ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعاقة .. تعاريف ومصطلحات
نشر في هسبريس يوم 29 - 02 - 2016

في كل مرة نتعاطى فيما معها إشكالية الإعاقة إلا و كل واحد منا يستعمل مصطلحات مختلفة و كثيرة، ليست بالضرورة صحيحة و دقيقة.
ففي مجال الإعاقة تطورت المصطلحات المستخدمة في السياق العالمي ومرّت بمراحل وتغييرات عدة. وعلى الصعيد الوطني مرت المصطلحات التي تتعلق بالإعاقة بمراحل مختلفة، موازية ومتأثرة أيضا بالتغييرات العالمية على صعيد الحراك العالمي لحقوق الأشخاص ذو الإعاقة .
و هكذا و على ضوء التغيير العالمي للمصطلحات، يستعمل العديد من المغاربة مصطلح أشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الذي اتبع في الغرب (People With Special Needs). وبعد فترة وجيزة بدأت تعلو أصوات ناقدة لهذا المصطلح الذي يركز فقط على الحاجات ويتمحور حولها لهذا فهو لا يتماشى مع المقاربة الحقوقية بل يتماشى مع المقاربة الطبية التي ترى أن المشكلة تكمن في الشخص وعلى المؤسسة الطبية أن تسعى إلى أن تصحيح هذه المشكلة بطرق مختلفة..
وهكذا تم تبني تعبير جديد يتماشى مع الرؤية والفكر الحديث للإعاقة التي تضع المسئولية في يد المجتمع وتناقض المقاربة الطبية التي ترى أن المشكلة تكمن في الإعاقة. لهذا تم تبني تعبير، شخص أو إنسان مع إعاقة (Person With Disability) وهنا يتم التركيز على الشخص كونه إنسان أولا وبالمقابل يعطى حيزا للإعاقة ووجودها. فالفكر الحديث في موضوع الإعاقة لا يؤمن بالتستر على الإعاقة أو العمل على مواراتها بل يرى أن جزءا كبيرا من التعامل مع الإعاقة وتقبلها هو الاعتراف بوجودها وبقدرتها على بناء التحديات فعندها يستطيع الفرد والمجتمع أن يتعامل ويتخطى هذه التحديات ويبدأ ببناء طرق بديلة من شأنها أن تسهل وتتلاءَم مع التحديات والاحتياجات المختلفة للأشخاص. بعد هذا التطور وفي سنة 2006 تم تبني هذا التعبير من قبل الأمم المتحدة عند كتابتها للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص مع إعاقة.
ومع كل هذا التغيير والتطورات على الصعيدين العالمي والوطني فاننا مازلنا نرى أن الكثير ممن يتعاملون مع الإعاقة ما زالوا حتى يومنا هذا يستعملون التعابير الاستعلائية، المهينة، السلبية وغير المنصفة بحق الأشخاص في وضعية إعاقة. فهذه التعابير وإن دلت على شيء فإنها تدل على الآراء المسبقة والمشوهة التي يتحلى بها مجتمعنا اتجاه هذه الفئة، أن المسئولية هي مسئولية عامة وشاملة لكافة أطياف مجتمعنا المغربي للعمل على إحداث تغيير جذري في التوجه للأشخاص في وضعية إعاقة وعلى كافة الأصعدة الاجتماعية، الفكرية وحتى التعابير اليومية.
و لفهم كل هذا، فإنه يجدر بنا محاولة الإجابة على التساؤلات التالية و التي نراها ضرورية .
فما هي الإعاقة؟ ومن هم الأشخاص من ذوي الإعاقة؟ وما هي حقوقهم المشروعة كبشر، وعلى رأسها حقهم في التعبير عن أنفسهم، عن حاجاتهم، ورغباتهم، وتطلعاتهم وفق المواثيق الدولية وفي مقدمتها شرعية حقوق الإنسان، و الاتفاقية الدولية التي وقع عليها المغرب في 30 مارس 2007 و صادق عليها و على بروتوكولها الاختياري في 8 أبريل 2009، و دستور 2011.
