رغم أن حماد القباج، الشيخ السلفي المعروف، حاول أن يتودد في رسالته المفتوحة للناشط الإسلامي، عبد الوهاب رفيقي أبو حفص، إلا أن مضامينها كانت حافلة بالانتقادات اللاذعة لقرار أبو حفص الالتحاق بالمشروع الإعلامي لإلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة. واستند القباج في رسالته إلى أبو حفص على آيات قرآنية تحذر من إتباع خطوات الشيطان، ومن الزيغ، ومزج بين انتقاد قرار أبو حفص العمل لفائدة مشروع العماري، وبين توجيه نقد أقوى لهذا الأخير، إذ وصفه بأنه زعيم "مشروع الاستئصال السياسي الراديكالي". وجاء في الرسالة "المفتوحة" أن القباج يستغرب كيف أن داعية "مناضلا" ينتسب إلى توجه يعرف المغاربة جميعا أنه "توجه استئصالي، قائم على روح العداء والكراهية والاحتقار وسلوك الإقصاء"، مضيفا أن هذا التوجه هو صاحب "محنة أبي حفص وأصل بلائه بالسجن بضع سنين". وتساءل القباج "أليس هو من تبنى مشروع الاستئصال السياسي الراديكالي الموغل في التطرّف إلى درجة أنه جعل من أهدافه لعام 2012 برلمانا خاليا من حزب العدالة والتنمية؟ أليس هو من تبنى مخطط إغلاق أزيد من 70 من دور القرآن التابعة لجمعيات قانونية ذات أنشطة ثقافية وتنموية؟". "مهما كان نفوذ إلياس، ومهما كانت ثروته، فإن المناضل الشريف لا ينتسب له ولا يخدم مشروعه، إلا إن تراجع عن فكر الاستئصال القائم على كراهية المخالف واحتقاره"، تؤكد رسالة القباج إلى أبو حفص. وربط القباج بين ثناء العماري على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبين كون هذا الأمر "معيار قياس التطرف الشوفيني"؛ فيما ذكر معلقون أن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، الذي لم يدخر القباج جهدا في الدعوة للتصويت لصالحه، التقى بالسيسي وأثنى عليه. واستعان القباج في رسالته بالعديد من الآيات القرآنية للتأكيد على أن "مشروع الاستئصال السياسي" لن ينجح، ومنها: "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"، و"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ". من جهته، لم يرد أبو حفص إلى حين كتابة هذه الأسطر على رسالة القباج، كما أن هسبريس حاولت الاتصال به دون جدوى. ويرى منتصر حمادة، الباحث في الحركات الإسلامية، أن قوة الخطاب السلفي في "توظيف النص الديني لتمرير المواقف السياسية"، قبل أن يقدم المثال على ذلك باغتيال الرئيس المصري أنور السادات، ثم التأصيل له دينيا، قائلا: "هنا مشكلة الخطاب السلفي؛ فأي موقف له القابلية أن يشرعن بنص ديني، وبالتالي قد يخرج بالموقف ونقيضه باستعمال النصوص الدينية". وعن اختلاف القباج مع أبو حفص، قال حمادة: "في السابق كانت العلاقة بين أبو حفص وعدد من المنتسبين إلى التيار السلفي سمنا على عسل، وبمجرد انخراطه في مشروع إعلامي وصفه أحد الشيوخ السلفيين بأنه يحارب الإسلام؛ في حين أن القرار شخصي ولا علاقة له بالدين". ولفت منتصر حمادة إلى أن "القباج كان خلال الانتخابات الماضية يصدر فتاوى، بعضها له شخصيا وأخرى قادمة من المشرق، ومضمونها الرئيسي هو التأصيل الشرعي للتصويت لحزب العدالة والتنمية"، موردا أن السيناريو نفسه سيتكرر خلال الانتخابات المقبلة، التي سيعرفها المغرب العام الحالي؛ وبالتالي فإن الأمر توظيف سياسي للتحضير للانتخابات المقبلة" حسب تعبيره.