ليلة السبت الأحد الماضيين، اهتز سكان دوار أولاد بركات، بمدينة الفقيه بنصالح، على وقع جريمة قتل بشعة، عندما وجّه شاب طعنات غادرة وقاتلة لوالدته على مستوى الرأس، وأقدم على ذبح والده السبعيني من الوريد إلى الوريد، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى المدينة، وذلك لأسباب عائلية ونفسية، بحسب ما يروج وسط السكان. المشهد الثاني: شبان جانحون، قيل إنهم يعيشون حياة التشرد بشوارع الدارالبيضاء، أقدموا، قبل أيام قليلة، على الاعتداء بالأسلحة البيضاء على شاب تربطه بهم علاقة صداقة وتسكع، حيث بالغوا في ضربه وجرحه، قبل أن يعمد أحدهم إلى إضرام النار في جسد الضحية، وهو ما أفضى بعد ذلك إلى وفاته. المشهد الثالث: في خريبكة هذه المرة، استفاق سكان المدينة الفوسفاطية على خبر جريمة بشعة أخرى بحي الأمل، عندما أقدم رجل، في عقده السادس، على قتل أم أبنائه، بسبب خلافات زوجية، باعتبار أن زوجته ترفض الإقامة معه وتوثر الذهاب عند أسرتها، حيث قام بطعنها بسكين على مستوى العنق، ثم في مناطق مختلفة من جسدها، إلى أن سكن غضبه الجامح. المشهد الرابع: في طنجة، عرف حي المصلى، قبل أسابيع قليلة، جريمة قتل بشعة في حق شاب لم يتجاوز بعد عقده الثاني، حين تعرض لطعنات قاتلة بالسلاح الأبيض من طرف شقيقين، بسبب "تصفية حسابات سابقة". وفي الدارالبيضاء قُتل شاب أيضا في اعتداء شنيع على يد ثلاثة إخوة كانوا تحت تأثير المخدرات. ولا تقف مثل هذه المشاهد المريعة عند اللقطة الرابعة ولا الخامسة، بل تتكرر هنا وهناك في العديد من مناطق البلاد، خاصة في الآونة الأخيرة، حيث بات الحل الأيسر للمشاكل العائلية والتواصلية بين بعض الناس هو الاعتداء الشنيع، والقتل بطرق توغل في البشاعة والوحشية في بعض الأحيان. جوانب نفسية واجتماعية وتطرح مثل هذه الجرائم البشعة التي ترصدها الكثير من المنابر الصحافية بالمتابعة والإخبار، سؤالا عريضا عن سبب توجه المعتدين نحو تصفية الشخص المعتدى عليه بطرق غير مسبوقة، مثل الطعن بالسلاح الأبيض في مناطق عديدة من الجسم، أو التركيز على العنق، أو إضرام النار في الجسد. المعالج والمحلل النفسي، محمد قجدار، قال، في تصريح لهسبريس، إنه لفهم شخصية مقترفي مثل هذه الجرائم التي توصف عادة بالبشعة والوحشية، لكونها لا تتوقف عند القتل "العادي"، بل تتجاوزه إلى التمثيل بالجثة أو "الإفراط" في القتل، يتعين أن يتم استيعاب ميكانيزمات علم النفس الجنائي وعلم الاجتماع الجنائي. علم النفس الجنائي، وفق قجدار، يروم التعرف على الخصائص النفسية لمن ارتكب مثل جريمة الدارالبيضاء أو جريمة الفقيه بنصالح، وغيرهما من المناطق، حيث غالبا ما يكون الجاني "مستعدا" ذهنيا ونفسيا لاقتراف جريمته، من خلال قدرات ذهنية تحفزه على القيام بما قام به، دون أن يشكل ذلك مشكلا بالنسبة لضميره حين ارتكاب فعلته. وذهب قجدار إلى أنه في الغالب لا يتم الارتكاز على مثل هذه الدراسات الخاصة بعلم النفس الجنائي، بقدر ما يلجأ الكثيرون إلى معرفة الجانب الاجتماعي المتسبب في الجريمة، وهو ما يصطلح عليه بعلم الاجتماع الجنائي، مبرزا أن المحامي الفطن غالبا ما يحاول التخفيف عن موكله بالتركيز على هذا المعطى. ويرى المتحدث ذاته أنه مهما تم التفصيل في العوامل النفسية والجنائية المفضية إلى ارتكاب جرائم تبدو وحشية وبشعة في عدد من مناطق البلاد، إلا أن ذلك لا يمكن اعتباره تبريرا ولا مسوغا لتلك الأفعال اللاحضارية واللا أخلاقية، باعتبار أن إزهاق روح إنسان هو رزء فادح لأسرة الضحية وللمجتمع، فكيف بالإفراط في قتله بطرق بشعة ووحشية.