لنتفق أولا على أن الإعاقة قضية عادلة، و إن الحقائق والأفكار أقوى من الكلمات المعبرة عنها، لكن هذه الحقائق والأفكار لا يمكن أن تصبح قوية حتى تُعرف، وفي معظم الأحيان يتطلب ذلك صياغتها بشكل ملائم ، بوسائل محددة جداً للجماهير المتلقية لها، فمن دون (لغة ملائمة) تصبح الحقائق والأفكار وحتى القضية بحد ذاتها بلا جدوى، غير قادرة على توليد الفكر، وإيصال المعاني.
يؤثر الإعلام تأثيراً بالغاً في فهم الحقائق وتفسيرها، ولا يخفى على أحد أنه يترتب على أصحاب القضية أنفسهم إتقان اللغة الإعلامية والإنطلاق متسلحين بها، لشرح قضيتهم، وإيصال أفكارهم كما يرونها، فحركة الإعلام تجاه التحركات المطلبية للأشخاص من ذوي الإعاقة لا تكفي، بل قد تشوه القضية، وتحصرها في النموذجين الطبي والخيري.
و مساهمة منا في تنوير الرأي العام و خاصة ، و المهنيين بمجال الإعاقة فإننا سنحاول خلال هذه الورقة التعريف بالإعاقة، و حصر أنواعها، مع إعطاء تعاريف و أمثلة، ثم نحاول من خلال مقارنة لبعض المصطلحات الرائجة و التي ينبغي القطع معها،و نبين لماذا.
ثم نقترح مصطلحات تتماشى مع الوضع الدولي و تواكب المقاربة الحقوقية التي يؤكد عليها دستور 2011 و الإتفاقية الدولية، و نختم الورقة باهم ما جاءت به هذه الاتفاقية و التي أصبحت بموجب القانون ملزما لبلادنا.
الإعاقة والقضية
للإعاقة بشكل عام تعريف وصفي يفيد بأنها عبارة عن (فقدان أو تقصير وظيفي، بدني أو حسي أو ذهني، كلي أو جزئي، دائم أو مؤقت، ناتج عن اعتلال بالولادة أو عن حادث ما، أو مكتسب عن حالة مرضية دامت أكثر مما ينبغي لها أن تدوم، ويؤدي إلى تدني أو انعدام قدرة الشخص على ممارسة نشاط حياتي هام واحد أو أكثر، أو على تأمين مستلزمات حياته الشخصية بمفرده، أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية على قدم المساواة مع الآخرين، أو ضمان حياة شخصية أو اجتماعية طبيعية بحسب معايير مجتمعه السائدة .
في أنواع الإعاقة
الإعاقات أربع: حركية، حسية، ذهنية، عقلية، ويوجد تقسيم آخر يضم الذهنية والعقلية معاً.
الإعاقة الحركية:
هي فقدان، جزئي أو كلي، لقدرة الشخص على القيام بالمهارات الحركية (كالمشي، الوقوف، حمل الأشياء، صعود ونزول الدرج، استخدام الأصابع للكتابة…)، وتنتج عن تقصير أو خلل وظيفي بدني معين كالشلل السفلي أو الرباعي، بتر الأطراف، شلل الأطفال، الحروق، الضمور العضلي، الروماتيزم، خلع الورك… وقد يضطر الشخص الذي لديه حاجة إضافية حركية إلى استخدام معينات طبية الكرسي المتحرك، العكاز، طرف اصطناعي أو وسائل مساعدة كالأدوات المساعدة للكتابة أو الطباعة.
الإعاقة الحسية:
وتشمل الإعاقة السمعية و البصرية والنطقية.
الإعاقة السمعية: هي فقدان القدرة على السمع (بشكل جزئي أو كلي) مع أو بدون مشاكل في النطق، بسبب خلل في الجهاز السمعي، بحيث لا يتمكن الفرد من فهم الكلام أو الأصوات إلا عن طريق استعمال أجهزة سمعية معينة أو عن طريق قراءة الشفاه أو لغة الإشارة.
