قال الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي الضريس، إن التئام مجلس وزراء الداخلية العرب في دورته ال33 المنعقدة بتونس، "لا يشكل هدفا في حد ذاته، بل هو فرصة للتداول واتخاذ قرارات في مستوى التحديات الأمنية المطروحة على الشعوب العربية، في إطار شراكة مجتمعية ناجعة وفعالة، قوامها التكامل بين الدولة والمواطن، والاندماج الإيجابي بين متطلبات الأمن ومستلزمات التنمية وصيانة حقوق الإنسان"، وفق مضمون كلمته بالموعد. الضريس، المتواجد بتونس على رأس وفد يضم سيدي إدريس الجوهري، الوالي المدير العام للشؤون الداخلية، وحميد شبار، الوالي مدير التعاون الدولي، ومحمد فرج الدكالي، سفير المملكة المغربية بتونس، أضاف أن "المملكة المغربية، وعيا منها بجدية الخطر الإرهابي، بادرت، منذ الأحداث الإرهابية التي عاشها المغرب في 16 ماي 2003، إلى وضع إستراتيجية شمولية ومندمجة تقوم على مبادئ واضحة وتتميز بقدرتها على التكيف مع نوعية وتطور التهديدات الإرهابية". واستعرض المسؤول الحكومي، أمام المجلس، المحاور الأساسية للمقاربة التي تبنتها الحكومة المغربية، والمتمثلة في بعدها التشريعي، من خلال تحيين الترسانة القانونية لجعلها في مستوى مواكبة التحديات الناتجة عن التهديدات الإرهابية والجرائم المستجدة، عن طريق إدخال تعديلات على القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، همت تجريم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والإشادة به، والدعاية لقادة التنظيمات الإرهابية، وتجريم الالتحاق أو محاولة الالتحاق بالجماعات الإرهابية. "أما على المستوى الديني، فإن التجربة المغربية اعتمدت في مقاربتها على سياسة متكاملة، تجسدت في إصلاح الحقل الديني وجعل شأنه اختصاصا حصريا لأمير المؤمنين، الملك محمد السادس، بشكل يسمح لبلادنا بوضع العقيدة بمنأى عن كل مزايدة سياسية. كما تم إيلاء العنصر البشري العناية اللازمة من خلال تكوين مؤطرين دينيين من علماء وأئمة واعين بمقاصد الدين ومصالح الأمة، بعيدا عن الاستغلال الإيديولوجي الضيق للدين الإسلامي الحنيف"، يردف الشرقي الضريس. واعتبر المتحدث أن "ما حظيت به التجربة الدينية المغربية من إشعاع دولي جعلها محط اهتمام العديد من الدول الصديقة، التي طلبت الاستفادة منها في تكوين الأطر الدينية"، مبرزا أن "المغرب بادر، سنة 2014، إلى إنشاء معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، ببعد دولي، يروم إقامة شراكات وربط علاقات مع المؤسسات والهيئات الأجنبية ذات الاهتمام المشترك". كما تطرق الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وقال إن "إعطاء انطلاقتها من طرف الملك محمد السادس سنة 2005، كان بمثابة قرار تاريخي يسعى إلى تجديد نمط إدارة الشأن العمومي، واضعا المواطن في صلب الأولويات، من خلال الاهتمام بمحاربة الهشاشة والتهميش والإقصاء الاجتماعي، بغية تحصينه من الأطروحات الهدامة للتيارات المتطرفة". بخصوص المستوى الأمني، أشار الضريس، في معرض مداخلته المعززة بالأرقام، إلى أن "السلطات الحكومية المغربية وضعت إستراتيجية أمنية، حرصت من خلالها على تعزيز الأجهزة الأمنية الفاعلة في مجال الجريمة الإرهابية، واعتماد آليات وتقنيات حديثة لمواكبة وتتبع تحركات الخلايا الإرهابية ورصد الوسائل المستعملة لتسويق خطابها المتطرف بغية استقطاب الشباب". وزاد أن "فعالية الاستراتيجيات الأمنية الرامية إلى مواجهة المخاطر الإرهابية والتيارات المتطرفة تظل رهينة بوجود دولة قوية بمؤسساتها الديمقراطية، وبأجهزتها الأمنية الفاعلة، وبمخططاتها التنموية، وبمكوناتها المجتمعية المنخرطة بكل دينامية في مسلسل البناء"، مبرزا، في هذا الصدد، أنه "إذا توفر كل ذلك، فإن دعاة التطرف لن يجدوا سبيلا لنشر أفكارهم الهدامة وأطروحاتهم العدمية". "المغرب منخرط في القيم الإنسانية العالمية للحرية والسلم، ومتشبث بانخراطه التام في المنظومة العربية، وحريص على أداء دوره في دعمها وتفعيل آلياتها، على غرار حرصه على تطبيق التزاماته الأمنية أمام باقي الهيئات المشكلة للمنتظم الدولي"، يقول الوزير المنتدب قبل أن يؤكد "انفتاح المغرب، بحكم ما راكمه من تجارب متميزة في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والعابرة للحدود، على كل المبادرات البناءة الرامية إلى تطوير واستقرار المنطقة العربية، في احترام تام لخصوصيات دولها وسيادتها ووحدتها الترابية، واستعداده لتبادل خبراته المكتسبة مع كل المنظمات الدولية والدول الصديقة".