إنتفض نشطاء الفايسبوك، بشكل غير مسبوق، للمطالبة ببتر إحدى أذرع الريع التي غرفت، ولا زالت تغرف، من أموال الشعب دون مبرر قانوني يذكر، ويتعلق الأمر بمعاشات الوزراء والبرلمانيين. إنتفاضة سلمية وحضارية إنطلقت شرارتها مباشرة بعد زلة لسان لوزيرة منتدبة في حكومة منافقة، يدعي الحزب الذي يقودها أنه ذو مرجعية إسلامية. ويبدو أن رسالة الفايسبوكيين والفايسبوكيات قد وصلت إلى من يهمهم الأمر، خصوصا عندما سمعنا أن بعض الأحزاب قررت تقديم مشروع قانون يقضي بإلغاء هذه المعاشات. وفي المقابل، خرج "سياسيون" آخرون يدافعون عن معاشاتهم بلغة متخمة بالتضليل والتغليط، كما فعل قيدوم الوزراء، "الأسطورة"، محند العنصر الذي وصف الجدل الواسع بشأن ريع المعاشات بالخارج عن السياق، وياليته تفضل ليفسر للمغاربة ما يقصده ب" السياق". لقد أثبت الفايسبوك أنه يملك سلاحا هجوميا لن تقدر سياسة التضليل والتدليس على مواجهته، لأنه سلاح حاد ونفاذ، يبعثر أوراق من استهدفه، خصوصا إذا كان المستهدف غارقا في الظلم والغي، والمهاجم مدججا بنبال قول الحق والإجهار بالمنكر. فليجند نشطاء الموقع الأزرق، العاتي، حملتهم السلمية على كل مجالات الفساد التي عطلت تقدمنا ونماءنا لعقود عديدة. ليجعل جيش الفاسبوك من موقعه سلاحا مدمرا يهدم به كل قلع الفساد التي حرمت الشعب حقه من ثروة الوطن منذ زمن بعيد. ملفات ريع وفساد كثيرة، مسكوت عنها، وتنتظر حظها للخروج إلى العلن، مستنجدة بدعم ومساندة جيش الفايسبوك، عندما غطى عنها، بنية مبيتة، من وعدنا بالكشف عنها والتصدي لها إن هو حكم. لكنه لم يفعل لأن جبروت أقطاب ممتهني الريع أربكوه "بعتادهم" العنيد والمنيع، وهددوه أن ينسى نصيبه من ف"الوزيعة" إن هو بالحق جهر. ألا يعلم السيد العنصر وأمثاله، من المسؤولين، أنهم هم من وضعوا منصات في شوارع المدن والقرى ونمقوا خطابات، مبنية على الأكاذيب والأوهام، من قبيل " العدالة الإجتماعية" و " محاربة الفساد والريع"لاستجداء أصوات الناخبين؟ والآن يطلون على من زكاهم، بصوته، ليقولوا له أن الريع مشروع، وأن الدولة هي من شغل البرلماني، وبالتالي وجب عليها صرف معاشه. نقول للسيد العنصر: ليست الدولة من شغلت البرلماني، بل الشعب هو من "انتدب" البرلماني في تعاقد سياسي ليمثله في مهمة محدودة في الزمان والمكان. بل ليس كل البرلمانيين مسنودون بتزكية من الشعب، لأن العديد منهم استفاد من كوطة الشباب الممنوحة، على طبق ريعي سياسي، للأحزاب، دون أن يمروا من محك الإقتراع. لا يتعلق الأمر هنا بتعاقد يحكمه قانون للشغل، وإنما بمهمة تهافت عليها البرلمانيون أنفسهم عن طواعية واختيار. لهذه الأسباب قال الشعب أن المعاش الذي يتقاضوه هؤلاء، بعد إنتهاء مدة انتدابهم، هو ريع وسرقة موصوفة وجب القطع معها. أما خرجات العنصر، وأمثاله، وأمثال أمثاله، تعتبر تضليلا وتدليسا للحقيقة وتعبيرا صارخا عن تشبث هؤلاء بالريع والنهب والاحتكار. سكت العنصر وأمثاله حينما كسرت جماجم أساتذة أبرياء خرجوا ليصرخوا في وجه الظلم الذي لحق بهم، وسرق منهم حقهم المشروع في التوظيف والأجرة. لم يتكلم العنصر وأمثاله ليكشفوا لنا من أمم المقالع وترك الشعب يكتوي بأثمان رمالها. لماذا لا يفصحوا، كما وعدوا، عن من احتكر البحار وحرم الشعب من خيرات سمكها؟. لماذا عجزوا عن محاربة مأذونيات النقل التي ابتزت جيوب البسطاء بأسعارها؟. لماذا تصيبهم اللقوة حين يتعلق الأمر بالثروات الخيالية التي يمتنع ناهبوها عن آداء واجبات ضرائبها؟. لماذا يمسكون العصا من الوسط في موضوع الملايير المسروقة ومن هربها؟.و....و....؟. كل هذا سكتوا عنه، لكن عندما تحرك الموقع الأزرق للتنديد بأجورهم ومعاشاتهم المشبوهة بشبهة الريع، خرج العنصر وآخرون، من صمتهم، ليدافعوا بشراسة شديدة عن هذا الريع، بل اعتبروا الجدل الواسع بشأن إلغائه أمرا خارجا عن السياق، وفجأة حضروا، إلى البرلمان، للتصويت "بنعم" على ميزانية 2016 التي خصصت 40 مليار لمعاشات استثنائية وتكميلية لصالح مسؤولين وإداريين وسياسيين سابقين. اللهم إن هذا منكر!!!!!!!