الإعاقة البصرية: هي فقدان البصر (بشكل جزئي أو كلي) أو ضعف بصر شديد، وقد يضطر الشخص إلى استعمال معينات مثل العصا البيضاء أو نظارات خاصة أو أجهزة مساعدة مثل برامج الكمبيوتر الناطقة، أو الأحرف النافرة (برايل).
الإعاقة النطقية: هي فقدان القدرة على النطق بشكل جزئي أو كلي، أو وجود مشاكل في النطق، قد تضطر الشخص إلى استعمال لغة الإشارة للتواصل.
الإعاقة الذهنية: هي الإعاقة الناتجة عن خلل في الوظائف العليا للدماغ كالتركيز والعدّ والذاكرة والاتصال مع الآخرين، ينتج عنها صعوبة تعلم أو خلل في التصرفات والسلوك العام للشخص.
الإعاقة العقلية: هي الإعاقة الناتجة عن انخفاض في درجة الذكاء عند الشخص أو عن أمراض نفسية، تكون عادة مصحوبة بصعوبة في التوافق النفسي والاجتماعي والسلوكي، تعود إلى أسباب وراثية أو بيئية مكتسبة أو الاثنين معا.. وهي على مستويات مختلفة فمنها البسيطة، و المتوسطة، والشديدة.
في المصطلحات
تعكس اللغة التي نستخدمها مدى احترامنا وتقبلنا للآخر، فاستخدام لغة مناسبة عند التحدث والتخاطب مع وعن الأشخاص من ذوي الإعاقة، يعتبر خطوة أساسية نحو بناء مجتمع دامج متنوع يتقبل أفراده كافة .
وفي سبيل تحقيق ذلك، يجب الإشارة دائماً إلى كلمة (شخص) عند التحدث عن الأشخاص من ذوي الإعاقة انطلاقاً من اعتبار أن الأشخاص المعاقين هم أشخاص بالدرجة الأولى ومن ثم تأتي الحاجة الإضافية أو الإعاقة، وقد عمل العاملون في مجال الإعاقة بقوة على تطوير المصطلحات بما يلاءم الأشخاص المعوقين ويحفظ كرامتهم، ومن ذلك التعابير التالية:
تعابير سلبية: معاق، يعاني من إعاقة، مصاب بإعاقة، مشوه، ذو عاهة، معطوب، أعمى، ضرير، كفيف شخص مكفوف ما كيشوفش، أطرش، أبكم، أخرس، يعاني من فقدان السمع، مجنون، مختل، معتوه، متخلف، متأخر عقلياً، منغولي، مقعد، أعرج، مشلول، معوج...
تعابير إيجابية: شخص معوق، شخص أصم، (لا يسمع)، شخص لديه إعاقة ذهنية أو عقلية عنده إعاقة ذهنية، داون سيندروم (لديه تثلث صبغية 21 عنده تثلث صبغي)، شخص معوق حركياً، شخص لديه حاجة إضافية حركية (لا يمشي)، يستعمل عكاز، يستعمل كرسياً متحركاً…
في النماذج
من خلال تعريف الإعاقة يتضح أنها ليست مجرد حالة طبية، لكنها حالة تنجم عن تفاعل بين عدم أداء وظيفي بدني أو ذهني أو حسّي وبين الثقافة والمؤسسات الاجتماعية والبيئة المادية وغالباً ما يكون الشخص ذا القدرات البدنية أو الذهنية المحدودة معوقاً، لا بسبب حالة يمكن تشخيصها، بل بسبب حرمانه من التعليم والخدمات العامة، ويؤدي هذا الحرمان إلى الفقر الذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الإعاقة نتيجة لتعرض الشخص المعاق إلى مزيد من سوء التغذية والأمراض وظروف غير مأمونة في الحياة والعمل.
