عرفت الأشكال الاحتجاجية التي عرفها المغرب مؤخرا، من مسيرات الأساتذة المتدربين المطالبين بإسقاط مرسومي فصل التكوين عن التوظيف وتقليص المنحة إلى أكثر من النصف، والمسيرات الشعبية في طنجة بسبب غلاء فواتير "أمانديس"، بالإضافة إلى احتجاجات الطلبة الأطباء، عددا من الشعارات التي لا علاقة لها بالمطالب التي ينادي بها المحتجون، كما شابتها عدد من الاختلالات والتجاوزات، على غرار طرد صحافيي القناة الثانية من مسيرة الأساتذة المتدربين الأخيرة، ومنعهما من تغطيتها. وإلى جانب الشعارات المطالبة بإسقاط المرسومين في احتجاجات الأساتذة المتدربين، طغت شعارات حركة عشرين فبراير، خاصة مع تزامن حراك "أساتذة الغد" مع الذكرى الخامسة لانطلاق الحركة سنة 2011، إذ رفعت شعارات مطالبة ب"الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية" في كل المسيرات التي دعت لها تنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، خاصة تلك التي عرفت مشاركة الآلاف بالرباط، فيما حضرت كذلك شعارات منددة بالتدخل الأمني الذي تعرض له الأساتذة المتدربون في عدد من المدن المغربية، خلال ما بات يعرف ب"الخميس الأسود". المسيرات الأخيرة للأساتذة المتدربين تطرح عددا من الأسئلة حول مدى نضج الحراك الشعبي بالمغرب، ومدى وعي رافعي الشعارات بالحراك الذي يخوضونه، والأشكال النضالية التي اختاروا من خلالها المطالبة بالاستجابة لملفهم المطلبي. محمد الهاشيمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ابن زهر بأكادير، أكد أن ما يحدث في المغرب حاليا من أشكال احتجاجية يعود أساسا إلى أن مؤسسات الوساطة الموجودة، من أحزاب سياسية ونقابات، لا تقوم بدورها، المتمثل في رفع مطالب المجتمع إلى الدولة، "وهذا ما جعل الاحتجاجات الفئوية تأخذ بعدا أكبر من حجمها العادي". وقال الهاشيمي، في تصريح لهسبريس، إن الاحتجاجات لم تكن في السابق تأخذ هذا البعد، إذ كانت الأحزاب والنقابات قوية، وتفرض نفسها كمحاور للدولة، أما الآن، وخاصة مع الاختلالات التي عرفها المشهد الحزبي والنقابي بالمغرب، فقد أصبح عدد من النقابيين يطالبون الدولة بحوار اجتماعي "جاد"، وإلا ستجد نفسها أمام تنسيقيات فئوية. وفي ما يخص الشعارات المرفوعة خلال المسيرات الاحتجاجية للأساتذة المتدربين، اعتبر محمد الهاشيمي أن المغرب أصبح ساحة مفتوحة للاحتجاجات، فيما لا تزال ارتدادات حركة "عشرين فبراير" مستمرة، معللا ذلك ب"كون الإصلاحات كانت على المدى القصير، وتبينت صحة الفرضية التي كانت تقول إنه تمت إعادة إنتاج النظام القديم". وتابع المتحدث ذاته بأن هناك فئة غير راضية عن مآل حراك عشرين فبراير لازالت تنشط في الساحة المغربية التي أصبحت مفتوحة، "فحتى لو كان الحراك فئويا إلا أنه يمكن أن يصير مطية لطرح مطالب تتجاوز سقفه"، يضيف الهاشمي. وفي الوقت الذي اعتبر أن الاحتجاجات الفئوية كانت تنظم في السابق بتنسيق مع النقابات والأحزاب، شدد أستاذ العلوم السياسية على أن معطى غياب التجربة يبقى حاضرا، بالإضافة إلى أن هناك ثقافة جديدة أصبحت لا تؤمن بدور المؤسسات القائمة، وتعتقد أن النقابات والأحزاب مستهلكة.