إلى حد الآن، يبقى الوجود الاقتصادي للقوة الثانية في العالم خجولا في المملكة، وهذا ما استدعى من الرباط أن تقوم بإطلاق إستراتيجية صناعية من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية وتقوية حضورها لتكون بمثابة قنطرة العبور إلى القارة الإفريقية. تقرير إخباري لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، المتخصصة في الشأن الإفريقي، رصد طبيعة العلاقات الاقتصادية التي تربط الصين، باعتبارها القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، بالمغرب. أكد فيه وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي، خلال مؤتمر رجال الأعمال المنعقد شهر نونبر الماضي بمراكش، أن المغرب وضع إستراتيجية موجهة إلى الصين من أجل خلق شراكة حقيقية بين البلدين، والعمل على تطوير العلاقات الاقتصادية، فإنه لا يخفي طموح المغرب من أجل جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إليه. وعلى الرغم من تطور المبادلات التجارية بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها تبقى أضعف بثلاث مرات مقارنة مع حجم المبادلات بين الجزائر وبكين، في حين يعرف الميزان التجاري عجزا كبيرا لصالح الصين. ويعود تطور هذه المبادلات، بشكل رئيس، إلى نمو الصادرات الموجهة إلى المغرب، التي ارتفعت من 7.9 إلى 29.5 مليار درهم ما بين سنتي 2004 و2014. هذه المعطيات تبدو أكثر ضعفا من وجهة النظر الصينية، ذلك أنه، وبحسب معطيات وزارة التجارة الصينية، فإن المغرب لا يبرز في لائحة العشرين وجهة المفضلة لدى "التنين الصيني" في القارة الإفريقية في الفترة ما بين 1998 و2012، إضافة إلى أن الصندوق الصيني الإفريقي للتنمية قام بدعم أكثر من 80 مشروعا لمقاولات صينية في القارة، لم تشمل المملكة، إلى حدود هذه السنة. وما بين 2009 و2013 لم تمثل الاستثمارات الصينية المباشرة في المغرب إلا 63.6 مليون درهم، أي ما يناهز 12.7 مليون درهم كل سنة، على عكس فرنسا التي وصلت فيها الاستثمارات الصينية إلى ما يناهز 30 مليارا خلال سنة 2013 لوحدها، وهذا ما يفسر بعدم توفر المغرب على موارد طاقية أو مناجم للأحجار النفيسة. وعلى الرغم من هذه الوضعية، إلا أن الرباط تطمح إلى تقارب أكبر مع العملاق الآسيوي، حيث يؤكد السفير الصيني المعتمد لدى المغرب، شان سوزنغ، أن استثمارات بلاده عبر العالم تضاعفت منذ 2004، خاصة مع تشجيع الحكومة للمقاولات من أجل الاستثمار في الخارج، وذلك استنادا إلى سياسة جديدة تهدف إلى جعل الصين "مصنع العالم"، يستفيد منه أيضا السوق الداخلي الصيني، خاصة مع انخفاض قيمة الأجور وكلفة الإنتاج. وتساهم إعادة الانتشار في خلق حوالي 85 مليون منصب شغل في الصين، يستفيد منها السوق الداخلي بالأساس، فيما تستفيد بعض الدول، بما فيها المغرب، من نسبة ضئيلة من هذه المناصب، من خلال الاستثمارات الصينية، وكذا المصانع التي يتم فتحها. الرباط تستطيع إقناع عددا من المجموعات الاقتصادية الصينية، خاصة في مجال السيارات، من أجل أن تكون حاضرة إلى جانب عدد من الفاعلين الأجانب في المغرب، وذلك بالتركيز على تطوير قطاعات معينة وأكثر جاذبية، كما فعلت كل من فيتنام وكوموديا، يؤكد الخبير الاقتصادي أوري دادوش.