ويُعرف مفهوم الإعاقة هذا بالنموذج الاجتماعي أو ما يمكن تسميته بالمقاربة اللاحقوقية للإعاقة، أي النظرة إلى الشخص المعوق بناء على حقوق الإنسان التي كفلتها المواثيق والشرائع، والإيمان بقدراته، ويقارن هذا النموذج بالنموذج الطبي الأقدم للإعاقة الذي يركّز على الحالة الإكلينيكية للشخص المعوق، في حين أن النموذج الاجتماعي يصور الإعاقة على أنها تفاعل بين أوجه العجز والقصور في وظائف الأفراد وبين البيئة.
ينظر المجتمع إلى الأشخاص المعاقين ويتعامل معهم من خلال ثلاثة نماذج، الأول هو النموذج الطبي، باعتبار الشخص المعوق حالة طبية ينبغي التعامل معها في المراكز الطبية، وهذه النظرة ناتجة عن تفكير خاطئ، خارج إطار الحقوق.
أما النموذج الثاني، وهو الأكثر شيوعاً، فيزيد عن النظرة الإكلينيكية بمعاني العطف والشفقة، ويسمى بالنموذج الخيري، الإحساني، الرعوي، فينظر إلى الشخص المعاق على أنه إنسان ضعيف لا يستطيع أن يصرف أموره لوحده وأنه يستحق الشفقة كثيراً، لذا يجب على أي إنسان ألا يجرح مشاعره بكلمة، مثلاً، وأن تتم رعايته في مؤسسات مغلقة، وغالباً ما تستعمل هذه المؤسسات الرعوية الأشخاص المعوقين لاستدرار عطف الجماهير ويكون لها مآرب مادية آنية، كما يحدث في المواسم الدينية والمناسبات.
أما النموذج الثالث، النموذج الاجتماعي، القائم على الحقوق باعتبار الشخص المعوق إنساناً يتمتع بكامل الحقوق التي تضمنتها شرعة حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية، وآخرها الاتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص المعوقين الصادرة عام 2006 وقع و صادق عليها بتاريخ ......
من أجل كل ما سبق، فإننا نود أن نتقاسم مع القراء الكرام بعض المصطلحات الواجب عدم استعمالها و التي لم يعد لها مكان داخل مجتمع يحترم أدمية الأشخاص في وضعية إعاقة.
قل ولا تقل في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
لا تقل: معوقون، معاقون، ذوي الاحتياجات الخاصة، عجزة، أصحاب العاهات، متحدي الإعاقة، أصحاب التحديات،
قل: الأشخاص ذوو الإعاقة
لماذا!
يجب البدء بكلمة «أشخاص» لتحقيق التحول من النموذج الفردي الذي يتعاطى مع الإعاقة بمعزل عن الشخص، إلى النموذج الشمولي الذي ينظر إلى الإعاقة بوصفها حالة من تداخل العوائق البيئية والسلوكية مع العوامل الشخصية. يجب أن يتوسط بين كلمة «شخص أو أشخاص. وكلمة «إعاقة»؛ كلمة «ذوو أو ذو»؛ تأكيدا على أن الإعاقة ليست لصيقة بالشخص. كما أن ذوي الاحتياجات الخاصة» تعبير مضلل لأنه يعبر عن كل شخص لديه احتياج خاص أيا .كان نوعه؛ وهو أمر منطبق على الناس جميعا.
لا تقل: معوقة، معاقة
قل: المرأة ذات الإعاقة
لماذا!
تحقيقاً للنموذج الشمولي والتوازن الجندر؛ فلا بد من ذكر كلمة « امرأة » ومن ثمة «ذات إعاقة» للأسباب نفسها المبينة أعلاه.
لا تقل: الصم والبكم، أطرش، أخرس،
قل: شخص أصم أو شخص ذو إعاقة سمعية
لماذا!
ليس كل أصم أبكم. وقد أصبحت كلمات «أصم، أطرش» تستخدم للدلالة على أمور سلبية بل وتستخدم للنقد أو التقريع، وذلك نتيجة لتجذر القوالب النمطية؛
لا تقل: أعمى، ضرير
قل: شخص ذو إعاقة بصرية أو شخص مكفوف
لماذا!
