عندما يطرح السؤال السياسي بالمغرب يطرح الجميع اشكالية الأحزاب السياسية و قدرتها على استيعاب المتغيرات السوسيولوجية و الثقافية على الساحة الوطنية و تمكنها من تجديد هياكلها و أساليب اشتغالها … كما يطرح السؤال على الفاعل المدني لاشتغاله على واجهة أكثر تخصصا. إلا أنه نادرا ما يطرح السؤال النقابي بالمغرب و علاقته باختلال العلاقة بين السلطة و المواطنين. في مستهل التحليل, يجب التذكير بملاحظات أساسية : ضعف قدرة النقابات على تعبئة الشغيلة : إن ملاحظة تظاهرات عيد الشغل في السنوات الأخيرة يوحي بأن النقابات عامة لا تستطيع تعبئة حتى منخرطيها. لا داعي للتذكير بالمحطات الأخيرة و حجم المشاركة فيها. ضعف تجذر النقابات في القطاع الخاص عموما و في القطاعات الجديدة (الافشورين, مراكز الاتصال, …). تعدد النقابات و المركزيات بحيث يتواجد في قطاعات معينة أكثر من 30 نقابة تدعي تمثيل الشغيلة. و حيث لا يتفهم المواطن المغربي تعدد الأحزاب السياسية, لا سيما يسارا, و لا يعرف كيف لا تدبر اختلاف التقديرات السياسية داخل الحزب الواحد, فإن التعدد المرضي للنقابات فهو غير مفهوم البتة, إذ لا معنى لكثرة النقابات التي تدعي كلها الاستقلالية و الدفاع عن نفس المطالب. ثم هناك اشكال اخر يعمق تعقيد السؤال و هو مسألة الزعامات الأبدية. الغريب في الأمر أن يستمر البعض في الدفاع عن الزعيم الأبدي بينما في بلدان أخرى يتقاعد السياسي في سن 45 و هو قد كان رئيسا للوزراء. "أعطت الدولة زيادة 600 درهم شهريا لفائدة موظفي القطاع العام (حوالي 900000) سنة 2011، ما نعتبره شراء للسلم الاجتماعي تجنبا لانضمام النقابات إلى مسيرات 20 فبراير، و هو ما يعادل خلق 90.000 منصب شغل بالنسبة للشباب ذوي التعليم العالي بأجر 6000=درهم شهريا!"فهل تدافع النقابات فعلا عن الشرائح المنهكة من الشعب المغربي؟ ماذا لو خيرت الاسر المغربية بين زيادة بسيطة و بين 90 ألف منصب شغل؟ في حركات احتجاجية عديدة لم نرى دورا للنقابات. دون حاجة للرجوع كثيرا للوراء, احتجاجات سكان الشمال على شركة التدبير المفوض, احتجاجات الطلبة الأطباء, احتجاجات الأساتذة المتدربين, … كلها حركات احتجاجية, فئوية كانت أم جهوية, لم تلعب النقابات دورا في تأطير الاحتجاجات أو في عرض تصورات تفاوضية. لا داعي للتذكير بدور النقابة التونسية في عملية الانتقال الديمقراطي بعد ثورة الياسمين, كما أنه لا داعي للتذكير بدور النقابة في ألمانيا في اقتراح السياسات العمومية أو دورها في اليونان في تشكل وعي سياسي بجانب قوى التقدم و مقاومة التقشف. يتساءل المغاربة اليوم, أمام الهجمة النيولبرالية لحكومة السيد بن كيران خصوصا في تخلي الدولة عن الخدمات العمومية كالمستشفى و المدرسة و تفويتها للخواص, حيث يستفيد وزير في الحكومة من دعم التأمين عن الفلاحة و شراء المصحات حتى قبل صدور القانون … (يتساءل المغاربة) عن دور النقابة المفترض في الدفاع عن الخدمة العمومية, كما يتساءلون عن دورها في مواجهة خطة تفكيك التقاعد و تفكيك الدعم عن المواد الأساسية … لكن لا حياة لمن تنادي. إن تأجيل السؤال النقابي في المغرب يعد أكبر معضلة في البناء المجتمعي و السياسي.