تدخل احتجاجات الطلبة الأساتذة المتدربون شهرها الثالث، احتجاجات يطالبون من خلالها بإسقاط المرسومين المنظمين لتكوين وتدريب الأساتذة. في مقالي هذا لن أتطرق للجدل حول الحيثيات القانونية المتعلقة بالتواريخ: هل صدر المرسوم قبل المباراة أو بعدها إلخ.. فهذا إشكال مسطرتي وقانوني يُحل أمام المحاكم الإدارية. كما أنني لن أناقش تعرض الطلبة الأساتذة المضربين للتعنيف. فقد نددت على حائطي الفايسبوكي بالتعنيف الذي طال المحتجين. فالعنف لم يعد مقبولا بعد دستور 2011، كما أن هذا التصرف من طرف الحكومة حور سير النقاش بتسليطه الضوء على العنف بدل نقاش جوهر ولب الإصلاح. لنتطرق إذن لصلب الموضوع ولب الإصلاح. فقد أحدث قانون المالية لسنة 2016 سبعة آلاف منصب شغل في سلك التعليم العمومي بينما تستطيع مراكز التكوين في المملكة استيعاب 10000 طالب. موضوعيا توجد الحكومة أمام خيارين اثنين : فتح مباراة التكوين ل 7000 طالب أستاذ تُوظفهم جميعا بعد التكوين كيفما كانت نتائجهم بعد انقضاء سنة التدريب. خيارها الثاني يتجلى في الاستفادة من القدرة الاستيعابية كاملة (أي 10000 طالب) للتكوين، ثم انتقاء أفضل 7000 متدرب لولوج التعليم العمومي عبر الطريقة الوحيدة التي يمكن بها التوظيف في الوظيفة العمومية ألا وهي المباراة. الحكومة اختارت الخيار الثاني، لأنه سيمكن 3000 شاب مغربي من التكوين مما سيفتح أمامه باب التعليم الخصوصي أو التشغيل الذاتي عن طريق دعم التلاميذ في البيوت أو ولوج مباريات السنوات القادمة أو مباريات استثنائية بُعٓيد مغادرة أساتذة للوظيفة العمومية مثل أولئك الذين ذهبوا للاشتغال في دولة قطر الشقيقة. مطالبة الطلبة الحاليين بإسقاط المرسومين تعني ضمنيا مطالبة الحكومة أن تفتح، من الآن فصاعدا، باب مراكز التكوين لمن ستوظفهم فقط. مما يعني حرمان أكثر من 3000 شاب مغربي سنويا من التكوين وفتح باب البطالة على مصراعيه في وجهه. هذه أنانية صادمة تذكرني بالآية الكريمة "يخربون بيوتهم بأيديهم". فهؤلاء الشباب يخيرون الدولة بين الوظيفة العمومية أو عدم التكوين. أي أنه يجب أن نكوِن فقط 10٪ من الشباب المغربي لأن هذه هي القدرة الاستيعابية للوظيفة العمومية. بينما بالنسبة للباقي (90٪) يفضّل الشباب المضربون بمنطقهم هذا ألا تكونهم الدولة وإلا أصبحت هذه الأخيرة مجبرة على توظيفهم. لا أدري من أين أتى هؤلاء بمنطقهم الأناني هذا والذي لن ينتج عنه إلا مزيد من التخلف والخفض من المستوى التكويني والمعرفي لشبابنا. لذلك أنبه شباب المغرب لخطر هذا المنطق عليهم وعلى مستقبلهم. وأناشدهم أن لا يساندوا هؤلاء الطلبة المضربين ومنطقهم الاناني لأن هؤلاء يسعون إلى خراب بيوتهم ومستقبلهم.