«الإعاقة البصرية» تشتمل على الأشخاص ضعاف البصر على اختلاف درجاته والأشخاص المكفوفين، بينما «أعمى وضرير» لا تعبر إلا عن الأشخاص المكفوفين كليا. كلمات «أعمى وضرير» تكرّس صور نمطية مرفوضة وتستخدم للدلالة على التخبط وعدم الوعي بالأمور.
لا تقل: عاجز، مشلول، كسيح مقعد، أعرج
قل: شخص ذو إعاقة جسدية، شخص ذو إعاقة حركية
لماذا!
إن الكلمات النمطية المستخدمة للتعبير عن الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية مثل: «مقعد، عاجز، أعرج…» كلها تجعل من صفة «العجز» سمة لصيقة بالشخص ومتحدة معه، هذا فضلا عن أن هذه الكلمات تستخدم أيضا للتعبير عن حالة من الضعف والجمود وعدم الفاعلية: «وجدت نفسي مشلولا، شلّ تفكيري….».
لا تقل: قزم
قل: شخص ذو إعاقة جسدية من قصار القامة.
لماذا!
قصر القامة هو شكل من أشكال الإعاقة الجسدية. كلمة «قزم» تستخدم للتقليل من شأن شيء أو شخص: «لا تحاول تقزيم الأمور… إنهم أقزام في مواجهتنا. «…»
لا تقل: متخلف عقلياً
قل: شخص ذو إعاقة ذهنية
لماذا!
ليس من حق أحد أن يحكم على أي شخص بأنه «متخلف»، فالتخلف يكمن في انعدام التهيئة البيئية وغياب الترتيبات التيسيرية وليس في الحالة الذهنية للشخص. وقد أصبحت هذه العبارة تستخدم بشكل ممنهج للدلالة على التراجع بل وللسباب في كثير من الأحيان: «دول متخلفة اقتصاديا وسياسياً… شعوب متخلفة… هذا اقتراح يدل على أن صاحبه متخلف عقلياً…».
لا تقل: منغولي
قل: شخص ذو إعاقة ذهنية من متلازمة داون
لماذا!
لقد قادت شعوب منغوليا حملة واسعةً من أجل القضاء على هذا الاستخدام التمييزي ضدهم وضد الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية من متلازمة داون. متلازمة داون نسبة إلى من اكتشف هذا النوع من الإعاقة الذهنية، ولا يجوز أن ننسب شخصاً إلى شعب أو أمة لكون ملامحه تتشابه معهم.
لا تقل: متوحد
قل: شخص ذو إعاقة ذهنية التوحد
لماذا!
التوحد هو نوع من أنواع الإعاقة الذهنية. كلمة «متوحد» تغفل الشخص وتعبّر عنه بصفة غير دقيقة.
لا تقل: مجنون، معتوه، سفيه
قل: شخص ذو إعاقة نفسية اجتماعية
لماذا!
إن الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية الاجتماعية والأطباء النفسيين يؤكدون أنه لا وجود علمي وعملي للشخص «المجنون». الإعاقة النفسية ترتب عوائق سلوكية مصدرها «الوصمة» ونظرة المجتمع للأشخاص ذوي الإعاقة النفسية، مما يقيّد انخراط هؤلاء الأشخاص واندماجهم في المجتمع، لذلك يُستخدم تعبير «النفسية الاجتماعية» للتأكيد على ما تلعبه العوائق السلوكية الاجتماعية من دور في إقصاء وتمييز في هذا الصدد. تستخدم كلمات: «مجنون ومعتوه…» للدلالة على كل ما هو غير عادي أو غير منطقي وغير متوازن أو مقبول: «تصرف جنوني، فكرة مجنونة».
لا تقل: الإعاقة قضية إنسانية بالدرجة الأولى
قل: «الإعاقة قضية حقوق إنسان»
لماذا!
الأشخاص ذوو الإعاقة يجابهون تمييزا وإقصاءً في ممارستهم للحقوق والحريات نفسها المقررة للكافة، وتناول حقوق الإنسان في سياق استثارة العواطف والشفقة؛ سوف يُضر بجوهر قضية الأشخاص ذوي الإعاقة ويجعلها مجرد مادة إعلامية تستدر العطف دون معالجة أصل الموضوع المتمثل في التمييز والإقصاء.
