيق أي تقدم في مهمته. ولعل فشله في النهاية يعكس فشل بان كي مون. وإذا ما قمنا بمقارنة بسيطة بين ما أنجز في ولاية بان كي مون والجهود التي بذلها أسلافه، فإننا سنخرج بصورة واضحة عن سبب فشل الأمين العام للأمم المتحدة في جهود وساطته وغياب الحل ما في ظل المقاربة المعتمدة نفسها. في سنة 1997، عين كوفي عنان جيمس بيكر، كاتب الدولة الأمريكي السابق، مبعوثا شخصيا إلى الصحراء، وكلفه بمهمة مساعدة الأطراف على التوصل إلى حل بعيداً عن مقاربة "الرابح يأخذ كل شيء". وبعد أربع سنوات من الجهود المكثفة لإنجاح مبدأ الاستفتاء، خرج بيكر بخلاصة مفادها أن ذلك الحل غير عملي بالنظر إلى تناقض مواقف الأطراف المعنية حول منه له الحق في التصويت. وبحلول سنة 2001 قدم بيكر "الاتفاق الإطار" (مخطط بيكرI)، ونص المقترح على أن تتمتع الصحراء بخمس سنوات من الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يليها استفتاء تشارك فيه كل ساكنة الصحراء. المقترح خيرَ المصوتين بين ضمهم إلى المغرب أو الانفصال، بالإضافة إلى الحكم الذاتي كخيار ثالث. وبينما قوبلَ المقترح بالموافقة من قبل المغرب، رفضته الجزائر والبوليساريو. وبعد سنتين من ذلك، خرج بيكر بنسخة معدلة من مخططه أطلق عليه (مخطط بيكرII)، والذي رفضه المغرب معتبراً بأنه نسخة من مخطط التسوية الأممي لسنة 1991، والذي اقترح قراراً بالاستفتاء مع إمكانية الانفصال. ولقناعته بأن مجهوداته وصلت إلى نفق مسدود، قدم بيكر استقالته لكوفي عنان في يونيو من عام 2004. وبعد أن عُهدت مجهودات الوساطة لألفارو دي سوتو، والذي كان آنذاك الممثل الخاص للأمين العام المكلف بالمينورسو، عين كوفي عنان بيتر فان والسوم مبعوثاً جديدا في يونيو من عام 2005. وسيراً على نهج جيمس بيكر، عمل والسوم على توجيه الأطراف المعنية إلى حل متوافق عليه. وكان التصريح الذي جاء على لسان والسوم في أبريل من سنة 2008 خلاصة رصينة وواقعية كان من شأنها أن تمهد الطريق لكسر حالة الجمود لو كانت للأمين العام للأمم المتحدة الشجاعة لنهج إستراتيجيته. فبينما بذل مبعوثا كوفي عنان إلى الصحراء، جيمس بيكر وبيتر فان والسوم، جهودا للخروج بمقاربات بناءة وواقعية، فشل المبعوث الأممي الوحيد الذي عينه بان كي مون في طرح أفكار جديدة على طاولة المفاوضات. وعوض استبداله بوسيط مِقدام وجريء، قرر بان كي مون الإبقاء على روس. الطريق إلى الأمام بعد نهاية ولاية بان كي مون مع اقتراب مهمة بان كي مون على رأس الأممالمتحدة من نهايتها، تبدو آفاق التوصل إلى حل سياسي تحت إشرافه بعيدة المنال، فالأمل في إنهاء النزاع المفتعل مرهون بمدى الشجاعة والرؤية التي سيأتي بها من سيخلفه في يناير 2017. ولكي ينجح الأمين العام الجديد في مهمته، وجبَ عليه أن يُعدل سياسة الأممالمتحدة ومقاربتها للنزاع، كما سيكون عليه أن يحدد ما تصبو إليه من وساطتها، وأن يضع إطاراً زمنيا لتحقيق الأهداف المسطرة. الإبقاء على المقاربات المتصلبة نفسها، التي أثبتت فشلها، لن يضيف أي جديد، وقد نجد أنفسنا نتطرق إلى الموضوع نفسه في السنوات الخمس أو العشر المقبلة. أول العناصر التي يجب أخذها بعين الاعتبار هو أن مخطط التسوية الأممي لسنة 1991 الذي بنت عليه الأممالمتحدة مقاربتها طيلة خمس وعشرين سنة الماضية يشوبه خلل إجرائي. فمخطط التسوية الذي صادق عليه مجلس الأمن، وعلى عكس الاعتقاد السائد، لم يلقَ قبول المغرب