أجرت صحيفة الباييس الإسبانية حوارا هاتفيا مع الكاتبة والمناضلة المصرية الشهيرة نوال السعداوي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة نشرته الثلاثاء الماضي فيه استعاد وتذكير بمواقفها الثابتة من قضايا المرأة في ضوء انخراطها في الثورة المصرية ننشره بتصرف فيما يلي : الباييس : ما هي دلالة التحرير (ساحة التحرير) بالنسبة للمراة المصرية؟ السعداوي : كثيرة. لأول مرة النساء و الرجال أصبحوا سواسية. النساء من كل الاعمار و الطبقات ضمنهن نساء مع اطفالهن الرضع كنا ينمن في ساحة التحرير الباييس : وأنت ذهبت الى ساحة التحرير؟ بالطبع، منذ البداية و لأيام عديدة. الآن ساكون خارج مصر بضعة أسابيع. و لكن عند عودتي سأذهب الى ساحة التحرير كل المرات التي ستكون ضرورية إلى أن ننتصر الباييس : ماذا تنتظرين على وجه التحديد؟ السعداوي : كان عليهم أن يضموننا كنساء في لجنة إصلاح الدستور. هم ضموا فقط ثمانية رجال دون اية امراة، و لذلك سننظم يومه الثلاثاء مسيرة مليونية للنساء بالقاهرة و نثق في أننا سنتلقى التأييد من النساء في إسبانيا الباييس : وما هو شعار المسيرة؟ السعداوي : أن تعتمد كل لجان و مؤسسات مصر الجديدة على النساء. لقد انتهى العهد الذي كان فيه الرجال هم من يقررون الباييس : ،تخافين من أنه بعد الثورة كل شيء سيبقى كما هو في السابق؟ السعداوي : لا، لقد تمكننا من إسقاط مبارك و بعض رجالاته. لكن مشكل المرأة مزمن و متأصل في النظام الأبوي و في الدين، لذلك طلبنا بدستور علماني و قانون علماني للأسرة و بدولة علمانية منفصلة عن الدين. مات النساء في ساحة التحرير مثل الرجال و عليهم ان ياخذن في الاعتبار الباييس : هل توافقين على الاصلاحات الدستورية التي قامت بها هذه اللجنة والتي ستعرض على التصويت يوم 19 المقبل السعداوي : كانت لجنة تقليدية. قامت فقط بتغييرات صغيرة. مسيرتنا هي من أجل المطالبة بتغيير راديكالي تحتاجه النساء المصريات الباييس : ألن تكون هناك نتائج عكسية عند المطالبة بالكثير؟ السعداوي : لن نقبل بالتمييز مرة اخرى بعد أن شاركنا في الثورة. علينا أن نتمرد و نكافح من أجل حقوقنا. ليس لدينا خوف من فقدان اي شيء، لأننا لا نملك سوى أرواحنا. الباييس : لماذا اندلعت الثورة ؟ السعداوي : بسبب تراكم القهر و الفساد. النظام كان فاسدا حتى أصبح لا يطاق. الباييس : وما هو الدور الذي لعبته المرأة ؟ السعداوي : كل الأدوار بما فيه الموت. كنا هنا منذ البداية على استعداد من دون فرق مع الرجال الباييس : هل كنت تتوقعين شيئا كهذا؟ السعداوي : حلمت بهذا و أنا لدي 10 سنوات، ما يعني اني خلال 70 عاما و أنا أنتظر هذا اليوم. لم يفاجئني لاني قضيت حياتي كلها في النضال من أجل ذلك. لكن ظهوره كان مفاجئا. و أنا سعيدة باني وصلت حية إلى الثورة الباييس : هل تعتقدين أن النساء كن نشيطات؟ السعداوي : في منزلي بأتي شباب رجال و نساء ممن يهتمون بكتبي و هم تقدميون أناقش معم مواضيع مختلفة. لكن لا احد منا اعتقد ان ملايين المصريين سيحتلون الشوارع. هم أزيد من ستة ملايين من وقت لآخر زاروا ساحة التحرير الباييس : تظنين ان ذلك أيقظ المرأة المصرية؟ السعداوي : نعم، النساء و الرجال لاننا لم نستطع ان ننفصل عن بعضنا البعض. المرأة لا تستطيع أن تتحرر إذا كان الرجل غير متحرر، و بنفس الشكل، الرجل لا يستطيع أن أن يتحرر إذا لم تتحرر المرأة و كلنا نحتاج الى بلد حر الباييس : كيف ستنظم المسيرة المليونية للمراة؟ السعداوي : في الحقيقة الفكرة جاءت من رجال شباب و تقدميين لديهم ولوج إلى تويتر، فايسبوك و مواقع اجتماعية اخرى، اجتمعوا في منزلي و نحن فريق يعمل فيه رجال و نساء الباييس : ستعودين إلى القاهرة للمشاركة في المسيرة؟ السعداوي : ضروري، لدينا قيادة مشتركة و الشباب بالاخص هم من سيقودون المسيرة و انا ساسير في الخلف. انا فقط داعمة لهم. يقولون بأني عرابة و الام الروحية للثورة الباييس : ما هي وضعية المراة المصرية حاليا؟ السعداوي : ثمة تمييز كثير. مازال هناك تعدد الزوجات و نريد إلغاءه، فضلا عن أن الرجل بإمكانه تطليق الزوجة من دون استشارتها الباييس : هل الدستور المصري الحالي يدعم تعدد الزوجات؟ السعداوي : نعم، لأنه يقول إن قانون الأسرة لا يمكن أن يتناقض مع الشريعة الإسلامية. والشريعة تسمح بتعدد الزوجات. مصر لديها واحدة من مدونات الأسرة الأكثر تخلفا في العالم العربي. الباييس : لهذا السبب تريدين نساء في لجنة إصلاح الدستور؟ السعداوي : بالطبع، نساء و رجال شباب لأنهم ضموا فقط رجالا تقليديون و ر جال دين الباييس : تعتقدين أن إعداد دستور جديد سيكون الإنجاز الأساسي للثورة؟ السعداوي : نعم، إذا كان لدينا دستوري جذري علماني، و رجال ونساء و مسيحيون و مسلمون متساوون، سيكون مساهمة جبارة بدل الدولة التقليدية. العلمانية أساسية لأية ديمقراطية أصيلة. التغييرات المحدثة هذه الايام في الدستور الذي يريدون اعتماده يقول بند ه 2 إن الاسلام هو دين الدولة المصرية و هذا يجب أن يختفي الباييس : تعتقدين أن التمييز له أصل ديني؟ السعداوي : نعم، الدين هو إيديولوجية سياسية و علينا ان نفصله عن السياسة. المرأة لا يمكن ان تتحرر تحت أي دين : لا المسيحية و لا اليهودية و لا الاسلام. النساء أقل درجة من الرجال في كل الاديان الباييس : أ لا تعتقدين أن هذا النقاش جد راديكالي في مصر؟ السعداوي : لا، عندما كنت في ساحة التحرير، التقيت عدة أناس يتقاسمون معي نفس الرأي، و هم شباب تقدميون كثيرون ضمنهم رجال من الجيل الجديد في حركة " الاخوان المسلمين" الباييس : تخافين أن تظل مصر تحت مراقبة "الاخوان المسلمين؟ السعداوي : لا، أخاف فقط من الولاياتالمتحدة و اسرائيل لأنهما ستجلبان "الاخوان المسلمين" الى السلطة. كنت بداية الثورة الإيرانية عام 1979. و كانت في انطلاقتها علمانية و اشتراكية. لكن الولاياتالمتحدة شعرت انها مهددة بثورة اشتراكية و دفعت بإجهاضها. الخميني وصل الى إيران على يد فرنسا و بريطانيا و الولاياتالمتحدة. هم فضلوا ثورة دينية على ثورة اشتراكية و الاشتراكية هي العدو الاصلي للرأسمالية. في مصر حصل نفس الشيء، إذ فجأة جاؤوا برجل دين محترم (يوسف القرضاوي) الى ساحة التحرير. نحن ضد هذا. لكن لن نخاف من "الإخوان المسلمين" لأنهم أقلية. الباييس : ماذا تطلبين من الحكومة الجديدة؟ السعداوي : إقالة احمد شفيق (المعين وزيرا أول في الايام الاخيرة من حكم مبارك) كان كذلك إنجازا لثورة التحرير. نثق ان الرئيس الجديد لحكومة سلام شريف دعم خلق مجلس رئاسي مشكل من رجال و نساء مستقيمين الذي، بشكل انتقالي، يمارس السلطة التي بحوزة الجيش و بدون تسرع لانه ثمة حاجة الى تشكيل أحزاب جديدة و إجراء انتخابات حرة و تحرير دستور علماني جديد الباييس : تتقين بالإرادة الديمقراطية لمجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يسير مصر حاليا؟ السعداوي : ليس مسألة ثقة و إنما مسألة سلطة. إذا انسحب المتظاهرون الى منازلهم الآن و الشعب لم يعد يتكلم، الجنود سيفعلون مثلما فعل نظام حسني مبارك. إذا السلطة لم تمارس سلطتها ، و ليس هناك برلمان يقدم المساءلة، فإن مصر او اي بلد آخر سيسقط في الديكتاتورية. الشعب عليه أن يمارس سلطته و الجنود إذا لم يفوا بالتزاماتهم مع الشعب سنعود الى ساحة التحرير. هذه هي الثورة الباييس : وانت تعتقدين بالثورة ؟ السعداوي : نعم، الثورة لم تنته بعد. سنستمر في ساحة التحرير الى أن يفوا بالالتزامات. الباييس : تعتقدين أن مصر الجديدة حققت بداية جديدة؟ السعداوي : نعم، مليئة بالأمل و الأمل هو القوة.