لا تقل: الإعاقة ابتلاء واختبار
قل: «الإعاقة تنوع واختلاف بشري طبيعي»
لماذا!
إن تكريس فكرة أن الإعاقة هي شكل من أشكال الاختبار أو الابتلاء سوف يجعل من الانتهاكات والتمييز؛ صوراً لهذا الابتلاء والاختبار الذي يجب على الشخص تحمّله والتعايش معه. فسوف يصبح ارتطام الشخص ذي الإعاقة البصرية بالجدران وتعرضه للمخاطر أثناء تنقله؛ شكلا من أشكال الابتلاء وليس تقصيرا في تهيئة البيئة والتدريب على فن الحركة والتنقل، وسوف يصبح الحكم بالإدانة علي شخص أصم نتيجة عدم التواصل الفعّال بلغة الإشارة اختبارا وابتلاءً يؤجر عليه الشخص، وهكذا في كل ما يواجهه الأشخاص ذوو الإعاقة من عوائق وحواجز تحول دون ممارستهم لحقوقهم.
لا تقل: يجب تقديم الرعاية والعناية لهم…
قل: «يجب أن يتم تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة»
لماذا!
إن وسائل الإعلام و السياسيين... مطالبين بتبني لغة حقوقية قوامها تحقيق المساواة وتحييد الإعاقة والبعد عن تكريس النهج الرعائي الوصائي . فالتمتع بالحقوق لا يكون بتوفير الرعاية والعناية، وإنما بتحقيق المساواة واحترام الاستقلالية الفردية والخصوصية للشخص.
لا تقل: «على الرغم من وجود الإعاقة فقد استطاع أن يقهرها ويحقق النجاح»
قل: «على الرغم من وجود العوائق البيئية والسلوكية فقد استطاع أن يحقق ما يريد»
لماذا!
لابد من توخي الحذر في تناولنا لما يسمى ب «قصص النجاح» للأشخاص ذوي الإعاقة. فحصول شخص ذي إعاقة على درجة المستر أو الدكتوراه مثلا، يجب أن يقدّم في إطار أنه في الأصل إنجاز عادي ويحدث كل يوم، ولكن حدوثه مع وجود عوائق بيئية كبيرة هو الذي يجعل من مثل هذا الآمر خبرا يستحق التغطية الإعلامية.
لا تقل: نستضيف اليوم الخبير… في…؛ وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة، ليحدثنا عن…»
قل: نستضيف اليوم الخبير في…. ليحدثنا عن…»
لماذا!
يجب تحييد الإعاقة طالما لم تكن هي موضوع المادة الإعلامية. فتسليط الضوء على الإعاقة وهي ليست عنصرا في التحقيق الصحفي أو اللقاء التلفزيوني أو الإذاعي؛ سوف يصرف ذهن المتابع عن أصل موضوع الحلقة أو التحقيق إلى تأمل شخص الخبير الضيف «كيف أصبح خبيراً وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة»…
لا تقل: واضح من حجم المشاكل والفجوات أن الخطط والبرامج وبعض الجهات تعاني من إعاقة!»
قل: لا تستخدم كلمة «الإعاقة» للدلالة على شيء سلبي أو لانتقاد جهة أو سياسة معينة
لماذا!
إن استخدام أي وصف له صلة بالإعاقة لنقد سياسة أو خطة أو جهة، من شأنه تكريس الاستخدام النمطي السلبي لقضايا الإعاقة وما يرتبط بها من مصطلحات و تعابير، وسوف يعكس تناقضا في الرسالة الإعلامية التي تسعى من جهة إلى تغيير الصور النمطية في مجال الإعاقة، وما تتضمنه مثل تلك التعابير من تكريس لتلك الصور من جهة أخرى. لماذا!