والبوليساريو، ولم يأخذ تحفظات الطرفين بعين الاعتبار. في كتابه "الصحراء الغربية، تشريح طريق مسدود"، يكشف إيريك جينسين، ممثل الأمين العام المكلف بالمينورسو من سنة 1994 إلى 1998، أن المغرب والبوليساريو لم يقبلا أبداً مخطط التسوية بشكل كامل، فرغم أنهما وافقا مبدئياً على الاستمرار فيه، إلا أنهما أبديا تحفظات لم تُؤخذ بعين الاعتبار. وشكلت القوائم الانتخابية شرخا في المخطط من حيث تحديد من هو الصحراوي ومن كانت له الأهلية ليصوت في الاستفتاء؛ وعوض أخذ تحفظات الطرفين في الحسبان، تجاهلها مجلس الأمن وتقدم في رؤيته الأحادية وتبنيه لمخطط التسوية. ففي رسالة بعثها للأمين العام للأمم المتحدة في يوليوز من عام 1990، عبر الملك الراحل الحسن الثاني عن خيبة أمله من أن المخطط المرفوع لمجلس الأمن لم يعر تحفظات المغرب اهتماما؛ إلا أن الرسالة لم تبلغ مجلس الأمن، ولا فريق العمل المكلف بصياغة مخطط التسوية. ووفقاً لإيريك جينسين، فإن المغرب والبوليساريو "وافقا على تأويلات مختلفة ومتعارضة مع ما تم اقتراحه"، إلا أن مجلس الأمن تبنى المقترح على أساس أن الأطراف المعنية ستتعاون من أجل تطبيق المخطط. يُضاف إلى ما سبق ما جاء في مذكرات الأمين العام السابق خافيير بيريز دي سولار، والذي قال إنه "لم يكن مقتنعاً أبداً بأن الاستقلال يحمل مستقبلاً أفضل لساكنة الصحراء". فقبل تبني مخطط التسوية، كان الأمين العام الأممي السابق مقتنعاً بأن المخطط لن يستجيب لكل انشغالات الأطراف المعنية، وبضرورة الوصول إلى حل وسط. ضرورة مراجعة الأممالمتحدة لأولوياتها والخروج بحل رابح-رابح بناء على ما سبق، تبرز الحاجة الماسة إلى كف الأممالمتحدة عن التعلق بمفهوم تقرير المصير كمسار يقود بالضرورة إلى استقلال الصحراء؛ فلا يمكن للهيئة الأممية أن تستمر في تجاهل الدراسات الأكاديمية المتعددة المنشورة في السنوات الأخيرة، والتي أشار معظمها إلى ضرورة مقاربة مبدأ تقرير المصير من منظار داخلي، وبخاصة في الحالات التي لا تنتمي إلى عصر وإلى سياق إنهاء الاستعمار في ستينيات القرن الماضي. إن الوضعية الجيوسياسية للعالم في سنة 2016 مختلفة عن تلك التي كانت سائدة في ستينيات القرن الماضي، حينما تم الترويج لمفهوم تقرير المصير؛ ومن هذا المنطلق، وجب على الأممالمتحدة أن تأخذ حقوق المغرب التاريخية تجاه الصحراء بعين الاعتبار، وكذا مجهوداته في تشييد مدن مكتملة البنيات التحتية في صحراء كانت قاحلة من قبل. كما أن الأممالمتحدة مدعوة إلى أخذ العبر من أمثلة أخرى، حيث مُنح الاستقلال لدول جديدة فشلت في توفير الأمن والعيش الكريم والرفاهية لمواطنيها. ومن ذلك حالة جنوب السودان، الذي نال استقلاله سنة 2011، وهي الحالة التي تسترعي تأمل قادة الأممالمتحدة الجدد كلما فكروا في إيجاد حل لنزاع الصحراء أو نزاعات أخرى. فاستقلال الدولة الفاشلة بجنوب السودان لم يأت بسلام أو رفاهية، بل كل ما جلبه هو الحرب والتطهير العرقي والمجاعة والأمراض وغياب آفاق مستقبل مشرق. أشارت دراسة قامت بها منظمة أوكسفام الدولية إلى أنه في ظرف أقل من سنتين بعد الاستقلال تسببت الحرب الأهلية المندلعة في نزوح داخلي لمليون ونصف شخص، ودفعت بسبعمائة ألف شخص إلى الهروب إلى دول الجوار؛ كما أن أكثر من مليونين و400 ألف شخص يواجهون خطر المجاعة في جنوب السودان. إن من واجب الأممالمتحدة الحرص على أن تكون لهذه المناطق القدرة على إرساء دول قوية وناجحة، عوض السعي إلى استقلال أقليات عرقية أو مناطق معينة، كنتيجة لتطبيق محدود لمفهوم تقرير المصير. وبما أن العالم اليوم دخل عهدا جديداً، يطبعه التهديد الإرهابي المتنامي والجريمة المنظمة، فالأممالمتحدة مدعوة إلى إعادة ترتيب أولوياتها. فهل تسعى إلى تعزيز السلام العالمي والأمن وتفادى تدهور الوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ أم أنها تسعى إلى الإسهام في التأسيس لدول فاشلة جديدة؟ ما دام مفهوم تقرير المصير المرادف بالأساس للانفصال هو المعمول به، وبالتالي خلق مزيد من عدم الاستقرار والاضطراب. إذا كان الهدف هو الحرص على السلام والأمن العالميين فالطريق واضح؛ ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عبر المجهودات التي تهدف إلى تقوية الدول المؤسسة التي تساهم في السلام والأمن العالميين، والابتعاد عن أي محاولة للترويج لإنشاء دول قزمة فاشلة. وتجدر الإشارة هنا أنه زيادة على المجهودات الكبيرة التي بذلتها المملكة المغربية عبر العقود الماضية لتوفير أهم وسائل العيش الكريم لساكنة الأقاليم الصحراوية، فقد برهنت في السنوات الأخيرة على محورية دورها في تعزيز الاستقرار بكامل منطقة شمال إفريقيا، وفي محاربة تأثيرات الإرهاب المزعزعة للاستقرار؛ وعليه، فإن التركيز على انفصال الصحراء قد يقوضُ الدور الذي يلعبه المغرب في الحفاظ على استقرار المنطقة. وبالنظر إلى الوضعية الأمنية المتدهورة في ليبيا، حيث نجحت ما تعرف بالدولة الإسلامية في إيجاد موطئ قدم لها في رقعة كبيرة من البلاد، فلا يمكن أن يسمح العالم بقيام دولة فاشلة جديدة في المنطقة. إن تأسيس دولة جديدة في المنطقة، كما دعا لها المحسوبون على هيئات حقوق الإنسان، والذين لا يفقهون شيئا في التعقيد الجيوسياسي أو تاريخ النزاع، سيشكل كارثة على المجتمع الدولي، وسيكون هدية للمجموعات الإرهابية والإجرامية، لاستغلال رقعة جديدة كبيرة وغير مستقرة، وجعلها بالتالي قاعدة تدريبية. ومن شأن هذا السيناريو أن تكون له تبعات كارثية في زعزعة استقرار منطقة شمال إفريقيا، ستمتد إلى أوروبا. تستدعي محاربة وباء الإرهاب وجود دول قوية الأسس، أبانت في سِجلها عن فعالية في إفشال مساعي المجموعات الإرهابية إلى توسيع مجال تواجدها. وقد أبانت المملكة المغربية في السنوات الأخيرة عن أنها جديرة باعتماد المجتمع الدولي على خبرة أجهزتها الأمنية، وبعد نظر إستراتيجيتها الشمولية لمحاربة الإرهاب. وعلى الأمين العام المستقبلي للأمم المتحدة أن يُظهر توجه الأممالمتحدة نحو مقاربة واقعية جديدة، من شأنها أن تدفع بعثتها إلى المساعدة على التوصل إلى حل سياسي للنزاع حول الصحراء، الذي يضع المغرب في مواجهة الجزائر والبوليساريو. كما يجب على هذه المقاربة أن تتوخى حلا يستبعد مقاربة "الرابح يأخذ كل شيء"، وإيلاء الاهتمام الكامل لمقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي يتماشى مع القانون الدولي، ومع مفهوم تقرير المصير. ويجب أن تستحضر أي مبادرة وأي مجهود للأمم المتحدة أن الجزائر طرف معني بالنزاع المفتعل حول الصحراء، إذ يُجمع المراقبون والدبلوماسيون على أن أي قرار تتخذه البوليساريو هو في حقيقة الأمر مطبوخٌ سلفاً في دهاليز القرار بالعاصمة الجزائر، وهي الحقيقة التي يجب أن تكون في صلب مقاربة الأممالمتحدة. *مستشار دبلوماسي ورئيس تحرير Morocco World News