مثل كرة الثلج المتدحرجة، تحول موضوع تحرش عدد من اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين بألمانيات في مدينة "كولونيا" إلى قضية تحظى باهتمام عالمي، دفعت الحكومة إلى التدخل والعمل على ترحيل مهاجرين غير نظاميين مغاربة وجزائريين نحو بلديهم، بيد أن وسائل إعلام عالمية، وخصوصا الأوروبية منها، وجدت في الحادثة ما يدعو إلى الهجوم على حكومة المستشارة الألمانية وسياستها في استقبال اللاجئين، وهي السياسة التي لم تكن ترق للعديد من الدول الأوروبية، وبعد ذلك توجيه نقد للاجئين، وعبرهم للمهاجرين، بالنسبة لبعض الأوساط الأوروبية اليمينية. وكانت الصحف الفرنسية سباقة في هذه الحملة، انطلاقا من الكاريكاتير "الفظيع" الذي أصدرته مجلة "شارلي إيبدو" تسخر فيه من جثة الطفل الكردي السوري أيلان، الذي خلفت طريقة وفاته صدمة عالمية، ويقول الرسم إن أيلان لو عاش، كان سيصبح متحرشا بالنساء في أوروبا، كما أن عددا من الصحف الفرنسية ركزت على وجود مغاربة وجزائريين ضمن المتورطين في قضية التحرش، ونقلت تصريحات الأمن الألماني بإمكانية "وجود مافيا" مغربية تقف وراء القضية. اهتمام الصحف الفرنسية والأوروبية بالحادثة فسره البعض بكون "التحرش يعتبر جريمة غير مقبولة"، بيد أن محاولة التعميم والخلط التي تقوم بها الأوساط السياسية، وحتى الإعلامية الغربية، بين المهاجرين واللاجئين وجمعهم في سلة واحدة مع المتورطين في قضية التحرش، دفع إلى "استغلال قضية التحرش للتحريض ضد المهاجرين واللاجئين"، خصوصا وأن المغاربة والجزائريين وجدوا أنفسهم في قلب العاصفة لتورط شباب منهم في الحادثة. وتعليقا على تطورات "التحرش في ألمانيا"، اعتبر محمد النشناش، الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أن الحق في التنقل "أقره المجتمع الدولي والمواثيق الدولية، وبالتالي لا يمكن المساس بحقوق المهاجرين الذين يوجدون في وضعية قانونية في أوروبا"، مواصلا أن اللجوء هو الآخر حق مشروع "لأنه عندما يوجد الإنسان معذبا ومهانا في كرامته، فله الحق في اللجوء إلى بلد آمن تحقيقا للحق في الحياة". النشناش أوضح أن "استغلال" بعض السياسيين، وحتى وسائل الإعلام، الحاملين لأفكار يمينية متطرفة لواقعة التحرش، ما هو "إلا نتاج للتغيرات التي عرفتها أوروبا خلال السنوات العشر الماضية، حيث عاشت أزمات اقتصادية وشهد اليمين المتطرف تناميا، انطلاقا من النمسا وصولا إلى هولندا ثم فرنسا"، مبرزا أن "الهجوم على المهاجرين واللاجئين مرده إلى الأزمات الداخلية التي تعيشها أوروبا، وعندما تعجز الدول عن إيجاد حلول حقيقة للأزمات فإنها تلقي باللائمة على الأجنبي والغريب". في المقابل عبّر النشناش عن إدانته لما أسماه التصرفات "غير الأخلاقية" التي أقدم عليها بعض الشباب من خلال تحرشهم بألمانيات، "وجاءت هذه القضية بعد أسابيع قليلة من العمليات الإرهابية التي كان وراءها شباب من عائلات مهاجرة، وبالتالي فهي جاءت لكي تعقِّد أوضاع اللاجئين والمهاجرين". وشدد الحقوقي المغربي على أنه بموجب سيادة كل دولة "يحق لها ترحيل الأجانب الذين لا يملكون حق الإقامة ويقيمون بطريقة غير شرعية، لأنه لا يمكن أن نفرض على أي بلد أن يقدم الإقامة لفرد لا يحترم القانون وتمت إدانته من طرف القضاء"، بتعبير الرئيس السابق ل "OMDH".