يجب التنويه دائما أثناء تناول حالة فردية ذات صلة بالإعاقة؛ إلى أن هذه الحالة تقدّم جانباً واحداً من جوانب متعددة لأوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، ويجب البعد تماما عن وصف مثل تلك الحالات أيا كان موضوعها بأنها «قصة إنسانية»، فهي قصة واقعية تعكس حقيقة وضع معاش.
لا تقل: «ومن خلال هذا البرنامج نناشد المسؤولين وأصحاب القلوب الرحيمة لمساعدة هذه الآسرة وطفلها المعاق« …
قل: «ومن خلال هذا البرنامج، فإننا نضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم لمراجعة حالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقضاء على أشكال التمييز كافة وتحقيق المساواة في الوصول إلى الخدمات للجميع «
لماذا!
يجب أن تتناول حقوق وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في إطارها الشامل الصحيح وفي ضوء التزامات الدولة بتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، ولا ينبغي بحال أن يكون الإعلام مبرراً لاستعطاف «أصحاب القلوب الرحيمة» وجمع التبرعات في القضايا التي تدخل في صلب منظومة حقوق الإنسان.
لا تقل: «هذه الفئة المهمشة «
قل: «هذه الشريحة الواسعة التي يتم إقصاؤها والتمييز ضدها«
لماذا!
إن وصف الأشخاص ذوي الإعاقة ب «هذه الفئة» قد يؤكد ما تدعيه العديد من الدول من أن أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة لديها منخفض جدا دون دليل يرتكز على إحصاء دقيق قائم على تبني تعريف حقوقي شامل للأشخاص ذوي الإعاقة. وإطلاق وصف «مهمشة»؛ قد لا يعكس جانب الإقصاء الذي يجابهه الأشخاص ذوي الإعاقة بفعل العوائق البيئية والحواجز السلوكية وغياب التدابير اللازمة لإزالتها.
لا تقل: «كل شخص يخجل من الإعاقة عليه أن يتذكر أنه قد يصبح لديه إعاقة في يوم ما«
قل: «الإعاقة هي تنوع واختلاف بشري طبيعي والخجل منها يعكس عدم تجذر ثقافة التنوع وقبول الآخر«
لا تقل: «إن خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة هي غاية نبيلة ولها أثر كبير في الدنيا والآخرة«
قل: «إن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم من الحقوق ما لغيرهم تماما وتحقيق المساواة في ممارسة هذه الحقوق هو أمر واجب؛ تفرضه مواثيق حقوق الإنسان والدستور«
لماذا!
إن ربط ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقوقهم بالغايات النبيلة واعتبارات الثواب والآجر؛ سوف يؤدي إلى جعل التمكين من ممارسة هذه الحقوق أمراً، شخصيّا محضاً، يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه»، الأمر الذي لا ينسجم ومبادئ حقوق الإنسان ومكافحة التمييز والإقصاء.
لا تقل: «يجب أن توفر الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة فرص العمل والتعليم والتأهيل… بما يتناسب وقدراتهم«
قل: «يجب أن تكفل الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة ممارسة حقهم في العمل والتعليم والتأهيل… على أساس من المساواة مع الآخرين في بيئة خالية من العوائق المادية والسلوكية وذلك من خلال توفير الترتيبات التيسيرية وإمكانية الوصول«
لماذا!
يجب أن تبتعد المادة الإعلامية تماما عن تكريس النموذج الطبي الفردي الذي يربط ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقوقهم وحرياتهم ب «القدرات وما تسمح به»، فهذا التوجه هو ما يقاومه الأشخاص ذوو الإعاقة ومنظماتهم؛ لما ينطوي عليه من أحكام غير موضوعية مسبقة على «قدرات الفرد وإمكانياته»، ولما يغفله هذا التوجه من دور العوائق البيئية والحواجز السلوكية في نشأة وتكريس حالة الإعاقة.
لا تقل: «لا بد من التعامل مع مشكلة الإعاقة والتخفيف من آثارها والوقاية منها«
قل: «لا بد من التعاطي مع الإعاقة بوصفها تنوعا بشريا ولا بد من تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز على أساس الإعاقة
*مهتم بقضايا الإعاقة و حقوق الإنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.