لم يكن أقل المتشائمين يتوقع أن تعلن السلطات السورية، مساء الخميس 25 مارس، عن حزمة من القرارات دفعة واحدة وبشكل متسارع تهم القيام باصلاحات كبرى على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، من شأن تنفيذها أن تلج "بلاد الشام" مرحلة إصلاحات كبرى ربما تكون الأهم في تاريخها. ولعل أهم تلك القرارات، التي جاءت بعد موجة احتجاجات شهدتها عدد من المدن السورية وخاصة درعا في جنوب البلاد وخلفت سقوط العشرات من الضحايا، الإعلان عن بحث إنهاء العمل قريبا بقانون الطوارئ. كما أعلن عن إصلاحات لا تقل أهمية من بينها إصدار تشريعات تضمن أمن الوطن والمواطن، وإعداد مشروع لقانون الأحزاب، وإصدار قانون جديد للإعلام، وهو ما أكدته المستشار السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان في لقاء مع الصحافة بدمشق. وبرأي المراقبين فان ترجمة هذه القرارات الثلاث لوحدها على أرض الواقع، إضافة لاتخاذ إجراءات مستعجلة لمحاربة الفساد وإطلاق المعتقلن السياسيين، من شأنه أن يلبي تطلعات المواطنين في مزيد من الحرية والديمقراطية والشفافية. واعتبرت الصحف السورية الصادرة اليوم، أن تلك الاجراءات والقرارات والمراسيم تفتح الباب واسعا نحو آفاق جديدة وتحقق استجابة فعلية للكثير من الاحتياجات، خصوصا أنها تمس قطاعات واسعة من الحياة اليومية للسوريين. وهناك شبه إجماع في سورية بين الناشطين السياسيين والحقوقيين والمواطنيين العاديين على ان إفراز نقلة نوعية على المستوى السياسي يتطلب إصلاحات كبرى وفي مقدمتها إلغاء قانون الطوارئ المفروض في البلاد منذ عام 1963 والذي شكل المطلب الرئيسي خلال الاحتجاجات الاخيرة. ورغم أجواء التفاؤل التي أعقبت الاعلان عن هذه القرارات، فان بعض الاوساط السياسية السورية، تتخوف من أن لا يكون التنفيذ على مستوى القرار مرة أخرى، ومرد هذا التخوف تحديداً عدم امتلاك الجهاز التنفيذي القدرة والكفاءة لقطف ثمار هذه القرارات الهامة" حسب ما ذكر أحد المصادر لوكالة المغرب العربي للأنباء. وقال "في الحقيقة، طالما أجهضت الأجهزة التنفيذية قرارات هامة وحيوية، وأحدثت فيها تحولات، بيولوجية وراثية، فخلقت منها كيانات مشوهة زادت أعباءنا أعباءً ومشاكلنا مشاكل". وأكدت المستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية على أنه سيتم "إجراء تقويم واسع للأداء الحكومي والقيادات الإدارية والمحلية واتخاذ القرارات بشأنها بصورة عاجلة"، مشيرة الى أن بدء تنفيذ القرارات سيكون فورياً وخلال الاسبوع القادم. وسيتم أيضا، تضيف شعبان (الصورة)، تعزيز سلطة القضاء ومنع التوقيف العشوائي والبت في قضايا المواطنين بأقصى سرعة ممكنة، ووضع آليات جديدة وفعالة لمحاربة الفساد، وتعديل المرسوم المتعلق بالمناطق الحدودية بما يخدم تسهيلات معاملات المواطنين وإزالة أسباب الشكوى من تطبيقه. قرارات أخرى تهم الشق الاجتماعي المعيشي، لم تكد بثينة شعبان تنتهي من الإعلان عنها، حتى صدرت على شكل مراسيم رئاسية وتتعلق أساسا بزيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية وتعديل الضريبة على الدخل، وهو ما سينعكس إيجابا، وفورا على الوضع المعيشي للمواطن السوري. وقد لقيت القرارات والمراسيم المعلن عنها، بحسب صور بثها التلفزيون السوري الليلة الماضية، ارتياحا لدى شريحة واسعة من الموطنين السوريين الذين نزلوا الى شوارع عدد من المدن في مسيرات للتعبير عن فرحتهم، وإن كانت أطراف من المعارضة شككت في أن تكون مثل تلك المسيرات عفوية. غير ان بعض السوريين لم يخفوا استيائهم وأسفهم، في آن واحد، لكون هده القرارات والتدابير جاءت متأخرة ، وبعد احتجاجات سقط خلالها قتلى وجرحى في اصطدامات مع قوات الأمن وخاصة في درعا الواقعة على الحدود مع الاردن. كما يتخوفون من أن يبقى كل ما أعلن عنه من قرارات وتدابير مجرد وعود تزول بمجرد احتواء الاحتقان والغضب الجماهيري السائد حاليا.